إقليم كوردستان من الفيدرالية إلى حكومة كونفدرالية

Kurd24

بين حين وآخر نسمع دعوات من هنا وهناك لجهات وأحزاب سياسية عن التعديلات الدستورية بعد ما أثبتت تلك الجهات عجزها عن إدارة الدولة وعدم إمكانيتها لحلحلة المشكلات المتفاقمة التي تراكمت منذ تشكيل أول حكومة بعد تحرير العراق من الطاغية صدام حسين ونظامه القمعي الشوفيني ويومًا بعد يوم ازدادت المشكلات ولم يجدوا لها حلولًا عملية فيما يتعلق ببناء البنى التحتية وانعدام الخدمات وعدم وجود فرص التعيين لطبقة خريجي الجامعات وذلك لانعدام وجود رؤية استراتيجية للحكومة العراقية.

ومنذ مجيء رئيس الوزراء العراقي الدكتور عادل عبدالمهدي واستلامه للسلطة ظهرت مجموعة من أصوات النشاز التي تعكر صفو العلاقة ما بين الحكومتين الاتحادية وإقليم كوردستان وتعامل عبدالمهدي بحنكة سياسية مع ملف الإقليم فيما يخص رواتب الموظفين والميزانية وملف النفط وهذه المواقف لم تلقَ إعجابًا للقوى السياسية العراقية فقاموا بافتعال المشكلات والأزمات من خلال الماكنة الإعلامية والتحريض ضد إقليم كوردستان تغطية على إخفاقهم بإدارة الدولة وعدم تقديم الخدمات للمواطنين وعمليات التسويف والمماطلة منذ سنة 2005 وإلى هذا اليوم فارتفعت نسبة البطالة وانتشار ظاهرة الفساد في أغلب مفاصل الدولة إلى أن نتجت عن ذلك المظاهرات في 1 تشرين الأول 2019 بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في عموم البلاد فضلًا عن أن المتظاهرين طالبوا الحكومة بحزمة من الإصلاحات وتقديم حلول ومعالجة الأزمة التي تمر بها ثم تحولت المطالب إلى القفز على الدستور والمطالبة بالتعديلات الدستورية وسط مطالبات أخرى باستقالة حكومة الدكتور عادل عبدالمهدي من قبل جهات وأحزاب لها أجندات خارجية  كون أن هذه المظاهرات ليست عفوية كما يدعون من أجل عودة إقليم كوردستان إلى المربع الأول وهدم ما بنيناه في إقليم كوردستان وهنا سندلو بدلونا حول التعديلات الدستورية منها ماهي خطوط حمراء بالنسبة لإقليم كوردستان ولاسيما فيما يتعلق بنظام الحكم العراقي فهو نظام اتحادي (فيدرالي) برلماني لا مركزي كما جاء في البـاب الأول من الدستور العراقي بفقرة المبادئ الأساسية:

المادة (1) "جمهورية العراق دولةٌ اتحاديةٌ واحدةٌ مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ، وهذا الدستور ضامنٌ لوحدة العراق " وتغيير النظام البرلماني  إلى الرئاسي فهو يتعارض مع فكرة تشكيل الإقاليم ومنها إقليم كوردستان! 

و إقليم كوردستان هو الإقليم الوحيد في العراق الاتحادي والذي نص الدستور العراقي على ضمان حقوق الأقاليم بمنع تعديل الدستور إلا بموافقتها وعن طريق إنشاء هيئتين مستقلتين هما:

1- الحصانة الدستورية لصلاحيات الأقاليم ضد التعديل الدستوري وقد جاء في المادة (126)" رابعًا: لا يجوز إجراء أي تعديل على مواد الدستور، من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لا تكون داخلةً ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، إلا بموافقة السلطة التشريعية في الإقليم المعني، وموافقة أغلبية سكانه باستفتاءٍ عام.

2- هيئة ضمان حقوق الأقاليم كما جاء في المادة (105)" تؤسس هيئةٌ عامة لضمان حقوق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في المشاركة العادلة في إدارة مؤسسات الدولة الاتحادية المختلفة، والبعثات والزمالات الدراسية، والوفود والمؤتمرات الإقليمية والدولية، وتتكون من ممثلي الحكومة الاتحادية، والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وتنظم بقانون ". والنقطة الثانية لم تفعل بصورة صحيحة وأصبحت مجرد تسمية وحبر على الورق

وتلك الدعوات من قبل مجموعة من المتظاهرين هي من أجل أن يكون إقليم كوردستان تحت سلطة الحكومة العراقية في بغداد.

