فقه المقاومة الاقتصادية الإيرانية يمر من العراق

Kurd24

المرشد الأعلى في جمهورية إيران الإسلامية  علي خامنئي أطلق في أغسطس/آب 2010 رؤيته لتأسيس "اقتصاد مقاوم" يتفادى فيها العقوبات الغربية بتنمية قطاعات التصنيع والزراعة الداخلية وتقليص الاعتماد على الريع النفطي مع ترشيد الاستهلاك الداخلي بعد الضغط على اقتصاد إيران الريعي من قبل خصمها الخليجي بخفض أسعار النفط ، والتركيز على تنمية الصادرات غير النفطية إلى دول الجوار وخاصة العراق حيث أصبحت أولوية كبيرة في أجندة صناع القرار الإيرانيين، ولهذا يمنعون بقوة من دخول العراق بأي فوضى سياسية قد تؤدي الى حرب أهلية هي ليست بصالحهم اقتصادياً.

المقاومة الاقتصادية مفهوم أطلقه علي خامنئي كأحد الأسس العشرة التي شكلت فقه المستقبل لديه، ويتلخص هذا المفهوم في أن الحصار الأمريكي الدولي سيطول، وأنه لا بدّ من مقاومته، وعدم تبرير ضعف الاقتصاد بحجة هذا الحصار، بل يجب السعي بجدّ لتأسيس اقتصاد غير ريعي لا يعتمد على النفط، وتنويع الموارد، وترشيد الإنفاق، والتخفيف من وطأة الفساد الإداري والاقتصادي، ودعم التكنلوجيا، وتعزيز دور القطاع الخاص.

أمّا الدبلوماسية الاقتصادية، فهي مفهوم جديد تبنّتْه حكومةُ رئيسي، كسياسة قائمة على فقه المقاومة الاقتصادية لدى الخامنئي، وتعني تخفيف التوترات مع دول الجوار، وبناء علاقات سياسية واقتصادية جديدة، وإبرام اتفاقات إستراتيجية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وتشويق المغتربين من الإيرانيين على استثمار أموالهم في إيران، ودعم الإنتاج غير النفطي، وتسهيل تصديره، وتحيّن الفرص والإمكانات والوسائل الدبلوماسية لتصدير أكبر قدر ممكن من النفط.

عقبات عديدة ستواجه إيران وخاصة أن الاقتصاد الإيراني اقتصاد ريعي يعتمد في الأساس على الواردات النفطية، وأن الحكومات المتعاقبة في إيران فشلت في إخراج البلاد من هذه الطبيعة الأحادية في الاعتماد على مبيعات النفط، على الرغم من أن اعتماد الحكومة على النفط قد انخفض من 90٪ إلى 60%، إلا أن هذا الانخفاض لا يزال غير قادر على تلبية متطلبات فقه المقاومة الاقتصادية، مقابل فشل خطط بدعم القطاع الخاص وحصر أغلبها تحت سلطة وإدارة الحرس الثوري مع رفع ميزانية الحرس الثوري في الموازنة العامة.

الحصار الاقتصادي الأمريكي على إيران، يعيق التنمية الوطنية بشكل ملحوظ، ويتسبب في رفع معدلات الفقر والبطالة والتضخم، وانكماش مطّرد في سعر العملة المحلية، والواردات المالية من مبيعات النفط مقيّدة بالحصار الأمريكي، ومعظمها تأتي من المبيعات غير الرسمية من خلال خرق الحصار، مع ملاحظة الخروج المستمر لرؤوس الأموال الإيرانية في السنوات الأخيرة، بالإضافة التوترات السياسية التي تمر بها إيران في المنطقة مع تشكيل الحكومة تحول دون تحقيق مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية التي يؤمن بها رئيسي، على الرغم من التقارب الظاهري مع بعض الدول كالسعودية ودولة الأمارات والباكستان.

واحدة من أهم منافذ خرق الحصار هو سوق العراق الموالي لها سياسياً ، حيث تنقسم الصادرات الإيرانية إلى العراق وخدماتها الاقتصادية إلى سلع طاقية (غاز طبيعي وكهرباء)، وسلع غير نفطية (سيارات، ومواد غذائية ، ومستلزمات منزلية ، وأعمال يدوية)، بالإضافة الى خدمات فنية وهندسية (في قطاعات الطاقة ، والإسكان ، والصحة ،  والنقل) ، بواقع 18 مليار دولار تقريباً سنوياً ،  ويبدو أن الفاعلين الاقتصاديين بطهران لا يرغبون فقط في لعب دور أكبر في مشروعات بنية تحتية فقط ، فمن المحتمل أيضاً أنهم يرغبون بالانخراط في كيانات اقتصادية مشتركة مع بغداد لكي يستطيعوا من خلالها اختراق المؤسسات الاقتصادية أكثر بتأسيس جماعات ضغط محلية توجه مراكز صنع القرار المعنية لصالحهم.

 

ملاحظة: الآراء التي ترد ضمن مقالات (آراء) تمثل آراء الكتّاب ولا تعبر بالضرورة عن رأي كوردستان 24.