عن كتاب "للتأريخ" لمؤلفه مسعود بارزاني

قليلون هم الذين يعرفون كثيرا عن القضية الكردية وتفاصيلها العميقة ، يتعلق ذلك بأسباب كثيرة اهمها تقريبا عدم عثور الاعلام الكردي على الآلية التي تمكنه من النفاذ الى القاريء العربي بشكل خاص.
هذا ليس قدح بالاعلام والثقافة في الاقليم الاخضر، فالناس لديهم امكانيات هائلة في شتى جوانب الحياة، وقد برزت اسماء كردية تستحق الاحترام على الساحة العربية والعالمية بجدارة فيما برزت اسماء مهمة ايضا استطاعت ان تسوق الموضوع الكردي بشكل مقبول ومحبب وودي، واعني من الجانب الاخير شخصيتان متمكنتان من اللغة العربية ويتقنانها بشكل مدهش الى الحد الذي جعل المتلقي العربي يستعير من زمنه المهم وقتا خاصا ليتابعهما على الشاشات واقصد طبعا كفاح محمود ومحمد زنكنه ومسعود حيدر واعلامي وروائي ايضا اسمه احمد زاويتي وهناك اسماء لاتحضرني ايضا.
أقول :على الكرد المكلفين بالاعلام ان يبحثوا ويستشيروا ليجدوا الثقب الذي يمكنهم من النفاذ عبره الى روحية القاريء العربي، عليهم ان يصنعوا بريدا خاصا ومختلفا يبعثوا عبره رسائلهم المهمة الى العرب والعالم، مع انه لايمكن لاحد ان ينكر بان القضية الكردية بلغت اقصى العالم ابان انتصارات البيشمركة في حقبة داعش ،بل ان الصيت الذي حظي به الاقليم بفضل جهود المقاتلين الكرد في السنوات القليلة المنصرمة لم تتمكن اي فعالية كردية ان تضاهيه، أقول كل هذا وانا اقرا بدهشة وفضول كبيرين مذكرات الزعيم الكردي مسعود بارزاني الرجل الاكثر تأثيرا في الجغرافية الكردية والاكثر شهرة في المنطقة.
مذكرات دسمة تختصر مايقارب قرن وربع القرن من تاريخ المنطقة التي تجلس على موقد، اسرار زعماء، مكائد حلفاء وخصوم ، ثورات ، كمائن ، مواقف باسلة ، مواقف انسانية ، اسرار وأسرار وأسرار ، مؤلفات تحقن القاريء بالمعرفة والعلمية والدهشة واهم من كل ذلك تكنس الضباب عن عينه ، اقصد تمكنه من الانصاف والنظر بموضوعية ، اقصد قراءة التاريخ على لسان ثائر مخلص لايشك في مصداقية ابدا ، شهد بذلك حلفائه وخصومه على حد سواء، فالرجل له مواقف كثيرة تتسم بالشهامة، وأخرها طبعا انسحابه من منصب رئاسة اقليم كردستان مفضلا ان يكون مجرد مقاتل في البيشمركة التي نشأ وترعرع فيها ، وقد سحب هذا القرار الجريء البساط من تحت الذين راهنوا ابان تلك الايام على زلزلة الاقليم، واقصد بتلك الايام ماتبع ليلة الاستفتاء على استفلال الاقليم بشكل كامل والذي حاز على نسبة 92% من تاييد الكرد في سائر مدن الاقليم وفقا للاعلام الكردي الرسمي عززته مؤسات رقابية أممية رصينة.
هذا الاستتفتاء الذي رافقه التهديد الذي شكله داعش على الاقليم هما الفترة الاكثر قتامة في تاريخ الاقليم فيما يتعلق بالآثار التي خلفاها على الاقليم من ازمات مع جزء من العالم وبغداد تجديدا، رغم ان هذه الازمات كانت مفتعلة وكانت جعب الشركاءوالحلفاءوالخصوم مممتلة وجاء الاستفتاء ليفجرها دفعة واحدة، الزعيم المؤلف يروي لنا في مذكراته اسرارا كبرى مغايرة للكثير من الذي سوقته الماكنة الاعلامية المحلية والدولية ، فمثلا نقرأ الموقف العالمي والامريكي خصوصا من الاستقلال في الصفحة 64 – 65 تحت العنوان (الزيارة الى اميركا) من كتاب للتأريخ لمؤلفه مسعود بارزاني (قي يوم 6 آيار 2015 كنت في ضيافة نائب الرئيس الاميركي، اجتمعنا لعدة ساعات وتحدثنا عن مئة سنة من التاريخ المشترك مع العراق وموضوع استفلال كردستان، استعرض بايدن وجهة نظر بلاده بشكل دقيق حيال استقلال كردستان والمشكلات والعقد في الشرق الاوسط وفي نهاية حديثه قال "أنا وأنت ، نحن الأثنان ، سنرى في حياتنا وبأعيننا أستقلال كردستان ") ، ونقرأ ايضا عن الموقف العراقي من الاستقلال في الصفحة رقم 70 تحت العنوان (قرار اجراء الاستتفتاء )من كتاب للتاريخ يقول المؤلف (قبل زيارتي لبغداد ، بفترة ، زارني وفد من الاطراف الشيعية ،ضم هادي العامري وخالد العطية وصادق الركابي . ابلغت الوفد ، تعالوا لنجد حلا لهذا الوضع ، اما تنفيذ الشراكة ، او ان نصبح بطريقة سلمية أخوين وجارين ،أو حسب المعطيات الموجود سيحدث القتال بيننا . آنذاك قال هادي العامري ، اعوذ بالله ، من المستحيل حدوث القتال بيننا ، بعدها استشهد بأية من القرآن الكريم ، وقال "فأمساك بمعروف أو تسريح بأحسان".
اسرار كبيرة وكثيرة ينتفع منها كل سياسي وباحث وقاريء بل وكل مواطن ، يضمها المنجز المهم كتاب (للتأيخ ) لمؤلفه الزعيم الكردي مسعود بارزاني،والمتوفر على محركات البحث الالكترونية مجانا ، لقد قرأت مذكرات الرئيس وانا مندهش حقا امام كل حدث حقيقي كانت عيني مضببة عن رؤيته واضحا بفعل الضباب الاعلامي المؤدلج طيلة السنوات الماضية والحالية ايضا .