لكم وطنكم ولنا وطن

Kurd24

يَدَّعي بعض الإخوة العرب ممن ضاقت بهم سبل الفهم أن الكرد يعملون على بناء كيان (قومي) في بعض الدول العربية (العراق وسوريا) ويخالفون ما جاء في دساتير وأنظمة هذه الدول ويتسببون في شطب خرائط واستحداث أخرى غيرها!

لم يعد العالم بحاجة الى حرب كونية ثالثة كي تتغير بانتهائها خرائط المنطقة، لأن الجميع أيقن بأن السلام وحده يصنع المعجزات ويؤسس الدول. ودولة كردستان التي تعد العدة للاعتراف بقيامها بعد الاستفتاء بعض الدول العربية- التي تحترم فعلاً حقوق الانسان- وأغلب الدول الاوربية وكذلك روسيا الحذرة وأمريكا أم المفاجآت، لديها ما يجعلها أمة بمعنى الكلمة.

لدى الكرد لغة وتاريخ مشترك وجغرافية أرض ضاربة في قدم الألفية ما قبل الميلاد كما تذكر كتب التاريخ ويشهد على ذلك ورود أسماء الملوك الكرد في العهد السومري والعهد الآشوري وكتب المستشرقين وكتب بعض العلماء العرب.

وكما (لا يعلم) أكثر الإخوة العرب أن موطن الكرد ينحدر من جبال زاكروس حسب أغلب المصادر التاريخية التي تحدثت عن تاريخ هذا الشعب المغدور بطريقة منهجية علمية بحتة ومن دون ان يكون فيها للتعصب القومي دور أو للتهميش القسري أي تأثير.

وعلى الرغم من أن الشائع حسب بعض الدراسات التاريخية الحديثة التي تعتمد مصادر تاريخية معينة بأن جذور الكرد هو من الأقوام الهندو اوربية فذلك لا يعني انتقاصاً أو تشويهاً لقدم أصولهم، بل يعني أن بعض الفروع من الأصول الكردية هي من هذا الصنف الذي هاجر من تلك المناطق، بالضبط مثلما هاجر العرب من الجزيرة وانتشروا في المناطق التي يعيشون عليها الى وقتنا الحاضر وأسسوا وطنهم العربي في أفضل بقعة شرق أوسطية على الرغم من وجود أقوام غير عربية فيها كالكرد والتركمان والأرمن والمثلث المسيحي ( الكلدان والاشور والسريان) وغيرهم (من غير العرب) في الجزء الأيمن منه ووجود الأمازيغ في الجزء الأيسر .

ولو أردنا أن نتكلم في تواريخ الأقوام وقِدَمها حسب كتب التاريخ المُنصفة وحسب المصادر العادلة، لحصلنا على ردود أفعال غير عادلة من بعض (وأشدِّد دائماً على كلمة بعض) الأطراف العربية. لأننا درسنا معهم فقط تاريخ بلادهم العربية وكبرنا على حب واحترام تلك البلاد وتاريخها وجهلنا تاريخ قومنا وقوم غيرنا.

يعيب الإخوة علينا أن دولة كردستان هي دولة قومية، وينسى أغلب من يعيب علينا ذلك بأن مصطلح الوطن العربي أصلاً قد وضع على أساس قومي بحت، وإلاّ كانت تسميته ستكون الوطن المشترك (لأنه خليط من غير العرب) أو أي تسمية أخرى ليست فيها مدلولات قومية. لكن الصفة القومية لازمت هذا الوطن الذي يرفض بعض أبنائه رغبة الكرد في استقلال وطنهم عنه والعودة الى حدوده الطبيعية التي سبقت تقسيم سايكس بيكو.

ولأجل وضع النقاط على الحروف نقول إن دولة (كردستان) لو أريد لها ان تكون دولة ذات صفة قومية فقط كما يدعي البعض لسُمِّيتْ (الدولة الكردية)، ولأسقِطَ عنها ما يفيد بأنها دولة تعترف بوجود غير الكرد فيها من الديانات والإثنيات المختلفة والقوميات العديدة التي تعيش منذ تواجدها في ألفة وتواد وتراحم لا ينكره عدو ولا صديق.

لم يصدر من الأقوام غير العربية ومن ضمنهم الكرد منذ تأسيس مصطلح الوطن العربي بعد الفتوحات الإسلامية أي اعتراضات أو حوادث انكار أو كراهية، بل على العكس تماماً، فقد عاش الكرد على سبيل المثال لا الحصر وهم يحفظون التاريخ العربي بإجلال ويُقدِّرون الاخوّة العربية بفخر ويعتبرون الجيرة موطناً مقدساً، ويتعايشون مع الوضع الذي أنساهم تاريخهم ووطنهم ولغتهم الأم، ويحبون اللغة العربية والجيرة والتاريخ والادب العربي وكل ما له علاقة بهذه القومية الأصيلة كما يحبون أنفسهم ويفضلونها على أبناء قومهم طيلة تواجدهم ضمن خريطة العراق الواحد .

الآن نريد أن نعطي نزراً كبيراً من الحب والوفاء لوطننا (كردستان) الذي سيستعيد صفته الأولى بعد استفتاء يوم (25/9/2017) المبارك ونتمنى أن يبارك لنا أشقاؤنا العرب هذه الخطوة الجريئة ويتعايشوا معها كما تعايش الكرد لقرون طويلة مع الصفة القومية العربية ولم يقبلوا أن يكون في تاريخ معايشتهم أي خروقات إنسانية بل على العكس تماماً، تعرض الكرد (رغم وفائهم) لإبادات وانفالات وحروب على الهوية والقومية وتهجير قسري وقتل منظم ولايزال هذ الظلم يسري علينا وينتظر فرصة انتهاء حرب داعش نهائياً كي تبرز بعض الأيدي مخالبها في مشروعنا بدولتنا الكردستانية.

كردستان الجميلة تعيش أجمل أيام تاريخها وهي بانتظار يوم الاستفتاء على الاستقلال، لأن العالم سيشهد بولادتها سلاماً ملحوظاً وأجزم على ذلك والسبب (الرئيسي من ضن أسباب كثيرة أخرى) هو أن الله الذي رأى المجازر والإبادات والتهجير بحق الكرد، قادر على انصافهم بعد طول ظلم وتضليل حقائق وتشويه مواقف ما دام الكرد أنفسهم يغيرون قدرهم بدماء أبنائهم الغالية التي عطرت وعبقت أرضنا المباركة بقدسية ليس لها مثيل لا في مشارق الأرض ولا في مغاربها .

رحم الله كل شهداء الكُرد وأقرَّ عيون عوائلهم بيوم الاستقلال قريباً عاجلاً بإذن الله.

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.