سيد أردوغان.. كفاكم دماراً

Kurd24

الى السيد رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية،

بعد التحية..

بدأت كلامي بتعبير تقليدي (كلاسيكي) كنّا نستخدمه كاستهلال لكتابة الرسائل في ايام خلت، او لم تقرأ هذا التعبير عندما كانت تردك رسائل من اهلك ومحبيك وأنت محروم من الحرية في سجون الدولة التركية في زمن كانت المحاكم العسكرية تحاكم الاخضر واليابس وتلغي ما لم يكن يعجبها، بما في ذلك حزبك القديم الذي تعرض للحل من قبل هذه الدولة؟

استبشرنا أملاً كبيراً بوصولكم الى الصدارة في انتخابات غيرت شكل الدولة قبل ما يربو على عقدين، تأملنا تغييراً في سلوك دولة لم تكن حلولها إلا في اطار التعذيب والاعتقال والقتل والحرمان لهوية شعب لم يعتدِ على احد ولم يأخذ او يستولي على اراضٍ أي دول او شعوب اخرى، كان ومازال يريد ان يعيش بكرامة وحرية على ارضه فحسب، ولكن.. من الواضح انكم لم تتحملوا اجواء السلام والراحة النفسية والانتعاش الاقتصادي الذي مازلتم تتغنون به في وقت نرى فيه بلادكم مهددة بخسارة اكثر من 19 مليار دولار بسبب العقوبات التي ستفرض عليكم في مراحلها الاولى فقط، فما بالك بالمراحل القادمة.

نعم لا أنكر بأن تغييرات حصلت في فترة حكمكم لا يستهان بها، اصبح للغة الكوردية اهتمام اكثر من ذي قبل (بالرغم من أنها كانت خطوة دعائية لكم ولحزبكم) إلا انها افضل من لا شيء، نعم شهدت البلاد انفتاحا على الجانب الكوردي ثقافياً وإعلامياً وحتى سياسيا حيث اصبح للكورد صوت في البرلمان يصرخ ويدافع عن حقوق هذا الشعب (مع ان كثيراً منهم تعرض للسجن والتهديد بالاعتقال او القتل وحرمانهم من الهوية والمواطنة)، ومع ذلك كنا نقول بأنها فترة وستنتهي لان صفات وتصرفات ثمانية عقود لا يمكن ان تنتهي في عام او حتى عشرة.

لم يخض حزبك انتخابات إلا والكورد من الدعائم الاساسية لنجاحك فيها، أعدت صياغة الدستور وساعدك الكورد بذلك، واشهد بأنك كنت تقول دوما بأنك لا تخلط الاوراق ببعض، اي انك لا تساوي بين الكورد وحزب العمال الكوردستاني الذي مازلت تصفه بالمنظمة الارهابية وفتحت على نفسك جبهة اخرى بنفس التسمية مع حركة فتح الله كولن والذي كنت تعتبره بعد بديع الزمان سعيد النورسي هو المرجع والإمام والاستاذ، كنتم تنادونه (هوجا افندي) اي السيد الاستاذ.

وبالعودة للوضع مع حزب العمال، ومع كل اختلافاتي مع نهجهم وطريقة التعاطي مع العملية السياسية وسلبياتهم، تصر على تسميتهم بالإرهابيين ولم تحاول خلال هذه الفترة معالجة هذه المعضلة التي شكلت اساس المشكلة في تركيا، لمَ تحولوا بنظركم الى ارهابيين؟ اليست تصرفاتهم ردود أفعال على ما لقوه منكم؟ أوليس ارهابا ان يلتقط جندي نظامي لدولة تمتلك احد اهم جيوش العالم صورة مع رأس بشرية ويتفاخر بها؟ فان كنت تكره الارهاب لماذا لم تبين حسن نية تجاه تصرفات وجرائم ارتكبت من ابناء شعبك ضد مكون من ابناء شعبك؟

السيد اردوغان..

كنت تصرخ دوماً وتقول: إن كل ما يمشي على هذه الارض هو تركي ولا يوجد غير الاتراك في هذه الدولة، الم تتعظ في هذه السياسة من اخطاء صدام؟ الجواب واضح، لان صدام فتح لكم الطريق لدخول اراضي دولته التي كان يحكمها واستباحها أمامكم، كما فعل اسلافه في اتفاقياتهم مع اتاتورك واينونو وبايار وغيرهم، ولكن.. الم ترَ نهاية صدام؟ هل ترى نفسك بعيداً عن هكذا نهاية؟

حاولت وبكل استقتال وأثناء فترة الحرب ضد صدام منع هذه الحرب فارضا شروطك بدخول اراضي اقليم كوردستان واحتلالها او احتلال كركوك والموصل، بل وأردت ان تدخل لجامعة الدول العربية بصفة مراقب لتقف امام كل تطور في القضية الكوردية، ما الذي حققته بذلك لتركيا؟ هل تلاحظ جبهة الرفض العربية ضد اي تصريح او تحرك تقوم به سلبا كان ام ايجابا؟ هل ترى حجم الكراهية العربية ضدكم؟

