بطولة الانتخابات العراقية

Kurd24

يوماً بعد يوم  سنقترب من التغيير المرتقب في العراق، هذا التحول الذي يبدو مختلفاً عما سبق في التحام الاتجاهات الفكرية المختلفة وتوحد القوميات والاطياف في تحالفات جديدة تجمع تحت مظلتها وفق مبادئ وآليات وأهداف تتفق عليها قبل الدخول في صراع الانتخابات من اجل كسب صوت الناخب المسكين المغلوب على امره الذي يلهث وراء الوعود والعهود البراقة كالسراب تختفي عند الاقتراب منها بعد فرز الاصوات وإعلان النتائج .

انتخابات هذه المرة تختلف عما مضت لأن العراق استطاع بقدرة قادر دحر فلول داعش وتحرير الاراضي من رجسهم ولا تزال المخيمات مكتظة بالنازحين الفارين لسوء الاوضاع الامنية والاقتصادية في مناطقهم الملتهبة بالنيران رغم دعوات الحكومة الاتحادية بضرورة عودتهم الى اماكن سكناهم، من جانب آخر فأن الشعب الكوردستاني الذي كان في السابق متلهفاً ومتحمساً ليدلي بصوته ويختار من يمثله في الاتحادية ولكن مواقفها الاخيرة بين الهجوم والسيطرة على المناطق الكوردستانية خارج ادارة الاقليم وخاصة محافظة كركوك ومحاولاتها المستميتة لسلب حقوقه واصرارها اغلاق باب الحوار مع الاقليم وكل المستجدات التي تلت ذلك قل من حماسه وثقته في حين ان البيت الشيعي لم يعد مثل ذي قبل فقد تصدعت جدرانه وازدادت خلافاته واختلفت اتجاهاته وتوجهاته ودرجة ارتباطاته واولويات عمله واستجاباته لنداء المرجعيات الداخلية اوالاقليمية وقوة استعداده لتنفيذ أوامره وان حال القوى التركمانية والمسيحية وغيرها ليس بافضل من ما ذكر..

وسط هذه الاوراق والملفات الكثيرة والشائكة فأن المستجدات والمواقف الانية والآتية تشير الى ان الصراع القوي والتسابق سيكون داخل البيت الشيعي وخاصة بين العبادي والمالكي المنتمين الى مدرسة فكرية واحدة مع الاختلاف في الرؤى والاهداف والظهور على حقيقتهما بعد تولي منصب رئيس الوزراء، فأن الخلاف مازال قائماً، أي ان بطولة الانتخابات العراقية تبدأ من المباراة النهائية بين المالكي والعبادي ومن سيتحالف معهما فهل ان الاحزاب الكوردستانية المتجزئة على نفسها والقوى السنية المتشتتة ستحسن الاختيار في التحالف مع احدهما ويرتدون ملابس لون فريقهم ام انهم سيختارون القعود في المدرج وانتظار صافرة الحكم للاعلان عن فوز أحدهما ويرضون بالمركز الثالث او الخروج من البطولة بأياد فاضية والقبول بما ستؤول اليهم الايام تحت رحمة المنتصر الذي سيحكم البلاد والعباد.

ان تجربة الشعب الكوردستاني مع كل من المالكي والعبادي مريرة بحذافيرها ففي ظل حكمهما ظهرت الدولة الاسلامية في العراق والشام ما يسمى بـ(داعش) كقوة ارهابية تأكل الاخضر واليابس وقطع الموازنة والرواتب ومهاجمة الاقليم... الخ، اذن ما يصدر عنهما من لطف ولين لا يخرج من اطار الدعاية الانتخابية ووضع اللبنات الاولى للتحالف معهم وفق اهداف وابعاد ورؤى وافكار جديدة.

يبدو انهما متشابهان في التعامل مع الاقليم مع الفارق في الزمن والاسلوب ولكن معاناة الشعب الكوردستاني في الفترة السابقة كانت تحصيل حاصل لانتهاك الدستور والتريث في تطبيق مواده خاصة المتعلقة بحقوق الاقليم وان حكومة الاقليم تطالب الاتحادية بتطبيق الدستور ومنح الحقوق بموجبه، ويبدو أن العبادي اكثر إشهاراً لسيفه وحامياً لصيانة الدستور ومطالباً بتنفيذ بنوده على كافة الاراضي العراقية كما انه يبدو اقرب الى السياسة الغربية وخاصةً الامريكية القائمة في العراق مع الحذر (لأنه لا يأمن جانبه).

ان الايام القادمة كفيلة بكشف الكثير من الاسرار وما يحدث  وراء الكواليس، وهل ان المباراة النهائية حاسمة بينهما ام ان  الشعب العراقي سيدفع بلاعب يفاجئ الجميع بعد طول معاناة منتخبة من الهزائم وعدم قدرته من الفوز وبقاء شباكه نظيفاً من ضربات الارهاب والفساد والطائفية وتنفيذ السياسات الاقليمية والدولية، فالمباراة تحتاج الى كثير من التأني والحكمة والقرارات الصائبة والتغيرات الصحيحة لكي لا يقع في الفخ كرةً أخرى كالمرات السابقة.

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.