والاعتراف الدستوري بإقليم كوردستان كمكون جغرافي إداري ضمن العراقي الاتحادي جاء وفقًا للمادة ( 116) "يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية".

وفي المادة (117) من الدستور العراقي "أولًا: يقر هذا الدستور عند نفاذه، إقليم كوردستان وسلطاته القائمة، إقليمًا اتحاديًا"

الحق في تشكيل الإقليم كما هو حال إقليم كوردستان وفق المادة (119) "يحق لكل محافظةٍ أو أكثر، تكوين إقليم بناءً على طلبٍ بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين:

أولًا: طلبٍ من ثلث الأعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.

ثانيًا: طلبٍ من عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم".

من الخطوط الحمراء أيضًا قوات البيشمركة والأجهزة الأمنية في إقليم كوردستان.

كما هو مثبت في المادة (121) " خامسًا: تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم، وبوجهٍ خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم، كالشرطة والأمن وحرس الإقليم.

وعدم جعل تلك الأجهزة تحت تصرف الحكومة الاتحادية وإلغاء تسمية البيشمركة أو (حرس الإقليم) بالجيش العراقي!

اللغة الكوردية خط أحمر أيضًا ولا يجوز المساس بها كونها- الى جانب العربية- لغة رسمية في العراق الاتحادي وهي لغة المخاطبات الرسمية في مجالس النواب والوزراء والمحاكم والمؤتمرات الرسمية فضلًا عن لغة الجرائد الرسمية  والمدارس والمؤسسات الأكاديمية كما في المادة (4) "أولًا: اللغة العربية واللغة الكوردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم أبنائهم باللغة الأم كالتركمانية، والسريانية، والأرمنية، في المؤسسات التعليمية الحكومية، وفقًا للضوابط التربوية، أو بأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة.

ثانيًا: يحدد نطاق المصطلح لغة رسمية، وكيفية تطبيق أحكام هذه المادة بقانونٍ يشمل:

‌أ- إصدار الجريدة الرسمية باللغتين.

‌ب- التكلم والمخاطبة والتعبير في المجالات الرسمية كمجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمحاكم، والمؤتمرات الرسمية، بأيٍ من اللغتين.

‌ج- الاعتراف بالوثائق الرسمية والمراسلات باللغتين وإصدار الوثائق الرسمية بهما.

‌د- فتح مدارس باللغتين وفقًا للضوابط التربوية.

هـ - أية مجالات أخرى يحتّمها مبدأ المساواة، مثل الأوراق النقدية، وجوازات السفر والطوابع.

ثالثًا: تستعمل المؤسسات الاتحادية والمؤسسات الرسمية في إقليم كوردستان اللغتين.

رابعًا: اللغة التركمانية واللغة السريانية لغتان رسميتان أخريان في الوحدات الإدارية التي يشكلون فيها كثافةً سكانية.

خامسًا: لكل إقليم أو محافظةٍ اتخاذ أية لغة محلية أخرى، لغةً رسمية إضافية، إذا أقرت غالبية سكانها ذلك باستفتاءٍ عام.

ومن الخطوط الحمراء المهمة أيضًا ألا وهي المادة (140) من الدستور وهي لازالت سارية المفعول كما أقرت ذلك المحكمة الاتحادية وأنها سارية المفعول كما جاء في الدستور العراقي المادة (140)" أولًا: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، بكل فقراتها.

ثانيًا: المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على أن تنجز كاملةً (التطبيع، الإحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، لتحديد إرادة مواطنيها) في مدةٍ أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الأول سنة ألفين وسبعة".

 وقد صرّخ المتحدث الرسمي باسم المحكمة الاتحادية العليا إياس الساموك إن : " المحكمة الاتحادية العليا وجدت أن المادة (140) من دستور جمهورية العراق لسنة ( 2005 ) أناطت بالسلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لإكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها والتي لا زالت نافذة استنادًا لأحكام المادة (143) من الدستور".

