هل من سامع قبل فوات الأوان؟

Kurd24

من الامور المسلّم بها في الحياة انها أخذ وعطاء، فهناك من يأخذ وثمة من يعطي، وليس بالضرورة أن يكون  على نحو دائم، لان دوام الحال من المحال، وهناك من يأخذ ويعطي في الوقت نفسه، الانسان خلقه الله وهو عاجز عن معرفة دقائق الامور وتفاصيل الاشياء، و"ما اوتيتم من العلم إلا قليلاً". مع هذه القلة إلا ان التطور العلمي والتكنولوجي وصل الى الذروة مقارنة مع السنوات القليلة الماضية ولا تزال الجهود والابداعات تتواصل...

الحياة مجموعة من الطرق التي تتجه باتجاهات مختلفة بين القصيرة والطويلة، المستقيمة والمنحنية، المعبدة والوعرة. والانسان يسلك طريقاً منها ليصل الى مآربه ونتيجة لحرصه وشوقه الى تحقيق اهدافه، فأنه قد يسلك طريقاً خاطئاً او لا يناسب قدراته وجهده حتى يُمنى بالفشل المحتوم فيصاب باليأس والملل، لذا فان الله ارسل الرسل وانزل الكتب ومنح البعض قوة تفكير خارقة ليكونوا حكماء وعلماء ومفكرين لتنوير درب الانسان الى السعادة في الدنيا والاخرة، وهذا يدلنا الى أن الانسان مهما بلغ من العلم و العمر، فانه بحاجة الى الارشاد و النصيحة و التشاور.

ان التنبؤ بالأخطار والعواقب الوخيمة يدفع بأصحاب الفكر والرأي والقلم الصادق والقلب النابض بالحيوية وحب الانسانية وبناء الحضارات الى أن يقولوا ويكتبوا ويصرخوا بأعلى الاصوات وملئ الحناجر وبأجمل الكلمات واحلى النغمات لينذروا ان الداء قد استفحل والخطر في وشك الوقوع  والدمار في طريقه، و لكن حب البعض لنزواتهم وانشغالهم بمصالحهم قد اعمى الابصار واصم الاذان لا تهمهم النداءات ولا يلقون لها بالاً او ادنى اهمية حتى وان تبدأ الامور المنهي عنها بالكشف وتفعل فعلتها والداء المشخص بالانتشار كالمريض الذي راجع الطبيب وقد قدم له النصح اللازم و الدواء الجيد، لكن المريض لم يأخذ بالنصح والدواء، لذا فأن الداء يبقى ويزداد، فالطيب قام بواجبه وادى مهمته والمريض في محنته و ألمه باقٍ يستمر .

ما اكثر المشاكل التي تعاني منها المجتمعات الانسانية على وجه البسيطة من الفقر والبطالة والاحتكار والارهاب والحروب والصراعات والدمار ولا تزال تعلو الاصوات التي تنادي بمعالجتها ومشاريع الحلول تقدم دون أن تغيير من الوضع إلا اليسير منها، فلا تكاد أن تكون هناك آذان صاغية وعقول نيرة تأخذ هذه الحلول بجدية.

المجتمع الكوردستاني ليس بمعزل عن المجتمع الانساني، فانه يعاني ما يعاني منه بدرجات ونسب متفاوتة ولكن بمناعة اقل و تأثير اكبر لأسباب منها صغر حجمه والتأثيرات الخارجية وموقعه الجغرافي، فالفساد وقلة الخدمات والتلاعب بالقوت والاحتكار... الخ مشاكل نعاني منها وبإقرار القاصي والداني، والاصوات ترتفع من دور العبادة والناشطين والاعلام والمختصين بضرورة حلها إلا فان نارها ستأكل الاخضر واليابس، والادهى منها والامر أن الجميع يقرّون بوجودها وتأثيرها السلبي إلا انها تحتاج الى ارادة وقيادة وقرار بالإصلاح .

لذا فنقول هل من سامع؟ يعي بما يعانيه المجتمع من المعاناة و يفدي بنفسه من اجل انقاذه من المحن و المآسي لأنه شأن الجميع .

كل الانظار باتجاه الحكومة الجديدة التي طالت مدة ولادتها الطبيعية الى ولادة قيصرية، بأنها ستكون السامع والمعالج في نفس الوقت لطلبات الشارع الكوردستاني الذي نفد صبره، فالأيام القادمة كفيلة بالجواب على سؤالنا المطروح كعنوان للمقال.

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.