مجرد استفتاء وليس هلالاً شيعياً ولا دولة إسرائيلية!

Kurd24

لقد طالب قادة الكُرد وعلى مدى أكثر من عقدين استقل فيها جنوب كردستان كإقليم ضمن دولة العراق الاتحادية بتطبيق كل بنود الدستور العراقي المجمدة (عمداً) والتي تخصُّ المناطق المتنازع عليها - والتي يعلم القاصي والداني من أهل العراق قبل الأمم المتحدة كيف استُقطِعت وعُرِّبت بعِدَّة الاف من الدنانير في ثمانينيات القرن الماضي خلال الحكم البعثي- دون أن تلقى تلك المطالب والدعوات وبطرقها السلمية والقانونية آذاناً صاغية من حكام بغداد على الرغم من مرور اثني عشر عاماً على وضع دستور العراق المُعلّب .

وبعد نفاد صبر الإقليم طوال تلك السنوات الاثني عشرة على تجاهل الالتزام العراقي بتطبيق المواد المتعلقة بمصلحة شعب كردستان الذي هو جزء من شعبهم ومُكوِّن تتوزع نفوسه على ثلث أرض العراق وبعد أن تم إيقاف الميزانية المخصصة لهُ وحرمان شعبه من رواتبهم وتعرضهم لأزمة اقتصادية حادة جراء ذلك. قرر الشعب وبنداء من رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني كإنهاء الاعتماد على المركز في توفير قوت شعب الإقليم، أن يوقع على استفتاء الاستقلال في يوم 25 / 9 وبنتيجة فاقت جميع التوقعات عراقياً واقليمياً ودولياً. مما أثار حفيظة حكومة العراق المركزية التي استشعرت بفقدان مدينة كركوك نهائياً فيما لو حصل الإقليم على دعم دولي عالمي لاستقلاله عن العراق . فلجأت لفرض عدة إجراءات قسرية جديدة على الإقليم ومن ضمنها الحصار الاقتصادي وغلق المطارات ومن ثم وخلال عدة أيام الى الخيار العسكري. فدخلت كركوك بمعينة ايران وبمباركة أمريكا وسكوت المجتمع الدولي الذي ذكَّرَنا بسكوته القاتل حين أبيدت حلبجة. (ولا نعلم إن كانت هذه الإجراءات قد اعترف بها الدستور العراقي أم لا أو كانت لها السلطة القانونية  لفعل ذلك).

وبذلك تبين علناً بطلان ما كان يروجه أعداء الكرد من أن حكومة كردستان عميلة لأمريكا وانها بمعينة الأخيرة وإسرائيل تقوم بتغيير الخرائط وترسم حدودا جديدة للمنطقة برمتها وتتسبب بتقسيم العراق وفصل الجزء الشمالي عنه وتهدم وحدته.

وظهر للجميع من هم العملاء الحقيقيون لأمريكا، كما وظهر لكل العالم كيف أن الخارطة الإسرائيلية التي صدعوا بها رؤوسنا طيلة سنوات احتلال داعش لأراضي سوريا والعراق والتي كنا نسمع ونقرأ عنها في انها تضم أراضي العراق وسوريا والأردن هي فقط تغطية كبيرة وكذبة أكبر غسلوا بها عقولنا الساذجة لحين تطبيق الخارطة الاصلية على أرض الواقع والتي رسمتها إيران لأهم جزء في جغرافية الشرق الأوسط ألا وهو الهلال الشيعي الذي يمتد عبر العراق الى سوريا ولبنان ومن ثم البحر المتوسط .

ولنا أن نستغرب كيف تصمت الأمم المتحدة على هكذا خروق كبيرة لأيران وتعديات أكبر على أراضي المنطقة بحيث تضم سنة بعد أخرى كل الدول التي تبعدها عن مرساها الأخير على المتوسط ، بينما قامت قائمة الدول اقليمياً ودولياً وأممياً حين حاولت إرادة شعب يناضل منذ اكثر من قرن أن يجري - مُجرّد - استفتاء نظامي قانوني تعترف به كل دساتير العالم وكل مواثيق الأمم المتحدة فيما اذا كانوا يريدون البقاء ضمن دولة العراق أو الاستقلال ..

في هذا العالم الذي تدعم به الدول الكبرى مصالحها ومصالح شعوبها بقوة وتُقدِّم به المساعدات لمن يُقدِّم لها تنازلات أكبر ، وُلدتْ دولاً كثيرة وتبدّلتْ خرائط كثيرة واستقلت أقاليم عديدة ولازالت عجلة التغيير تتقدم وتحطم كل الحواجز التي يضعها أعداء الإنسانية في الطريق، ونحن الكرد مررنا بأوقات عصيبة أقسى من هذه التي تمر علينا الآن حيث تكالبتْ دول الغرب والشرق ودول الجوار ودول ما خلف القارات على مشروعنا الوطني وحقنا الطبيعي في تكوين دولتنا على أرضنا وأرض أجدادنا، ولن يمنعنا أي شيئ في المضي بالمطالبة بهذا الحق مادمنا نطالب بطرقنا السلمية لأننا شعب انتهج المدنية منذ نعومة أظفاره، ولأننا شعب يؤمن بالقيم الإنسانية ومحبة السلام ولنا على ذلك أدلة يعرفها مَن نزح الى الإقليم في نوبات داعش الإرهابية، ويعرفها مَن يزورنا للسياحة ومَن يعيش معنا على أرض كردستان التي ستصبح دولة شاءتْ أم أبت كل القوى العالمية لأننا لا نفرق عن غيرنا بشيء ولا نقل عنهم أيضاً ويحق لنا ما يحقّ لغيرنا، وإنَق غداً لناظرهِ لقريب ....

رحم الله شهداء الكرد وكردستان من البيشمركة والمدنيين ..

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.