بين إيرانَيْن!

Kurd24

هل تعلم المرجعية الدينية في العراق (الشيعي) أن دولة العراق لم تكن موحدة إلاّ شكلياً وبخيوط العنكبوت في كل حقب السلطات التي حكمت شعبه الذي يتكون من غالبية عربية مسلمة وأقليات متنوعة مسلمة وغير مسلمة بدليل الانقلابات العسكرية والمدنية على الحكم الملكي ومن ثم الجمهوري ومن ثم الديكتاتوري الذي كان خاتم الحكومات في بلد الحروب والأزمات؟

وهل تجهل المرجعية إنَّ العراق الذي لم يكن موحداً قد فقد مؤخراً شكله الخارجي أيضاً بعد استفاء إقليم كردستان قبل أيام ، لأن وضعه الموحد لم نرَ لا نحن الكرد ولا العرب بشقيهم سنة وشيعة ولا بقية المكونات منذ ولادتهِ عام 1921 على يد الاتفاقية سيئة النتائج ولغاية تاريخ كتابة هذا المقال سوى حروب طاحنة وتقلبات حكم ملكية وجمهورية إسمياً فقط دون وحدة صف (مؤسساتية وإدارية) عادلة وإيجابية على أرض الواقع العراقي بدليل إجهاض المحاولات السنيّة في إقامة إقليم خاص بهم وفق ما نص عليه الدستور العراقي استناداً على المادة (117 إلى المادة 121 لقانون رقم 13) المشرّعة في عام 2008 حين شعرتْ هذه الشريحة المظلومة بفقدان هويتها العراقية واستبعادها من وحدة الصف بنفس الطريقة التي مورست على الكرد قبلهم بكل أشكالهِ حكومي وغير حكومي؟

وأين ذهبت الدعوات المرجعية بالتمسك بوحدة الشعب العراقي حين سلّم المالكي جزء مهم من أجزاء (وحدة العراق شعباً وأرضاً) لداعش في يوم من أيام حزيران عام 2014 حين سقطت كلّ المدن السنية  وأولها الموصل بين مخالب الإرهاب المتطرف وضياع الحقّ السنّي للحكم ولو (لا مركزي) على مناطقهِ المنكوبة ؟

وأين كان دور الصوت المرجعي الحق حين قطعت حكومة بغداد في عهد ولاية المالكي ولغاية اليوم رواتب مليون وأربعة الاف موظف كردي (الذي هو جزء من الشعب العراقي الموحد) ومئتان ألف من قوات البيشمركة التي هي جزء من نظام الدفاع العراقي (الموحّد) ؟

وأين كان الصمت المرجعي حين ماطلت حكومة العراق الاتحادي في حل نزاع المناطق المتنازع عليها والمستقطعة من كردستان وفق المادة 140 من دستور (العراق الموحد) التي كانت قد تعرضت لتغييرات ديموغرافية خطيرة إبان الحكم البعثي (كما تعلم جيداً وكما رأتْ بأم عينها تلك المرجعيات في تلك الحقبة الزمنية غير البعيدة من اليوم) وانتهاء المهلة المخصصة للجنة مُراقبة تطبيق هذه المادة المُجمّدة عراقياً بعد انتهاء عام 2007 (ورغم ذلك) ظل الكُرد مُلتزمين بتطبيق كل مواد الدستور العراقي و ظلوا متمسكين بوحدة الصف العراقي كما تنادي بهِ اليوم المرجعية الدينية رغم إهمال الحكومة العراقية لحق الكرد ونصيبه الدستوري من هذهِ المادة  ؟؟

إنّ المناداة (بوحدة الصف العراقي) تبعاً لظروف تخدم شريحة واحدة فقط من الشعب دون غيره عانينا منها نحن الكرد وكذلك الإخوة الشيعة منذ الحكم السني لمدة أربعين عام.

ثم عانيناها مع السنة منذ سقوط النظام السني عام 2003 وبدء العمل بالنظام الشيعي عام 2005.

وها نحن الكرد نعانيها لوحدنا بعدما بدأت المدن السنية استعادة صحتها أثر طرد داعش منها.

