ماذا تريد الحكومة العراقية من كورد العراق؟

لقد شكلت الحكومة العراقية والكورد شراكة في الحكومات العراقية منذ عام 2005 على أساس التوازن والتوافق والشراكة. وتميزت بمراحل التعاون والخلاف والتفاوض والاستقلال. إقليم كوردستان هو منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي في العراق ضمن الهيكل الاتحادي العراقي. فيما يلي بعض المواضيع الرئيسية حول تأثير الحكومة العراقية على حكومة إقليم كوردستان وكيفية معالجة القضايا العالقة بين الجانبين:
1. الاستقلالية والإدارة الذاتية: سعت كوردستان العراق وحصلت على الحكم الذاتي في ظل النظام الاتحادي العراقي. سمح إنشاء حكومة إقليم كوردستان في عام 1992 للكورد بالحكم الذاتي، مما سمح لهم بإدارة شؤونهم الداخلية، بما في ذلك قوات الأمن والبشمركة والإدارة والموارد الطبيعية. علاوة على ذلك، في عام 2005، أقر الدستور العراقي الفيدرالية وإقليم كوردستان بإقامة علاقات جديدة لتحسين وحدة العراق وشعبه وأرضه.
2. تقاسم العائدات وصادرات النفط: إحدى القضايا العالقة بين الحكومة العراقية والحكومات الإقليمية هي تقاسم عائدات النفط. وتسيطر حكومة إقليم كوردستان على موارد نفطية كبيرة، وقد نشأت خلافات حول توزيع عائدات النفط بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة المركزية. ولذلك، يجب على الجانبين التفاوض على قانون لتقاسم عائدات النفط والغاز لضمان التوزيع العادل لعائدات النفط والغاز للجميع وفقا للدستور العراقي. ويجب أن يتفق الطرفان على تحديد الدخل النفطي وغير النفطي وعدم التعامل مع الإقليم كباقي المحافظات الأخرى.
3. النزاعات الإقليمية: هناك خلافات بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان على الأراضي المتنازعة التي يطالب بها الطرفان. أدت هذه النزاعات، في بعض الأحيان، إلى توترات وصراعات. إلا أن المادة 140 من الدستور العراقي وضعت جميع الآليات لحل هذا الصراع. ومع ذلك، فإن الحكومات المركزية لم تلتزم بعد بتطبيقه. انها فقط تشكل اللجان بعد اللجان وتخصيصات مالية خجولة لحل هذه المشكلة الحاسمة و الأساسية لحل جميع المشاكل العالقة بين المركز والإقليم حسب المادة 140 لضمان لوحدة العراق.
4. التمثيل السياسي: وتهدف الحكومة العراقية إلى تمثيل الكورد في المشهد السياسي العراقي الأوسع. والكورد هم القومية الثانية في العراق. إن مشاركتهم في عملية صنع القرار في الحكومة المركزية أمر حيوي للحفاظ على الوحدة الوطنية. لكن الأطراف تعمل على تقسيم هذه الشراكة لمصالحها ومصالح دول المنطقة.
5. التعاون الأمني: تهتم حكومتا العراق وإقليم كوردستان بالحفاظ على الأمن والاستقرار داخل العراق. إن تعاون الكيانين في مكافحة الإرهاب وتمرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فضلاً عن تدخل الدول الإقليمية في العراق، يعطي زخماً قوياً للتعاون لبناء الأمن والاستقرار في عموم العراق.
6. العلاقات السياسية والاقتصادية: تسعى الحكومة العراقية إلى إقامة علاقة تعاونية مستقرة مع الكورد لضمان الوحدة الوطنية والاستقرار. تعتبر العلاقات الاقتصادية والتجارة والتفاعلات عبر الحدود ضرورية لرفاهية كل من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان.
7. الوحدة الوطنية: تريد الحكومة العراقية ضمان شعور كورد العراق بأنهم جزء من الأمة العراقية الأكبر، على الرغم من استقلالهم الإقليمي. قد تكون الجهود المبذولة لتعزيز الهوية الوطنية والوحدة ضرورية لنهج الحكومة. لكن البرلمان العراقي يعيق هذه الجهود بقراراته الأغلبية لتمرير قوانين ضد الإقليم.
8. الإطار الدستوري: ويعترف الدستور العراقي بالحكم الاتحادي لإقليم كوردستان وحدد صلاحياته في (المواد 111 إلى المادة 126)، وبموجبه تحدد العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان. إن ضمان التزام الجانبين بالإطار الدستوري أمر حيوي للحفاظ على الاستقرار. إلا أن العديد من مواد الدستور العراقي لم يتم تنفيذها أو تفعيلها، مما يؤثر على الحكم الاتحادي ووحدة البلاد.
