العراق بخارطة جديدة

Kurd24

مراكز الابحاث والدراسات اماكن لصنع القرارات خلف الكواليس، والدولة التي تعتمد في قراراتها على مثل هذه المراكز تدل على تطورها وتجاوزها الاسلوب الفردي، ودخلت النظام المؤسساتي البعيد عن النزوات الشخصية وتتسابق هذه المراكز في البحث عن جديد لتقيمه وبيان الجوانب الايجابية واخرى سلبية، وباتت هذه المراكز تتدخل في كل الامور صغيرها وكبيرها وغالباً ما تؤكد الاحداث صحة ما يذهبون اليها واحياناً اخرى لا يصيبون الهدف المرجو، وهذا هو سر حلاوة الحياة بأن الايام تخفي وراءها اموراً غير ظاهرة للعيان .

العراق بلد الاحداث والصراعات التي تكاد تخرج من سيطرة التنبؤات واطار التحليلات لطبيعة ما هو موجود فيها من رؤى مختلفة وارتباطات خارجية يجعل التكهن للمستقبل الافضل صعباً وربما مستحيلاً .

الحدث الساخن والذي ينتظره الشعب والعالم هو الانتخابات القادمة التي بدأت المنافسات تظهر بين من يريد اشراك الحشد الشعبي (الفصائل المسلحة) وبين من يرفضها، وكيف يكون شكل القوائم المشاركة، ففي كل الاحوال لا تبقى الخارطة الحالية على شكلها بل ستجري عليها تغيرات في القوة والعدد والمكون والمذهب، ويهدم على ما تم بناؤه منذ عام 2003 من التوافق والشراكة والتوازن بين المكونات.

اصدر قبل ايام ثلاثة مراكز للابحاث والدراسات (مركز الدونا السياسي ومعهد واشنطن لسياسة الشرق ومعهد بيرترام) خارطة للانتخابات العراقية المقبلة حسب توقع الخبراء السياسيين في شؤون الشرق الاوسط، ووفق هذه الخارطة فأن العراق سوف ينقسم الى كتل وتحالفات رئيسية لخوض السباق الانتخابي، وهذه التحالفات هي (قائمة المالكي وقائمة العبادي والقائمة المشتركة) وكل قائمة تضم مجموعة من الاحزاب والتيارات والشخصيات، هذا التوقع يحمل الخطأ والصواب وليس بالضرورة ان يكون خطأً بتمامه اوصواباً بأكمله، ولكنه دليل على اهتمام المجتمع الدولي بشأن العراق ومستقبله وسباق هذه المراكز في بيان تحليلاتهم ودراساتهم.

ووفق هذا التوقع فأنه يظهر:-

1- ان العراق الذي بني منذ عام 2003 على اساس التوافق والشراكة والحفاظ على التوازن بين مكوناته لم تعد قادرة للاستمرار على ذلك، وبموجب هذه الخريطة كل قائمة تتضمن كتل واحزاب شيعية وسنية وكوردية، وبذلك يضع حداً للاقصاء ومحاربة المكونات المعينة وتدخل ديمقراطية العراق مرحلة جديدة يكون التنافس على خدمة المواطن دون الالتفات الى قوميته اومذهبه اودينه.

2- بموجب هذه الخارطة فأن الاتحاد الوطني الكوردستاني سيشهد انشقاقاً داخلياً بعد الاحداث الاخيرة في كركوك، وسيكون السيد (كوسرت رسول) على رأس مجموعة يشترك مع القائمة المشتركة، و(الاتحاد الوطني) مع قائمة المالكي، وان جهود الاتحاد الوطني ستذهب سدىً في محاولاته اعادة السيد (برهم صالح) الى صفوفه بعد تأسيسه لقائمة (التحالف من اجل العدالة والديمقراطية) على الرغم من تمسكه بنهج طالباني.

3- استناداً الى هذه الخريطة فأن القوائم الحالية في مجلس النواب مثل التحالف الوطني والتحالف الكوردستاني والقوى الوطنية يتم انهاؤها باعتبارها ممثلة للمكونات القومية والمذهبية واستبدالها بقوائم يجمع تحت مظلتها كل المكونات (الشيعة والسنة والاكراد) مع الملاحظة ان القائمة المشتركة تظم اغلبية السنة وليس جميعهم مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني .

4- مشاركة فصائل الحشد الشعبي في الانتخابات على الرغم من محاولات حيدر العبادي الحيلولة دون المشاركة ومنع الفصائل المسلحة من الانخراط في العمل السياسي إلا أن فصائل الحشد انضمت الى قائمة المالكي، مما يعني ان السلطة والقوة لا تزال في يد المالكي وهو العامل المؤثر في ادارة دفة حكم العراق، ويستفاد من الميليشيات للفوز بأكبر عدد من المقاعد، مما لها تأثير على الساحة العراقية وخاصة الشيعية.

5- الخارطة المتوقعة للمشهد السياسي العراقي في الانتخابات القادمة لم تتطرق الى الاتحاد الاسلامي الكوردستاني والجماعة الاسلامية والاحزاب المسيحية والتركمانية واحزاب اخرى سنية وشيعية دون ذكر الاسباب، وتعتقد بأنه يعد نقصاً في طريقة التحليل، لما لهذه الاحزاب من تأثير على الساحة بما تملكه من تنظيمات ومؤيدين، وفي النهاية نقول ونكرر بأنه توقع وليس الامر الحتمي، وان تغييرها وارد، ومن المؤكد سيكون للمراكز الأخرى توقعاتها حول الموضوع نفسه مختلفة عن ما ذكرناها.

خلاصة القول المستنتج من الموضوع هو مدى ظهور ضعف المكون الكوردستاني بعد تمزيق صفوفه واشتراكه في كل القوائم، والسؤال الذي يحتاج الى الاجابة: هل ان الاحزاب التي اشتركت معها الاحزاب الكوردستانية في القوائم المختلفة ستدافع عن الكورد كقومية ام انها ستتعامل معهم على اساس الاحزاب وعدد المقاعد البرلمانية وهذا ما سنشهده في الايام القادمة.

 

هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.