وطبقًا للمادة (140) في الدستور التي أُقرت في عام (2005) كان يفترض البت في مستقبل كركوك، والمناطق الكوردستانية الأخرى خارج إدارة إقليم كوردستان أو ما تسمى ظلمًا بـــ(المناطق المتنازع عليها) على ثلاث مراحل تبدأ بالتطبيع ثم الإحصاء على أن يتبع ذلك استفتاء محلي بشأن عائديتها إلا أن ذلك لم ينفذ بسبب الخلافات السياسية بين الأحزاب الحاكمة في بغداد علاوة على ذلك الأجندات الإقليمية التي تعادي إقليم كوردستان وزعزعة أمنه ولاسيما بعدما أغاضهم مجيء مدينة أربيل عاصمة جنوب كوردستان بالمرتبة الخامسة عالميًا من حيث الأمن والأمان ولم يأتِ هذا الحس الأمني من فراغ بل جاء بتضافر جهود الشعب الكوردستاني مع الأجهزة الأمنية بقيادة دولة الرئيس السيد مسرور بارزاني عندما كان مستشارًا لمجلس أمن إقليم كوردستان.

 وبعد تصاعد وتيرة المظاهرات في بغداد وبعض المحافظات الجنوبية أصبحت بعض المطالب هو التعديلات الدستورية فالكتل السياسية الكوردستانية ستكون مع مطالب الشعب ولكنها سترفض التعديلات الدستور المتعلقة بالنظام البرلماني وتحويله إلى رئاسي بل سيقف الكورد حجر عثرة في هذه المسألة المصيرية وسيكون مطلب الكورد هو تحويل الإقليم الفيدرالي إلى الكونفدرالية وهنا نقول بأن تقسيم العراق إلى ثلاث كونفدراليات هو الحل الأسلم لحل المشكلات السياسية في البلاد  وخرج من التخندقات المناطقية والقومية والدينية والمذهبية لأن نظام الكونفدرالية هو اتحاد بين دولتين أو أكثر من الدول ذات الاستقلال التام بعد عقد معاهدة تحدد الأغراض المشتركة التي تهدف الدولة الكونفدرالية إلى تحقيقيها ويتمتع كل عضو فيها بشخصيةٍ مستقلة عن الأخرى وتديرها هيئات مشتركة.

 وتجدر الإشارة إلى أن تعديل الدستور العراقي ليس مسألة اعتباطية أو عاطفية فلو أمعنا النظر في المادة (142)" رابعًا: يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحًا، بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر " فالتعديل يجب أن يكون باستفتاء شعبي على المواد المعدلة أويتم رفضه من قبل ثلاث محافظات أو أكثر والمشكلة ليست في المواد الدستورية بل إن المشكلة تكمن في عدم تطبيقه بصورة صحيحة فضلًا عن الخروقات التي حدثت بعدم تطبيقه  والدستور العراقي هو من أفضل الدساتير في المنطقة فكلما حدثت إخفاقات سياسية في البلاد يحاولون توجيه الأنظار إلى إقليم كوردستان ولتسيما ملف تصدير النفط والتعاقد مع الشركات وحصة الإقليم من الميزانية التي قدرت في السنوات الماضية بما يقدر 17% ولم تصرف بصورة صحيحة من قبل الحكومة الاتحادية وتلك الميزانية بنينا كوردستان ولكن كان على المتظاهرين أن يسألوا الحكومة الاتحادية أين 83% من الميزانية وأين ذهبت؟!

ولكن بسبب العقلية الحاكمة في بغداد توجهنا في 25-9-2017 إلى الاستفتاء من أجل استقلال كوردستان لأن تلك العقلية ليست مستعدة للتعايش وبناء دولة مؤسسات في العراق الاتحادي وفي حال تفكيرهم بفرض الشروط على الأحزاب السياسية الكوردستانية فيما يخص التعديلات الدستورية التي تمس إقليم كوردستان ستتوجه الأحزاب الكوردستانية إلى نظام الكونفدرالية بدلًا من الفيدرالية وسيكون التقسيم هو الحل الأمثل للجميع!

 

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.