مكافحة الفساد... درب المخلصين الناجحين

Kurd24

الاصلاح عملية علمية متكاملة صعبة متشعبة، وهذا يعني انها اشق من البناء اصلاً لأنها تتطلب المعالجة والبناء والتنمية والتطوير، لذا فرجال الاصلاح قلائل وتعد بأصابع اليد، وان الامم تتفاخر بمثل هؤلاء الرجالات ويكون اعتزازها اكبر بهؤلاء من الاعتزاز بالقادة العسكريين والسياسيين لأن الشعوب كثيراً ما تنجب القادة، ولكن ولادة المصلحين (الاصلاحيين) قليلة ونادرة.

عملية الاصلاح تحتاج الى جهود كبيرة تبدأ بتحديد الخلل والإقرار به وطرح الحلول واختيار الافضل من بين هذه الحلول، ولكنها أولاً وأخيرا تعني الارادة القوية والقرارات الصائبة وعدم المبالاة او الاهتمام بإرضاء الاشخاص بل والعمل من اجل خدمة الوطن والمواطن .

أحد التحديات الكبيرة التي تواجهها حكومة الاقليم القادمة هي الفساد المستشري بكل اطيافه وانواعه، والجميل في الموضوع هو أن الجميع يتفقون على وجوده وعلى ضرورة معالجته، وهذه بحد ذاتها خطوة ايجابية ولهذا فأنهم مستعدون للتعاون وتقديم اللازم للقضاء عليه وقطع دابره، كلٌ على شاكلته ودرجة الاحساس بالمسؤولية تجاه الاقليم.

السؤال الذي تطرحه الغالبية على المستوى الرسمي والشعبي هو هل أن حكومة الاقليم القادمة ستكون قادرة على معالجة الفساد او على اقل تقدير وضع الخطوط العريضة للحد منها وتقليلها؟! ام ان الآمال المعقودة عليها ستصطدم بجدار هذه الآفة لترتد بآثارها وصداها نحو الشعب اكثر فعالية وتأثيراً؟

ان نظرة سريعة لشخصية مرشح الحزب الديمقراطي الكوردستاني لرئاسة الحكومة القادمة السيد (مسرور بارزاني) ومكانته في العائلة البارزانية وداخل اروقة الحزب الديمقراطي وعمله الدءوب طيلة السنوات الماضية مستشاراً لمجلس امن الاقليم وإطلاعه الواسع وأحلامه الكبيرة واستلامه لهذا المنصب الجديد للمرة الاولى والدعم الدولي الذي يحظى به وعلاقاته المتشعبة، كلها تمثل نقاط قوة ويزيد من أمل الشعب الكوردستاني به، لكن مثلما قلنا سابقاً - بأنها عملية شاقة اضافة الى ان الفكر السائد لدى العامة التي تحكمها العاطفة بأن هذا الداء لا يمكن الانتهاء منه إلا بعقوبات رادعة واتخاذ اجراءات قانونية وزج المفسدين في السجون، صحيح انه حل لكنه ليس كل الحل بل جزءا منه، لأن الفساد بات دماً يجرى في عروق البعض ومُدت جذوره الى الاعماق فمهما كانت الاجراءات صارمة فان هذا المفسد ينتظر بلهفة الفرصة للقيام بفعله وتكراره لانه ذاق طعم الفساد ولم يشبع منه، ولا نقلل من قيمة الاجراءات القانونية بل ندعمها، ولكننا نقول بأنها عملية صعبة وهناك خطوات اخرى مهمة تساعد على استئصالها بل أنها المكافحة نفسها، ويكون طريقاً صحيحاً لخدمة المواطن الذي طالما ينتظر معالجة مشاكله الخدمية من الحكومة وهو هدف الناجحين ودربهم نحو تحقيقها ومن هذه الخطوات :

1- العمل بمبدأ الفصل بين قضية الفساد وتجزئتها، لأنها باتت قضية كبيرة فلابد من تجزئة وتفتيت هذا الداء وتقديم المعالجة اللازمة لكل جزء أي المكافحة المرحلية الجزئية، اما وضع القضية بكامل اثارها السلبية على الطاولة يولد الرعب مما يؤثر على التشخيص والتقييم السليم وربما التردد في المعالجة لكبر حجمها، وكما قيل في التقاليد الكوردية (حمل الحجر الكبير دليل على عدم النية في رميه)، كصحيح أن الفساد بشكل عام يحتاج الى حلول ولكنه في التفاصيل يختلف هذه الحلول من مجال الى اخر، ناهيك عن وضع سلم للأولويات عند المعالجة، فهناك مواضيع يمس حياة المواطن فأنها تحتاج الى حلول سريعة اكثر من غيرها.

2- الحد من داء الادارة والذي هو بحد ذاته فساداً، هو الحكم بأهواء شخصية اعتماداً على العلاقات والمصالح ، فانه يمثل طلقة الرحمة على اصحاب الخبرة والمخلصين وحجر عثرة امام تطلعاتهم وطموحاتهم , فالإقليم مليء بهؤلاء المخلصين ينتظرون لحظة ترشيحهم للمكان المناسب ومع الدعم اللازم لهم يكون نصف الفساد قد انتهى وعندها يكون المؤسساتية في الادارة هي المعمول به بعيداً عن كل ما يؤدي الى الفساد وحينها نكون امام حكومة رشيدة هدفها خدمة المواطن .

3- الفساد باتت ثقافة، لذا فان نشر الوعي الثقافي بين المواطنين بآثارها وطرق معالجتها ضرورية فان جميع المؤسسات الحكومة وغير الحكومية مثل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني ودور العبادة والاحزاب... الخ تتحمل هذه المسؤولية ولكنها تحتاج الى دعم حكومي .

فالأيام القادمة كفيلة بكشف الكثير من الملفات والقضايا لتكون جواباً كافياَ لما يدور في ذهن المواطن الكوردستاني من تساؤلات.

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.