الاستفتاء من يحسم بقاء الامريكيين او مغادرتهم

Kurd24

يعتبر موضوع التواجد الامريكي في العراق من اكثر المواضيع المثارة حاليا على الساحة السياسية في العراق، وتصاعدت حدة التوتر فيه بعد تصريحات ترامب الاخيرة والتي اكد فيها ضرورة بقاء قواته في العراق لمراقبة ايران، ما اثار حفيظة الاطراف السياسية العراقية خاصة تلك المقربة من ايران والتي تولي اهمية كبيرة للامن الوطني الايراني نظرا للمشتركات العقائدية والفكرية بينها وبين نظام الجمهورية الاسلامية في ايران.

ما يحدث اليوم في العراق هو تكرار لسيناريو حصل قبل عدة سنوات عندما اصرت حكومة المالكي في الالفين واحد عشر على خروج القوات الامريكية من العراق بدعوى جهوزية قوات الامن العراقية لمسك الملف الامني على الارض في جميع المحافظات، رغم تحذيرات عقلاء السياسة العراقية في ان هذا الانسحاب قد تكون له تداعيات خطيرة على الوضع العراقي، فكان ان احتلت داعش ثلث مساحة العراق في اقل من اسبوع . ورغم الدمار الذي حل بالعراق دولة وشعبا بسبب الاحتلال الداعشي فلم تخرج كل الاطراف العراقية خاسرة من هذا الاحتلال، فقد استغلت الفصائل المسلحة والاطراف السياسية الداعمة لها خارج العراق وداخله وجود داعش وسيطروا على مجمل مفاصل الدولة العراقية سياسيا وعسكريا، وحيدوا المكونات الاخرى عن العملية السياسية، لذلك فلا باس اليوم من تكرار ذات السيناريو ان كان سيعزز سيطرتهم اكثر على العراق  ويبعد في نفس الوقت التهديد الامريكي عن الجارة ايران، دون الاخذ بنظر الاعتبار المخاطر الامنية التي يمكن ان تتعرض لها مناطق الوسط التي لا تزال داعش تشكل تهديدا امنيا عليها.

هناك مفارقتان في العلاقة الجدلية بين العراق وامريكا وهما: الاولى هي ان امريكا التي يطالبون بانسحابها اليوم، هي صاحبة الفضل الاول والاخير في اصل وجود هؤلاء على السلطة، ولولاها لما راينا اليوم شعيط ومعيط يتحكمون بمفاصل الدولة العراقية وجرار الخيط يهدد ويتوعد . اما الثانية .. فهي ان الحكومة العراقية التي اصرت على مغادرة القوات الامريكية في الالفين واحد عشر هي نفسها التي عادت بعد ثلاث سنوات لتتعلق باستار البيت الابيض طالبة المساعدة في انقاذها من احتلال داعش لثلث اراضي العراق.

وهنا يجب ان نطرح الاسئلة التالية: - من يتحمل مسؤولية الدماء التي سفكت بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق على اثر قرار خاطي في 2011،  ومن سيتحمل مسؤولية الدماء التي ستسفك اذا ما انسحبت تلك القوات هذه المرة ؟ ولماذا الاستهانة بارواح المواطن العراقي، ولمصلحة من يتم تعريض الامن الوطني العراقي للخطر حفاظا على الامن الوطني للاخرين ؟

بقاء القوات الامريكية من عدمه له تاثير مباشر على الوضع الامني وهو من اولويات اهتمامات الشارع قبل ان يكون شانا برلمانيا او حكوميا، ورغم ان البرلمان يمثل الشعب الذي انتخبه، الا ان الضغوطات السياسية على اعضاءه ومصالح الكتل والاحزاب التي ينتمون اليها تذهب بقراراته بعيدا عن نبض الشارع الحقيقي خاصة في هكذا ملف،  فان كنا ندعي اننا في دولة ديمقراطية وان كان البرلمان  والحكومة يحترمان رغبة الشعب الذي انتخبهم، فيجب احالة موضوع انسحاب او بقاء القوات الامريكية في العراق على الشعب لمعرفة رايه فيه، من خلال اجراء استفتاء شعبي يحسم فيه الشعب امره فيما اذا كان يرغب بانسحاب القوات الامريكية او يفضل بقاءها على اراضيه، فان قرر الشعب خروج القوات الامريكية، فسيكون هو المسؤول عن تبعات هذا القرار، وان اراد بقاءها فهذا خياره ويجب علينا احترامه.

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.