مستقبل العراق في ظل التواجد الأمريكي من عدمه

Kurd24

لقد خلف عدم استقرار السياسي في العراق نوعاً من الفوضى في جميع مفاصل الدولة وفراغاً امنياً عارماً في البلاد، ولم يقتصر الامر على الناحية الامنية فحسب، بل امتد الى العلاقات الخارجية، مما فتح الباب أمام التدخلات الخارجية وخاصة من امريكا وإيران حيث اصبح العراق ساحة نزاع امريكي- ايراني، وما زاد الطين بلة كانت الزيارة الاخيرة- غير المعلن عنها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى العراق لتفقد احوال جنوده- وما تبعتها من ردود أفعال داخلية ودولية على اعتبار أن هذه الزيارة انتهاك لسيادة العراق وأبرزها من الحشد الشعبي المؤلف بمجمله من فصائل شيعية مسلحة، حيث هدد مرارا باستهداف القوات الامريكية كرد على هذا الانتهاك، وسط تحركات برلمانية لطرح مشروع قانون يطالب بإخراج القوات الامريكية من العراق، والذي من المنتظر أن يكون بداية أزمة جديدة تعصف بالبلد اذا ما تم تمرير قانون كهذا.

الحشد الشعبي برز في أعقاب أحداث الموصل والذي خاض معركة طويلة ضد داعش، وبعد أحداث 16 أكتوبر وما تبعها من تطورات وتغييرات دخل كركوك ومناطق متنازع عليها اخرى وتولى زمام الامور وأصبح جزءا من المنظومة الامنية، الامر الذي ادى الى انقسام حاد بين الاحزاب الكردية. وهناك تخوف امريكي من تزايد نفوذ جماعات مسلحة موالية لإيران كما اكدت ذلك تقارير استخباراتية، وفي حين ان القوات الامريكية على وشك مغادرة الأراضي السورية كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن تولي القوات الامريكية المهمة الأمنية في المناطق المتنازع عليها بما فيها كركوك وهو ما يمثل تحدياً امنياً اخر قد يسهم في تأجيج اكثر للاوضاع، وفي نفس الوقت هناك تخوف من أن تتخلى أمريكا عن حلفائها في العراق كما فعلت في سوريا بسبب القرارات المفاجئة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هو مستقبل العلاقات الامريكية والعراقية؟ وما هو مستقبل العلاقات بين الأحزاب العراقية ككل وبين الأحزاب الشيعية على وجه الخصوص؟ هل سيتخلى الأمريكيون عن حلفائهم في العراق كما حدث في أماكن اخرى؟ هل يتمكن مجلس النواب العراقي من تمرير مشروع قانون إخراج القوات الأمريكية من البلد؟ و ما هو مستقبل الوضع الامني في حالة بقاء القوات الأمريكية؟ وما هو التحدي الامني في حال غادرت هذه القوات العراق؟ وهل ترضى الاحزاب المناوئة لايران بان تبقى الساحة العراقية لإيران وحدها؟ وماذا سيكون مصير الحرب ضد ما تبقى من داعش وسط مخاوف من عودته من حين الى آخر؟ والى ما ستؤول كل هذه الأحداث في ظل حكومة ائتلافية غير مكتملة، وأزمات سياسية واقتصادية وأمنية جمة؟

كل هذه الاسئلة تساور أذهان الفرد العراقي وسط حالة من خوف وترقب حذر لما قد توصل اليه هذه الاحداث، ويسعى إلى إيجاد اجابات مقنعة لها، وما يجعل المشكلة أكثر تعقيدا هو استحالة التنبؤ بأي عواقب في كل هذه الفرضيات، فلو افترضنا رفض القوات الامريكية المغادرة فهذا سيحتم الاصطدام بينها وبين الحشد، ومن جانب اخر فان مغادرة القوات الامريكية هي الاخرى قد تسبب مشاكل جديدة في وسط شارع سياسي غير متوافق ووضع أمني مضطرب، مما يعني أن كلا الخيارين سيؤديان إلى نتائج لا تحمد عقباها.

وأخيرا يمكننا القول إن الحكومة العراقية الجديدة أمام تحديات امنية وسياسية جديدة، فمن جانب واحد عليها أن تمسك بزمام الامور وتخلق نوعا من التوازن بين الفرقاء السياسيين من دون أن تتأثر العلاقات الخارجية، ومن جانب آخر عليها أن تعيد بناء سياستها الخارجية بالشكل الذي يتماشى مع التطلعات الداخلية لمختلف القوى السياسية بكل الاشكال والالوان، لكي تتمكن من الحفاظ على الأوضاع ولو نسبياً، فيا ترى هل تنجح الحكومة في هذا الاختبار الصعب وان تصمد أمام كل هذه بالأزمات؟ ام انها ستمنى بالفشل وتصبح رهينة للمشاكل؟

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.