فهل تريد المرجعية الدينية بقاء الملايين من الشعب الكردي في الإقليم أن تدفع ضريبة ( وحدة الصف العراقي ) لوحدها في كل عهود الحكم وفي كل الظروف المتبدلة على العراق؟

إن وصف المرجعية الدينية الشيعية ((إنّ الاستفتاء سيفسح المجال لتدخل العديد من الاطراف الاقليمية والدولية في الشأن العراقي لتنفذ أجندتها ومصالحها على حساب مصلحة شعبنا ووطنا)) وصف متأخر جداً ومجحف أيضاً ، لأن التدخل الإقليمي من قبل  (إيران )في شؤون العراق لم يكن خافياً على طفل لازال يحبو وحتى آخر دولة في أقصى الأرض.

ومَن يتصور أن شأن العراق يعود لحكام العراق فهو لازال يعيش في عصر الكهوف ، لأن العراق الجديد قد تحوّل إلى إيران صغرى ، وكل قراراته الإدارية والدينية تأخذ تشريعاتها من أكثر وأكبر دولة إقليمية لعبت (بوحدة الصف العراقي شعباً) بعد أن سيطرت عليهِ (أرضاً) حيث يعيش شعب العراق اليوم من سيطرة (إيرانَين) بدل إيران واحدة .

إن دعوة المرجعية للحكومة العراقية ((أن تراعي في جميع قراراتها وخطواتها المحافظة على الحقوق الدستورية للإخوة الكرد وعدم المساس بشئ منها)) لن تلق آذاناً صاغية لا اليوم ولا قبل 12 عامٍ مضت حين وُضِع دستور العراق وأُبعِدَتْ منه حقوق الكرد بكافة الطرق والسبل الملتوية وضاعت بسبب ذلك فرصاً كبيرة على الإقليم لينفتح على العالم الخارجي كدولة لها كل مقومات الدول الناجحة حين مُنعت عنهُ ميزانيتهِ التي نص عليها الدستور في بنودهِ حرفاً بحرف.

وما دام العراق قد وقع تحت الضغوطات الإقليمية المتمثلة بإيران فمعنى ذلك أن الدستور العراقي ووحدة الصف قد انتُهِكَت منذ اكثر من عقد وهي ليست سوى إطار جميل يحيط بخارطة انتهى زمن رسمها حين سمح حكامها للدول الإقليمية بالتصرف بمقدرات البلاد نظاماً وخيرات.

أي شريحة من شرائح العراق تمتلك مؤهلات إقليم كردستان كانت لَترفض الاستمرار بالشراكة مع دولة يضيع فيها حقها وفق دستورها المهمل ساعة يريد حكامها ، وينادون بالتطبيق حين تضيق الدوائر على المصالح وحين يصبح التهديد الخارجي لمساعدة الكُرد قاب قوسين أو أكثر من تحقيقه.

قليل من الإنصاف لشعب عريق عدد سكانهِ المتواجدين في الإقليم والمُشرّدين خارجه لن يكون عائقاً أمام وحدة الصف ولن يخدش حياء دستور فُقِدَتْ مصداقيته منذ بدأت إيران الكبرى التدخل اقليمياً بكل صغيرة وكبيرة في الشأن العراقي لدرجة أننا نستطيع أن نطلق على عراق اليوم ودون حرج باسم إيران الصغرى دون أن يلومنا في ذلك أحد.

إن وحدة أراضي العراق شعباً وأرضاً سوف تتناساها حكومة العراق رئاسة وبرلمان  وتجمدّها كلياً بل وتوافق على الاعتراف بكردستان دولة قائمة بحد ذاتها وتقوم بتصحيح الفقرات المتعلقة بهذا الشأن بجلسة برلمانية واحدة في حال :  وافق الإقليم على التنازل عن (كركوك فقط) للعراق . لأن تمسك الحكومة العراقية بالجزء الأعلى لخارطة العراق ليس متعلقاً بوحدة وطنية في حقيقة أمره بقدر ما يتعلق الأمر بالمصلحة النفطية والموارد المالية المتأتية عن فصل كركوك من خارطة كردستان.

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.