أمريكا وإقليم كوردستان.. من الشراكة إلى التحالف

Kurd24

بما أن الشراكة هي وسيلة أو أداة لتنظيم علاقات مستقرة ما بين وحدتين أو أكثر بهدف التقارب والتعاون المشترك على أساس الثقة وتقاسم المخاطر بغية تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة. والتحالف ما هو إلا اتفاق رسمي بين فاعلين اثنين أو أكثر لتعاون بعضهما مع بعض بشأن قضايا أمنية مشتركة مدركة، تشعر من خلاله الجهات المتحالفة أنها بحاجة إلى دعم بعضها البعض دبلوماسياً في تنفيذ سياساتهم الخارجية، فأن هدف إقليم كوردستان هو مواصلة تنسيقه القوي مع أمريكا لتوثيق شراكته وعلاقاته الثنائية بغية حماية الاستقرار والتنمية في الإقليم والمنطقة.

من الواضح بأن السياسي الفعّال ينخرط في التجارب وينغرس في التاريخ بقدر ما يتجاوز تاريخه أو مشروطيته، لكي يُغيّر من شروط الواقع والإنجاز، فهو يفعل بقدر ما ينفعل ويشتغل بقدر ما ينشغل، إنه نتاج للبنية والآليات والمؤسسات ولكنه يعمل في الوقت نفسه على المساهمة في خلق الأفكار وفتح المجالات لإعادة إنتاج بنية وآليات ومؤسسات.

والقيادة الكوردستانية الحكيمة تعلم بأن الديمقراطية لا تأتي من الباب الخلفي كما يسعى إليها البعض، بل يجب أن تنبع من قرار سياسي واع ومقصود بتأسيس الديمقراطية، فالتحول والتغير الديمقراطي لا يأتيان إلا من خلال إصلاح واع وجريء.

نحن نعلم بأن الإقليم شريك قوي للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق لمحاربة داعش، ولرفع مستوى هذه الشراكة إلى تحالف مبني على أساس الشراكة والندية، علينا أن نفهم ما يجري لكي نساهم في صناعة علاقات راهنة، حية، متجددة وقوية ونتغير عما نحن عليه لخلق آليات جديدة تنسج تلك العلاقات بشكل أفضل ولحماية مصالحنا الوطنية عليه توظيف تلك العلاقات بحكمة وعقلانية ليس فقط مع أمريكا، بل مع نظم ديمقراطية أخرى تمتلك مؤسسات ناضجة، لها القدرة على إصلاح نفسها بنفسها وتصحيح ذاتها بذاتها لتخرج بعد كل أزمة بشكل أقوى.

أما إذا أردنا أن نعرف ما قد تحمله السياسة الخارجية الأمريكية في المرحلة المقبلة من عناصر التغير والاستمرارية، فلابد أن نرجع إلى السجل التاريخي للتطورات في السياسة الخارجية الأمريكية طوال العقود الماضية. فهذا السجل التاريخي يكشف لنا بسهولة طغيان عناصر الاستمرارية على عناصر التغير، دون أن تتأثر مسألة انتقال السلطة من رئيس إلى آخر، أو من حزب إلى آخر إلا في حدود ضيقة.

فاهتمامات وأولويات صانع القرار الجديد في واشنطن في عامه الأول هي التركيز على ترتيب البيت الداخلي الأمريكي، ومحاربة فيروس كورونا، والعمل على الملفات الاقتصادية، وتهدئة الشارع الأمريكي المنقسم وإعادة ضبطه، أما فيما يخص الملفات الخارجية فأنه سوف يتعامل كما تعامل الرئيس باراك أوباما، خلال حقبة رئاسته، وهذا يعني أنه سوف لن يخرج عن عباءة سلفه في كثير من الملفات سواء الداخلية أو الخارجية.

صانع القرار في الإقليم يؤكد دوماً على مسيرة السلام والأمن والتعايش السلمي في الإقليم وأولوية مصالحه، لذا نراه يعمل بعقلانية وواقعين ورؤية إستراتيجية بعيدة المدی لحماية تلك المصالح، فهو يدرس مواقفه لتجنيب نفسه نتائج الأزمات والصراعات القائمة في المنطقة ويمارس استراتيجية فاعلة وواضحة للتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة ويؤکد استمرار التعاون في مكافحة الإرهاب.

القيادة الكوردستانية تدرك مكان الإقليم، كمرتكز مهم في حماية السلم والأمن الإقليميين، بين أمريكا وخصومه في المنطقة وحجم التحديات والعقبات التي تقيد إرادة الإقليم، لذا تعمل بكل الوسائل الممكنة للمساهمة بشكل إيجابي في منع تطور الأوضاع المحلية والإقليمية بشكل يلحق الضرر بمصالحه العليا.

إقليم كوردستان يتبع سياسة الدبلوماسية الهادئة والهادفة إلى إقامة أوثق العلاقات مع محيطه الإقليمي ودول الجوار، بعيداً عن سياسات توتير الأجواء وخلق المحاور المتناحرة والتدخل في شؤون الغير وتكديس الأسلحة وشحن الأجواء بمفاعيل الاحتراب، ما يرتد سلباً على الاستقرار والاقتصاد والأوضاع الداخلية.