رسالة من "ميترو" الى العبادي

Kurd24

مرت يوم الخميس الماضي 2 تشرين الأول ذكرى اليوم العالمي لإنهاء الافلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، والذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها المرقم 163/68 ، الذي حث الدول الاعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الافلات من العقاب في الجرائم المتعلقة بالصحفيين.

وللتذكير بالضحايا من الصحفيين، شهدت معظم دول العالم مراسم لاحياء هذه الذكرى، ولكن من أحق من الصحفيين في العراق وفي اقليم كوردستان لاحياء هذه المناسبة؟، وهم الذين فقدوا الكثير من زملائهم، طيلة ما يقرب من عقد ونصف منذ سقوط النظام السابق وحتى هذه اللحظة.

وبهذه المناسبة أقام مركز ميترو، وهو مركز مستقل مهتم بالدفاع عن حقوق الصحفيين في أقليم كوردستان وبالشراكة مع منظمة التنمية المدنية (CDO) ومنظمة دعم الاعلام الدولي (IMS ) في مدينة السليمانية، تجمعا ضم اعداد كبيرة من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان، لاحياء هذه المناسبة.

وقد رفعت خلال المراسم، صور شهداء الصحافة، الذين استشهدوا اثناء تغطية اخبار المعارك ضد داعش او ضحوا بحياتهم في الآونة الاخيرة من اجل ايصال الحقيقة الى المواطنين.

وكان آخر هؤلاء الضحايا المصور الصحفي اركان شريف الذي قتل بطريقة بشعة، طعنا بالسكاكين في بيته، وكانت زوجته واطفاله الذين حجزوا في احد غرف المنزل يسترقون السمع الى صرخاته، وهو يتلقى طعنات سكاكين المجرمين الذين اقتحموا بيته في قضاء داقوق، الذي يخضع لسيطرة قوات الجيش والحشد الشعبي!

 السيد رئيس مجلس الوزراء

انضم أركان شريف بموته المعلن الى قائمة تضم 302 من الصحفيين الذين قتلوا في العراق، بما في ذلك في اقليم كوردستان، منذ عام 2003 لحد الآن، من ضمنهم نقيب الصحفيين العراقيين (شهاب التميمي).

وإذا ما استثنينا الصحفيين الذين استشهدوا على يد مجرمي داعش ومن قبلهم تنظيم القاعدة والمنظمات الارهابية الاخرى، فأن العدد الاكبر من هؤلاء الصحفيين، تم اغتيالهم من قبل مافيات الفساد، خوفا من انكشاف امرهم للرأي العام، وليس خافيا عليكم، ان تلك المافيات مرتبطة بشكل و آخر، بالاحزاب المتنفذة في السلطتين التشريعية والتنفيذية، سواء كان ذلك في الحكومة الاتحادية او حكومة الاقليم، وكانت جميع تلك الجرائم قد سجلت ضد مجهولون.

أكتب اليكم هذه الرسالة بعد مرور 14 عاما على سقوط نظام البعث و26 عاما من التجربة الكوردستانية ما بعد انتفاضة آذار،  وطوال هذا الزمن لم أسمع عن جريمة واحدة  قدم مرتكبوها الى العدالة، وللاسف ان بعض تلك الجرائم حدثت بالقرب من نقاط تفتيش امنية او مقرات حزبية ورسمية.

 ان مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين في اقليم كوردستان، قد عرف بمهنيته واستقلاله، وحاز على ثقة واعتزاز المنظمات الدولية المختصة بالدفاع عن حقوق الانسان بشكل عام والمختصة بحقوق الصحفيين بشكل خاص،  لتعتبر تقاريره التي يصدرها سنويا، مصدرا مهما لتلك المنظمات، فيما يخص اوضاع حرية الصحافة والصحفيين في الاقليم.

 ولمركز ميترو شراكة صميمية مع المنظمات العراقية المماثلة، كنقابة الصحفيين العراقيين ومرصد الحريات الصحفية والنقابة الوطنية للصحفيين، ونظم فعاليات مشتركة مابين المركز وتلك المنظمات للدفاع عن حرية الصحفيين وضمان حقوقهم.

 السيد حيدر العبادي

رئيس مجلس الوزراء المحترم

في ظل توتر العلاقة بين السلطات الاتحادية وسلطة اقليم كوردستان في الآونة الأخيرة، برزت وسائل الاعلام كضحية لهذا التوتر، وقد فوجئ الوسط الاعلامي في العراق والإقليم، بإصدار الجهات العسكرية والأمنية توجيهات الى هيئة الاعلام والاتصالات لإغلاق كلا من فضائية رووداو وفضائية كوردستان 24، مع ان هيئة الاعلام والاتصالات وحسب الدستور هي هيئة شبه مستقلة ترتبط بالسلطات القضائية، والمفروض بها ان تعمل بمهنية وان تتخذ قراراتها وفق النظام الداخلي للهيئة، وليس بتوجيهات من اي سلطة اخرى.

 لن نخفي بان مركزنا قد حذر بعض وسائل الاعلام من التخلي عن عملها المهني والانحياز لتكون طرفا في الصراع، كما حذرها من نشر خطاب العنف والكراهية، لان ذلك سيكون وبالاً على الشعب العراقي عامة والشعب الكوردي خاصة، وسيخرج الاعلام عن مهمته النبيلة.

ولكن ما يثير العجب وعدم الرضا، هو هذا الموقف التمييزي ضد وسائل الاعلام الكوردية، ولو شمل ذلك كل وسائل الاعلام التي تحض على العنف والكراهية، لكان الامر مقبولا الى حد ما، (مع ان مركز ميترو ضد اي قرار بغلق اي وسيلة اعلامية، لان زمن تكميم الافواه قد ولى الى غير رجعة) اذ كانت بعض وسائل الاعلام العراقية، تبث كما هائلا من الكراهية وتبرر استخدام العنف ضد الشعب الكوردي، بل ان بعضها يحرض على استخدام المزيد من القوة والعنف، ولم يبق في قاموس الشتائم البذيئة، كلمة لم تستخدمها تلك الوسائل الاعلامية ضد الشعب الكوردي، سواء من خلال تقاريرها او استضافتها لبعض السياسيين، ويمكن الرجوع الى التقرير الاخير للرصد الذي قدمه بيت الاعلام العراقي، لتطلعوا على سيل الشتائم التي وجهت للشعب الكوردي وبعض قادته، بل وصل الامر لبعضهم الى توجيه تهمة الخيانة للشعب الكوردي بأجمعه، ومع ذلك لم نرى اي اجراءات ردعية قد اتخذت ضد تلك الوسائل الاعلامية!!

 السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء المحترم   

يقف العراق اليوم على مفترق طريقين لا ثالث لهما، اما ان تكون المحبة والتسامح والعدالة هي التي تسود، وتكون طريقا لعراق يرفل بالامن والسلام والرخاء، او ان يسلك طريق الكراهية والحقد والعنف والتحريض، وماينتج عنها من تمزيق للنسيج الاجتماعي، وتدمير لقيم التعايش بين المكونات.

في الختام، نطالبكم بالتدخل لكشف قتلة الصحفي اركان شريف والعمل على فتح التحقيقات في جميع الانتهاكات ضد صحفيي العراق ومكافحة ظاهرة الافلات من العقاب، والتدخل السريع لايقاف العمل بقرار غلق فضائيتي رووداو وكوردستان 24.

ولنا أسوة حسنة  في قول الامام علي (ع): عزيمة الخير تطفىء نار الشر، ولكم منا كل الاحترام..

مدير مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين.

 

هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.