9. حكم الأغلبية: واليوم، يعمل البرلمان العراقي بمبدأ الأغلبية، حيث تتطلب قراراته الأغلبية (يعني 50+1) ضد الإقليم، مما يزيد من التوتر في العلاقات بين المركز والإقليم. فهذه القرارات تضر بمبادئ التوازن والتوافق والشراكة. ولذلك يجب أن يكون البرلمان هو المنبر الفعلي لحماية حقوق ومصالح الشعب العراقي.
10. المحكمة الأتحادية العليا: وبحسب المادة 94 من الدستور العراقي، فإن قرارات المحكمة الاتحادية نهائية وملزمة لجميع السلطات. ويجب أن تحظى أحكام المحكمة الاتحادية بموافقة ثلثي أعضاء المحكمة التسعة، مما يعني أنه يجب على ستة أعضاء فقط التصديق على قراراتها. وبالمقارنة، لدى الكرد عضوان فقط. وهذا يعني أن جميع القرارات التي تمس الإقليم يتم اتخاذها دون مشاركة القضاة الكورد. وهذا التفاوت يزيد التوتر بين المنطقة والمركز. ويضر بالمصلحة العليا للعراق، فالمحكمة ليست متكاملة دستوريا، كما جاء في المادة 92 – الباب الثاني. ونتيجة لذلك فإن وجود عضوين كورديين لا يؤثر على أي من أحكامه. وهنا أيضاً تنطبق قاعدة الأغلبية فى أحكامها ضد الإقليم.
11. الميزانية والرواتب: الموازنة الثلاثية مجحفة وتفرض شروطاً تعسفية على إقليم كوردستان؛ على سبيل المثال، يبلغ عدد سكان الإقليم 12.63%. وقدرت وزارة التخطيط العراقية عدد سكان المنطقة بـ 13.9%. في المقابل، صوتت الكتلة الكوردية في البرلمان على الموازنة لمصلحة الدولة والشعب العراقي ككل. واليوم، تقوم الحكومة بحجب رواتب المنطقة لأسباب مختلفة. ويجب فصل رواتب الموظفين عن المشاكل الأخرى بين المركز والإقليم، كما هو الحال في المحافظات العراقية الأخرى.
12. الأحصاء و التعداد العام للسكان: أن إجراء التعداد هو من اختصاصات الحصرية للحكومة المركزية حسب المادة (110 الباب التاسع) لكن منذ 2005 و لحد الآن لم يجرى أي تعداد لتحديد نسبة السكان العراق و على ضوئها تحدد ميزانية الإقليم و المحافظات. وقد فشلت الحكومات المركزية لحد اليوم بأجراء أي تعداد وهذا يضر بمصالح الجميع.
وتم تشكيل الحكومة المركزية بعد اتفاق بين الأحزاب الكوردية والسنية والشيعية، وصوت البرلمان العراقي على برنامجها. لكن للأسف لم تلتزم الحكومة المركزية ببرنامجها، مما أدى إلى التساؤل عما إذا كان القرار بيد رئيس الوزراء أم الأحزاب الشيعية الأخرى؟
وأن حكومة إقليم كوردستان أعلنت مرارا التزامها بالاتفاقيات المبرمة رغم عدم عدالة قرارات المحكمة الاتحادية والتصويت غير العادل على الموازنة الثلاثية في البرلمان. لكن الحكومة ومن يقف خلفها يعرقلون تنفيذ هذه الاتفاقيات ويخلقون أزمات بين المركز والإقليم لمصالحهم الخاصة، خاصة وأن العراق يقترب من انتخابات مجالس المحافظات، لذا أصبحت المشاكل سياسية بالأساس. وأكد ذلك رئيس الوزراء السوداني في مؤتمره الصحفي قبل أيام.
بشكل عام، تتميز علاقة الحكومة العراقية بشعب كوردستان بالتوازن بين الاعتراف بالحكم الفيدرالى والإدارة الذاتية لإقليم كوردستان مع الحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها. أن التفاوض الفعال والتعاون والتواصل هي المفتاح لإدارة هذه العلاقة المعقدة تحت مظلة الدستور العراقي.
وفي الختام، فإن العلاقة بين المركز والإقليم تقوم على الدستور والحكم الفيدرالي، وليس على الحكم المركزي للحكومة من قبل من يحاول تنفيذه، رغم أن الدستور يعترف بالحكم الفيدرالي، الأمر الذي سيؤدي إلى حكم دكتاتوري وانهيار وحدة العراق.