ترامب ومشكلته مع التاريخ!

Kurd24

منذ أن بدأت القوات التركية هجومها على شمال شرق سوريا أو روجافا، وأنا اتابع عن كثب جميع الاخبار المحلية والعالمية وبالخصوص تصريحات ترامب التي تشعرني بالازدراء وفي نفس الوقت فهي تدغدغ لدي منطقي العقلي الذي بات هائجا لا يعرف التعقل والتفكر من شدة الذهول أثر اقواله العشوائية التي تفتقر الى خلفية معرفية.

هل من الممكن ان يكون لدينا رد فعل سلبي تجاه ما يحدث ونزاول حياتنا اليومية دون ان نأبه لما يجري من احداث تمس اغلى ما نملك وهي هويتنا وقوميتنا وتضامننا مع الانسانية، الانسانية التي بدأت تفقد مصداقيتها. هل لنا ان نصبح كالنعامة التي تخبئ رأسها في التراب من اجل ان نعزل نفسنا عما يحدث؟

فالعبارة الصغيرة التي صدمت الجميع لتبرير عدم وجود رد فعل أمريكي على الهجوم التركي في شمال شرق سوريا "إن الكورد لم يُساعدوا الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية وإنزال النورماندي" لا تعبر إلا عن جهل كبير نابع عن عدم تعرف ترامب على التاريخ،  فيمكن ان يكون جزءا من العبارة صحيحا كون الكورد لم  يشاركوا في انزال نورماندي في حزيران 1944 ولكن الجزء الآخر خاطئ جدا فقد  شارك المقاتلون الكورد جيدًا في بعض العمليات التي قام بها الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية.

ان ما يتفوه به ترامب هو مجرد تفاهات يستعين بها كون قدرة التحليل المنطقي لديه منعدمة في عقله الصغير، لانه لو اتينا بملايين من الادلة على ان الكورد قد شاركوا في الحرب العالمية الثانية إلا أنني سأتوقع ان يكون رده  "إذن لماذا لم يساعد الكورد امريكا في حربها ضد فيتنام" أعني أن هنالك تكرارا لحلقة لا منتهية من الترهات.. تمنيت ان أجد مقالات ترد على ترامب حول الكورد ومشاركتهم في الحرب العالمية الاولى والثانية، فأين هم المؤرخون وعلماء التاريخ الكوردي؟؟؟ ولما عدم الصمت بهذا الشأن؟

وفي الوقت ذاته، هنالك سؤال يطرح نفسه، لماذا ندرس التاريخ إن لم نستعن به لدى اتخاذ القرارات المهمة في السلطة والتي من شأنها ابادة شعوب بريئة؟ الجواب بسيط لان التاريخ هو مجرد تهكم انحيازي وليس إنجازاً أساسياً للجنس البشري كي يسمح لحضارتنا بالتقدم وهو فقط يسمح لنا بالتعلم من تجارب اسلافنا، ربما يكون الوقت الآن مناسبًا تمامًا لطرح سؤال آخر، أن تركنا التاريخ للمؤرخين والباحثين فهل من المهم ان يعرف القادة شيئا من التاريخ؟ فمثلا هل هناك مخاطر عندما يتفاخر القادة مثل ترامب بجهلهم للتاريخ؟ وإلا لما اهدت الملكة اليزابيث مؤخرا عند زيارة ترامب للمملكة المتحدة طبعة أولى مختصرة من الحرب العالمية الثانية لرئيس الوزراء وينستون تشرشل اليه،  كان حري به ان يقرأها قبل اطلاق تصريحاته. 

فقراءة التاريخ هي ببساطة قراءة للإنسان وللإنسانية، قراءة لماضي يتكرر، لحاضر يعتمد على ماض، ولمستقبل تبعاته مستلة من الحاضر..اذن فقراءة التاريخ هي الحلقة الناقصة التي توصل ما بين الماضي والحاضر والمستقبل.. فالتاريخ يقدم للقادة دروسًا تم تجربتها من قبل أو لم تتم تجربتها ، وما الذي نجح من قبل وما لم ينجح. ولكن على مستوى آخر، حتى لو وجد القادة أنفسهم يواجهون مشاكل جديدة كلياً اليوم فلا يزال بإمكان التاريخ مساعدتهم على التفكير في طريقة لحلها. فدراسة التاريخ تساعد على تعلم التفكير النقدي في تقييم الأدلة، وتوازن الاختلافات عند ظهور التناقضات وبالتالي استخلاص النتائج.

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.