العبادي ودموع التماسيح على شعب كوردستان

Kurd24

في مشهد يجمع بين الدراما والكوميديا ظهر العبادي في مؤتمر صحفي وهو يعلن حرصه على سلامة المدنيين في كوردستان، ويقول إن بغداد لن تقف مكتوفة الايدي ازاء اي اعتداء على المواطنين الكورد في كوردستان، في اشارة الى المتظاهرين الذين خرجوا في بعض مناطق كوردستان احتجاجا على تأخير صرف رواتبهم. ومع اننا نشكر العبادي (على مضض) لهذه المشاعر الجياشة التي امطرنا بها والرومانسية المفاجئة تجاه مواطنينا، الا ان المواطن الكوردي عندما يسمع هكذا تصريح مفعم بالود يتبادر الى ذهنه السؤال التالي: كيف يمكن ان يكون الانسان شيطانا وملاكا في نفس الوقت؟

فيبدو ان العبادي قد تغافل عن الاسباب الحقيقية لهذه التظاهرات وعن المتهم الحقيقي للوضع المالي للمواطن الكوردي وتناسى ان الحصار الذي تمارسه حكومته على هذا الشعب في قطع رواتبهم وحرمانهم من حقهم الطبيعي في حصتهم من الموازنة الاتحادية والحصار الذي تفرضه بالتنسيق مع دول اقليمية على هذا الشعب المكافح بسد منافذه البرية والجوية هو من ادى بالشارع الكوردي الى ان يخرج في هذه المظاهرات.

يظهر ان مفهوم العبادي للمودة والحرص ينطلق من مبدأ (ومن الحب ما قتل). فهو يفرض حصارا اقتصاديا على الشعب الكوردستاني، ويعرقل محاولات حكومة كوردستان في تطوير القطاع النفطي في كوردستان انتاجا وتصديرا، و تطوير القطاع الزراعي او السياحي او الصناعي في الاقليم، ويمنع الشركات العالمية من الاستثمار في كوردستان لإنعاش اقتصادها. او حتى الاستفادة من القروض الدولية والمنح التي تعطى للعراق من الدول المانحة والبنوك الدولية، ثم يأتي ويبدي حرصه على سلامة مواطني كوردستان.

إن حقيقة نوايا العبادي وحكومته تجاه الشعب الكوردي تبدو جلية في المناطق الكوردستانية المحتلة سواء في كركوك او خانقين او طوزخورماتو، فمعروف الممارسات القمعية التي يمارسها عناصر جيشه ومليشياته الوقحة ضد المواطن الكوردي في تلك المناطق من قتل واختطاف واعتقال، ومن لا يقتل او يعتقل يصار الى تهجيره ونهب امواله ضمن عملية تغيير ديموغرافي واضحة تدل على كم هائل وعدائية مفرطة يحملها هذا النظام تجاه كل شيء كوردي.

هذا الحب الالهي من العبادي للكورد شاطرهم فيه العرب السنة ايضا الذين يشتركون معه في القومية، فعمليات القتل والاعتقال والتهجير والتغيير الديموغرافي بحق المكون السني العربي شاهدة للعيان ولا تحتاج الى تأكيد. ومنع النازحين من العرب السنة من الدخول الى المناطق الشيعية اثناء احتلال داعش لمناطقهم ايضا هي ماثلة للعيان، فإذا كان هذه هي مشاعرهم تجاه ابناء جلدتهم من العرب فماذا نتوقع منهم تجاه الكورد الذين يختلفون معهم في القومية والمذهب؟

إن العبادي يمارس خطة اقليمية مدروسة للضغط على اقليم كوردستان وإضعافه وبطرق كثيرة، فمن جهة يعرقل التوصل الى حلول للمشاكل العالقة مع حكومة كوردستان  وذلك بفرض شروط عبثية تمنع البدء بحوار بين الطرفين، وفي نفس الوقت ينسق مع اطراف اقليمية للضغط الاقتصادي والسياسي على الكورد، ومن جهة اخرى يدفع بعض الجهات الكوردية الداخلية المنبطحة لتنفيذ مخططات تؤدي الى اثارة البيت الداخلي الكوردستاني وضرب الاستقرار فيه ، وبدا هذا واضحا في دس عناصر مخربة داخل التظاهرات السلمية للعبث بالممتلكات الرسمية الحكومية والحزبية وحرقها.  ودموع التماسيح التي يذرفها على الكورد هي مؤشر لنية مبيتة تهدف الى استغلال الوضع الداخلي الكوردستاني واتخاذه مبررا للتدخل عسكريا في تلك المناطق واحتلالها اذا توفرت الظروف لذلك.

ان البنية الفكرية العقائدية التي يتبناها العبادي ويطبقها من خلال طرحه السياسي لا يمكن ان تكون بيئة مناسبة للحرص على اي مكون، فهي تعتمد في اساسها على عقد تاريخية ترسخ الكراهية والحقد وتهدف للانتقام من اي طرف لا يتبنى تلك المعتقدات، وما تعانيه كوردستان والمناطق السنية العربية في العراق جراء هذه الثقافة خير دليل على ما نقول.

ان حرص العبادي (المزعوم) على مواطني كوردستان يذكرني بأبيات قصيدة لأمير الشعراء احمد شوقي يتحدث فيها عن ثعلب جائع يبحث عن ديك ليسد به جوعه، فيخرج على الناس ويعلن توبته، ويبعث برسول الى الديك يطلب منه الحضور ليؤذن فيهم ويؤمهم لصلاة الفجر، فما كان من الديك إلا انه رد على رسوله قائلا:-

فأجاب الديك: عذراً يا أضلّ المهتدينا

بلّغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا

عن ذوي التيجان ممن دخل البطن اللعينا

أنهم قالوا وخير القول قول العارفينا

مخطئٌ من ظنّ يوماً أنّ للثعلب دينا

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.