معيار الشعب ومعيار الحكومة

Kurd24

الحياة أقدار وأوزان وفق معايير مختلفة وحاجات متعددة، وبالرغم من إيماننا المطلق بأن الله تعالى هو القادر المقتدر لكل شيء، إلا أن ذلك لا يمانع أو يعارض أن تضع الشعوب والحكومات أسساً ومعايير لها في سبيل القيام بعملها وواجباتها، وإن الاختلاف في هذه المعايير لا يعني الخلاف وإنكار الآخر، بل نابع من وجهات نظر متعددة وتضع الصورة بشكل أوضح وأدق، وقد يشترك شعب أو إنسان مع آخر في وضع المعايير المتعددة في سبيل أداء مهامه أو الارتقاء إلى المستوى الأعلى وتحقيق النجاح منها الإرادة والتخطيط والمثابرة والجدية والحزم والمتابعة كما للحكومات معاييرها في تنفيذ برنامجها المعلن ويكمن في النزاهة والإخلاص والاختصاص... إلخ.

إن معايير اختيار شخص معين من قبل الشعب لتولي وظيفة معينة تختلف عن معايير حكومة ذلك الشعب لاختيار شخص لوظيفة ما ويظهر ذلك بوضوح عند إجراء الانتخابات. فالشعب يختار وفق معايير يؤمن بها، لذا فقد يصل بأشخاص إلى البرلمان اعتماداً على شعبية المرشح وقوة علاقاته الاجتماعية فكم من أصحاب الاختصاص والأكاديميين خسروا في سباقهم إلى مجالس النواب على الرغم من كفاءتهم ورغبة الحكومة بان يكونوا نواباً مؤثرين وتستفيد من خبراتهم وآرائه من ولكن الشعب قال كلمته ومنعهم من الدخول إلى قبة البرلمان.

وفي مقابل ذلك فإن الشعب غالباً ما يرغب أن يتولى شخصاً معيناً ومعروفاً بنزاهته وإخلاصه وعفته وبعده عن الفساد أن يتولى منصباً حكومياً خاصة في فترة تشكيل الحكومة ولكن تأتي اختيار الحكومة لأشخاص آخرين يملك الشعب ملاحظات عليهم سواء كانت هذه الملاحظات إدارية أو سوء التعامل، ولكن الحكومة ترى فيه الأنسب أن ينفذ برنامجها، ومن هنا ينشأ الاختلاف، صحيح أن الحكومات نابعة من رحم الشعوب ومنه تستمد قوتها وتعمل على خدمتهم، وفي الوقت نفسه لا يعني هذا بأن الحكومة تسير في الاتجاه الخاطئ ولا الشعب لم يكن موفقاً في تقديراته ومعاييره خاصة عندما يكون هدفهما حماية المصالح العليا وتقديم الأفضل.

الشعب الكوردستاني واحد من هذه الشعوب، قد يرغب أن يتولى شخص ما وظيفة معينة لأنه يرى فيه الأنسب والأفضل ولكن قرار الحكومة يأتي على خلاف ذلك ويتم اختيار شخص آخر ترى فيه الأنسب، لذا يكون هذا الشخص تحت عدسة الشعب وما إن صرح أو قال كلمته إلا وتبدأ سهام النقد يتوجه إليه يضعف الأداء وقلة الخبرة.

وهناك حالات تكون قرارات الحكومة لشخص معين بتولي منصباً أو وظيفة متطابقة مع توجهات الشعب في غالبيته وحينها يشعر بأن هذه الحكومة جاءت لخدمتهم.

إن تغيير الوجوه مهم ولكن الأهم تغيير النظام الداخلي للمؤسسات الحكومية لأن الأشخاص هم منفذو هذه الأنظمة وعلى الحكومة أن تسير باتجاه البناء المؤسساتي للحكومة، وحينها لا يكون لتغيير الوجوه صدى مثلما ينشغل به المواطنون في كل يوم وساعة بان التغيير الفلاني سيجرى أولاً ويدلي برأيه سواء بالسلب أو الإيجاب.