بغداد بين واشنطن وطهران

Kurd24

لماذا لا يتحدث أحد عن (الخطّة باء) في العراق؟ هل هي إستهانة بأرواح الضحايا الابرياء؟ أم هي رغبة في زيادة أعدادهم؟ أم محاباة للسياسات الاستنزافية السابقة التي جسدتها حكومة المالكي ضد العراقيين الكورد والعرب السنة وكثير من الشيعة؟ أم هي استمرار لاستراتيجيات الترقيع في ميادين السياسة المشتعلة؟ أم لأنه لا وجود للخطة ألف كي تكون هناك الخطة باء؟ أم لأن الذين تولوا مقاليد الحكم لا يعرفون مستلزمات إحداث النقلة النوعية أو النسبية، الكلية أو الجزئية في المعادلة العراقية، ولاتتوافر عندهم الثقة في قدراتهم وقدرات شركائهم في الوطن؟

الحكومة الحالية، وريثة للحكومة السابقة الفاشلة التي سلمت ثلث أراضي العراق، وأسلحة ومستلزمات عسكرية تقدر أثمانها بعشرات المليارات للدواعش، الحكومة التي كانت خططها من (الألف حتى الياء) تتمحور حول تدمير العرب السنة ومناطقهم، وتركيع الكورد وقادتهم، وترويض الشيعة المعارضين لسياساتها، للقبول بالسرقات والفساد وبمختار العصر وبالولاية الثالثة والرابعة والعاشرة لرئيسها. وهذا يعني أن الحكومة الحالية، رغم تظاهرها بالعمل على حل الخلافات والاختلافات الكثيرة بين المكونات العراقية تتأبط خطة (بدون حرف)، تحاول من خلالها خلق أجواء تؤدي إلى تسويف وتأجيل وترحيل المشكلات وليس حلها، لذلك تخطو خطوة واحدة الى الامام وترجع خطوتين الى الوراء، وتتلكأ في تنفيذ إلتزاماتها ووعودها التي تأكل سابقاتها، ولا تأخذ في الحسبان الواقع على الأرض، وتصر على تنفيذ المستحيل وقلب المقاييس وموازين القوى، وهي متأهبة لضخ الساحة بمفاجآتها العجيبة والغريبة.

البعض يتفاءل فيقول إن هذه الحكومة متأكدة من الفشل الذريع لسياساتها وسياسات سابقتها الاستنزافية وتدرك كلفتها المالية والإنسانية الكبيرة، لذلك ستستيقظ من أحلامها وتستسلم للواقع وضروراته، وستنادي بأنه حان وقت العودة إلى طاولة رسم السياسات للتدقيق في الواقع العراقي وتعديل الاستراتيجيات، وستطالب بإعادة النظر في السياسات المعتمدة في ضوء ما أفرزته الاحداث والوقائع الجديدة، وستعمل في أقل تقدير من أجل استبدال الاستنزاف بإيقاف النزيف.

والبعض الآخر يقول إن واشنطن التي تعرف أن كلفة الفوضى أصبحت باهظة في العراق، ونتائج الأزمة الاقتصادية الجاثمة ستزيد الوضع الإنساني تفاقماً، مع التصاعد المستمر لدعوات التقسيم، وقلقها من إنهيار العملية السياسية الهشة الموجودة في البلاد، خصوصاً أن داعش ما زال ينتشر في مناطق عديدة ويخطط لدخول مناطق جديدة، أو مناطق طرد منها، لينفذ فيها مشاريعه الاجرامية، لذلك ستعمل على تنشيط المحادثات بين المكونات العراقية ويتدخل مسؤولوها الكبار لإنقاذ مايمكن إنقاذه. 

آخرون يقولون إن طهران تلعب دوراً من وراء الستار وتضغط لمنع إنهيار المداولات وانغلاق فسحة المفاوضات الحساسة بين ممثلي الكورد والسنة وممثلي الشيعة. وفي مقابل هؤلاء، نرى أناساً يحبسون أنفاسهم، لأنهم يعون تماماً أن انهيار العملية السياسية يعني العودة الى المربع الاول والاستمرار في حرب الاستنزاف، وعندها لاتنفع الخطط بأحرفها المختلفة. لذلك نقول: المستقبل معلق على قرارات شجاعة وإجراءات جريئة، وعلى تنفيذ خطة عملية وواقعية يمكن تسميتها بـ (أي حرف) لإيقاف المأساة المروعة، وتلبية رغبة الذين يريدون ان يكون العراق ملكاً للشراكة، ومساعدة الذين يريدون تبسيط المعادلة عبر تبني سياسة التنازل مقابل تنازل الاخرين، وسحب البساط من تحت أقدام المالكي ومن معه، والبعثيين الذين يسعون لزيادة التدهور في الوضع الميداني ، لإيمانهم بأنهم سيستفيدون من سياسة الاستنزاف التي قد تصبح مستنقعاً يورط الآخرين عاجلاً أم آجلاً ويستنزف طاقاتهم. لذلك لابد من  تدارك الامور، لكي لا يضطر الشعب الى اللجوء الى تنفيذ خطته، وما أدراكم ما خطة الشعب.