حاول جيشكم اجتياح اقليم كوردستان مراراً، ولولا حكمة الزعيم مسعود بارزاني لكانت المنطقة في خراب ودمار، ركبت موجة الربيع العربي وأصبحت تصرح باسم الدول التي غيرت انظمتها وفتحت على نفسك موجة من المشاكل دمرت كل ما بنته دولتك وحكومة حزبك سياسيا واقتصاديا في وقت كان المقربون من حزبكم يصرحون حول قضية شعب كوردستان بان القادة والسياسيين من هذا الشعب لا يشبعون!! هل كنا من تدخل في شؤون مصر وتونس وليبيا وسوريا والعراق وقبرص وارمينيا واليونان؟

ومع ان وقوفكم ضد استفتاء استقلال كوردستان كان امرا متوقعا، لكن هذا الشعب لن ينسى تهديداتكم بالتجويع والاخضاع مع ان وزير خارجيتكم صرح بان 4% من اقتصاد تركيا يعتمد على هذا الاقليم، لن ينسى كيف فتحتم الحدود امام الجيش العراقي تمهيدا لتنفيذ عملية مشتركة في كوردستان، وتصرفتم مع قادة الجيش العراقي بطريقة لم ولن تستطيعوا التصرف بها مع اي كوردستاني حقيقي، لان شعب كوردستان لا يقبل الذل ولا الخضوع.

دخلتم الى عمق السياسة السورية، اصبحتم تقررون وتفكرون وتخططون، وقبل التوترات كانت حكومتكم في شهر عسل غير مسبوق مع الحكومة السورية، بدأ من أيام اتفاقية أضنة ووصل لمرحلة الغيت فيها التنقلات بجوازات السفر والتأشيرات وأصبح السوري يدخل الى تركيا دون الحاجة لاي منهما، لتنقلبوا فجأة عليهم وتصنفوا السوريين على حسب مرامكم ومزاجكم بين ارهابي ومؤيد، المطيع لكم والمهلل هو من تعتمدون عليه دون حتى ان تحترموه، ومن يعارضكم يصنف بسرعة البرق في خانة الارهاب والجريمة.

"صاين باشقان".. وتعني بالعربية سيادة الرئيس

تحت مسمى الجيش المحمدي وبسورة الفتح، خضتم حربا لا رابح فيها غير تجار السلاح ضد شعب اعزل لا حول له ولا قوة، ومازلتم تهددون اقليم كوردستان وكأن لا تهديد عليكم الا من اقليم كوردستان المُهدد منكم اصلا،  الم تعلمكم الاصول الدينية ان الاعزل الذي لا يضر يستحق القتل بهذه الصورة البشعة؟ هل يتضمن تعريف الفتح الاسلامي (كما تسمون وتصفون) قتل الاطفال والنساء وتدمير البنى التحتية والسدود والبيوت والقرى وتهجير اهلها والاستيلاء على بيوتهم؟ هل قضيتم على ما تسمونه بالإرهاب الذي يهددكم بهذه العملية التي اسميتموها (نبع السلام)؟

سيد اردوغان، اعلم جيدا بان ما نراه اليوم ما هو إلا تراكمات ازماتكم السياسية والاقتصادية، فحزبكم مقبل على الوصول الى الهاوية بعد الانشقاقات التي شهدناها والتي سنشهدها مستقبلا، اقتصادكم يحتضر والشعب لم يعد يحتمل كل هذه المشاكل ولن تلهيهم عن حقيقة المشاكل التي تعاني منها بلادكم وستصل التراكمات حدا لا يمكن السكوت عليها وخصوصا بعد الخسارة التي مُني بها حزبك في الانتخابات البلدية الاخيرة في اسطنبول.

انا لا احدثك بعاطفة او باستجداء لرحمة او رأفة، ابداً.. لان الكوردي تعود دوما ان يثأر بنفسه لنفسه ويسترجع حقوقه بدمه وروحه دون الحاجة لاستجداء العواطف، المشكلة اكبر من ذلك بكثير. كفاكم دمارا سيد اردوغان، كفاكم زرعا للحقد والعداوة بين شعوب لا تريد إلا السلام، والفرصة لم مازالت سانحة لإصلاح كل هذه الاخطاء وإنقاذ حزبك وبلدك والكف عن ايذاء الناس. كفاكم زجا باسم الله والاسلام في مخططاتكم، العداء لم يفدكم طيلة العقود الماضية ولن يفيدكم الان ايضا. سيد اردوغان، إن كُتب لك ان تخرج من السلطة بكرامة، فلتكف عن هذه التصرفات والا، فان ورقتكم ستحترق في القريب العاجل..

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.