انتفاضة شعب كوردستان في اذار 1991 للتحرر

Kurd24

ان التاريخ قد شهد العديد من انتفاضات الشعوب ضد القمع والاستبداد الداخلي اوضد الاحتلال  الاجنبي الخارجي ، فثمة تشابه بين رغبات المنتفضين وادوات التعبير التي يستخدمونها للاعلان عن وجودهم في ميادين النضال والمطالب التحررية او الاصلاحية التي تجعل تحركهم في لحظة تاريخية تشكل علامة فارقة لتغيير الاوضاع .

انتفاضة شعب كوردستان ضد السلطة البعثية الحاكمة في العراق، لم تأتي من فراغ وانما كانت نتيجة حقبة زمنية من النضال الدؤوب ضد الانظمة الحاكمة في العراق والمظالم التي تعرض لها شعب كوردستان ومطالبتهم بحقوقهم المشروعة وعلى اثرها حلت بهم الكوارث كردة فعل للسلطات الحاكمة نتيجة تلك المطالب، منها سياسة الأرض المحروقة وشن الهجمات البرية والجوية واستخدام الاسلحة المحظورة والفتاكة بما فيها النابالم والاسلحة الكيمياوية وعمليات الانفال والقتل الجماعي للبارزانيين وعمليات القتل والاعدامات الفردية  والسجن والابعاد والتغيير الديموغرافي لمناطق كوردستانية واساليب العقمع والقهر ضدكل تحرك يروم به الانعتاق والتحرر لهذا الشعب المظلوم ، فكل هذه كانت تراكمات من الغضب ضد الانظمة الحاكمة في العراق وخاصة نظام البعث بين 1968- 1991 بعد غزو الكويت وانهيار قواته امام التحالف الدولي ، مما هرع المتذمرون من تلك الاوضاع في آذار عام 1991 لدك اركان السلطة البعثية  وصب جام غضبهم على مؤسساتها في انتفاضتهم المباركة بهدف تغيير تلك الاوضاع والتخلص من تلك المظالم ونيل حقوقهم العادلة والمشروعة ، وعلى الرغم من انها جوبهت باساليب القمع والتعسف في استعمال القوة المفرطة بالالة العسكرية والبطش الشديد مما تسبب الى النزوح الجماعي (الهجرة المليونية) وعلى اثرها بدأ المجتمع الدولي بالتحرك  لوقف القمع الذي تعرض له السكان المدنيون وبشكل خاص الكورد ، فقد اصدر مجلس الامن الدولي القرار 688 في 5 / 4 / 1991 لارغام النظام العراقي بوقف القمع والسماح بايصال الاغذية والمساعدات الانسانية الى السكان وما تلا ذلك من انشاء ملاذ آمن للنازحين في مناطقهم بموجب القرار المذكور .

الجبهة الكوردستانية من جانبها بدأت بتسيير الامور الادارية بسلطة الامر الواقع نتيجة الفراغ الحاصل بسبب قيام الحكومة بسحب الادارات، في ظل هذه الاوضاع قررت الجبهة الكوردستانية بمبادرة من الرئيس  مسعود البارزاني باجراء انتخابات برلمانية لتشكيل حكومة ذاتية للمحافظات الثلاثة لادارة الاوضاع بشكل قانوني وفق النظم الادارية، وتم ذلك فعلاً في 19 / 5 / 1992 وبعدها تم تشكيل الحكومة ، وفي اكتوبر من نفس العام تم اعلان الفيدرالية بدلاً من الحكم الذاتي الذي اقره الحكومة بموجب اتفاقية الحادي عشر من اذا ر 1970 .

شرعت حكومة كوردستان المنتخبة تمارس مهامها وفق القوانين والضوابط الادارية وبالامكانيات المتاحة وكان هذا مكسباً مهماً وشكل قاعدة اساسية لمراحل متتالية الى مرحلة سقوط نظام حكم صدام وحكومة انتقالية وانتخابات برلمانية وحكومة عراقية منتخبة ودستور جديد اعترف بسلطات الاقليم ومؤسساته وحدوده واحكامه القضائية .

ولكن لم تكن النتائج بمستوى الطموح بعد التحول لاسباب داخلية واقليمية وذلك بتنظيم قوى الشعب الثائر ووضعها في مكانها السليم من العمل الصحيح للمرحلة الجديدة وبما يؤدي الى تحقيق  الاهدف التحررية للجماهير الثائرة وفق معايير التخطيط الاداري والبناء المؤسساتي لأسبا ب عدّة لا مجال لذكرها ، ومع ذلك فهناك مكاسب كثيرة على الصعيد التاريخي والسياسي والشعبي والمؤسساتي ، منها الفيدرالية لثلاث محافظات كوردستانية اضافة الى محافظة حلبجه المستحدثة والبعض من مناطق خارج ادارة الاقليم اصبحت بحكم الامر الواقع تندمج مع الاقليم ، هذا المكسب يترسخ  وفق سابقة تاريخية امام الحكومات العراقية والمجتمع الدولي والهيئات الرسمية وشبه الرسمية بمثابة حق مكتسب بالرجوع الى قرار مجلس الامن الدولي ( 688 ) في 5 / 4 / 1991، اضافةً الى مكاسب عمرانية في البناء كتوسيع شبكة الطرق والمواصلات بين محافظات الاقليم والاقضية والنواحي والقرى وبعض انظمة الانفاق في البنية المؤسساتية الداخلية ومطاري اربيل والسليمانية لتسهيل السفر بين الاقليم و الخارج  ، اضافةً الى ازدياد مؤسسات ثقافية وعلمية كالجامعات والمعاهد والمناهج الثقافية والمطبوعات التاريخية والكفاءات العلمية والشهادات العليا وتوظيفها لخدمة التطور العلمي في الاقليم ، ومن الضروري الاستمرار في العمل وفق النظام المؤسساتي لبناء سرح حضاري ومكافحة الفساد ومظاهر التخلف واتاحة الفرصة للكفاءات وذوي الخبرة للعب دورهم واستثمار طاقاتهم في تطوير هذه المكاسب وايصالها لذروتها في الرقي والتقدم ليصبح هذا الاقليم نموذجاً يشهد له العالم ويقتدى به الاحرار مستقبلاً .