النظام السابق.. رحل من العراق وبقي في كركوك

Kurd24

على الرغم من مرور عشرين عاما على رحيل النظام العراقي السابق من سدة الحكم في بغداد، إلا أن ممارساته لا تزال مستمرة وبقوة في كركوك، بدءا من تهميش اللغة الكوردية وليس إنتهاء بمصادرة أراضي الكورد لصالح المكون العربي، فلا يمّر يوم دون حدوث تجاوزات للدستور العراقي في كركوك التي تعدّ إحدى البؤر الجوهرية للخلاف بين الحكومة الإتحادية وحكومة إقليم كوردستان، فالحكومة المحلية تقوم بتغيير ديمغرافي ممنهج لصالح العرب على حساب الكورد، كما كان سائدا ابان حكم النظام السابق بقيادة صدام حسين.

وعبر السنوات الماضية من عمر "العراق الجديد"، ووسط تفاؤل مشوب بالحذر على الدوام، خاضت حكومة إقليم كوردستان فصولا عديدة من المفاوضات مع الحكومة الإتحادية، والرامية الى حل الخلافات العالقة جراء الإختلاف في تفسير المواد الدستورية، فيما الحلول الجذرية غائبة، في بلد كالعراق، يعاني صراعا سياسيا واستقطابا حادا، فرضه التنوع السكاني، العرقي والطائفي.

والى جانب الخلاف حول عدد من القضايا كالحصة المالية للإقليم، وملف النفط، لا تزال المادة 140 من الدستور، والخاصة بتسوية الصراع على المناطق المتنازع عليها بين الجانبين، وأبرزها محافظة كركوك، مهمّشة، ومجمّدة في "الثلاجة"، رغم أنها ووفقا للدستور الذي وافق عليه غالبية العراقيين عام 2005، كان يفترض البت في مستقبل كركوك، والمناطق الأخرى المتنازع عليها الأخرى، على ثلاث مراحل تبدأ بالتطبيع ثم الإحصاء على أن يتبع ذلك استفتاء محلي لحسم مصيرها، إلا أن ذلك لم يُنفذ.

وعلى الرغم من أن البعض يسعى لتصوير التجاوزات بحق الكورد في كركوك، وكأنها سلوكيات فردية من الحكومة المحلية، أو تصوير المشهد على أنها خلافات اجتماعية، إلا أن هذا يجانب الحقيقة، فالمشكلة سياسية بحتة، ولا يمكن اقتلاع هذه النزاعات من جذورها، دون التوصل لحلول سياسية بين حكومتي أربيل وبغداد.

وبحسب التقارير الواردة فإن نحو 300 الف دونما من الأراضي الزراعية للكورد وبعض من التركمان، مهدّدة بالاستيلاء عليها، ومن المقرر أن تتحول هذه الأراضي -المملوكة لمزارعين يحملون وثائق ملكية رسمية- الى وحدات سكنية لمنتسبي الجيش العراقي، عدا عن الهجمات اليومية التي يشنها عرب وافدون ترافقهم قوات عسكرية تابعة للجيش العراقي، على الكورد في تلك المناطق بغية الاستيلاء على أراضيهم، في تكريس ممنهج لذهنية التعريب، وتطبيق لقرارات مجلس قيادة الثورة، وترسيخ لذهنيته في محق الوجود الكوردي في تلك المناطق.

ومن هنا فإن حكومة السوداني أمام اختبار حقيقي لتسوية وضع المناطق المتنازع عليها، وإعادة الحقوق لاصحابها عبر تطبيق الدستور الذي من المفترض أنه الحامي له، وبإشراف من الأمم المتحدة وهذا ما يخدم استقرار تلك المناطق ورخائها، ويصب في مصلحة السكان المحليين، ويقطع دابر ذهنية النظام السابق ويؤسس لعراق جديد قائم على العدل والمساواة بين كافة مواطنيه.