"ذُكرت البيشمركة بضغط أمريكي".. خبير سياسي يكشف كواليس ختامية الحوار الإستراتيجي

"هذا الأمر يظهر أن الولايات المتحدة ترى حكومة إقليم كوردستان شريكاً إستراتيجياً... وبالتالي فهي تعاملها بشكل خاص"
جنود أمريكيون في قاعدة عين الأسد الجوية (فرانس برس)
جنود أمريكيون في قاعدة عين الأسد الجوية (فرانس برس)

أربيل (كوردستان 24)- استبعد خبير سياسي أن تنسحب الولايات المتحدة من العراق تجنباً لتكرار ما حصل عام 2011 وما أعقب ذلك من تداعيات، كاشفاً في الوقت نفسه عن إصرار أمريكي على ذكر البيشمركة وكوردستان في البيان الختامي للحوار الإستراتيجي.

ووقع الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قبل يومين، اتفاقاً ينهي المهمة القتالية للولايات المتحدة في العراق بحلول نهاية العام الجاري.

وتحتفظ واشنطن بنحو 2500 عسكري أمريكي في العراق وتتركز مهامهم بالدرجة الأساس على مساعدة الجيش والبيشمركة في الحرب ضد داعش.



وقال مدير المركز الفرنسي للبحوث في العراق عادل باخوان في مقابلة مع كوردستان 24 من باريس إنه "حتى لو أرادت فعل ذلك، فإن الولايات المتحدة لا يمكنها مغادرة العراق".

وأضاف أن المصالح الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية الأمريكية في العراق سيجعل أي انسحاب مماثل لما حصل قبل عقد من الزمان خطوة "غير مسؤولة".

وقادت واشنطن تحالفاً للإطاحة بصدام حسين عام 2003، وبعدها قرر الرئيس السابق باراك أوباما مغادرة العراق عام 2011 على أن يدير العراقيون أنفسهم بأنفسهم.

وبعد ثلاث سنوات من الانسحاب الأمريكي، ظهر تنظيم داعش وسرعان ما تمدد في مساحات واسعة من العراق ليتمكن بعدها من السيطرة على ثلثي مساحة البلاد، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى العودة من جديد بناء على طلب من الحكومة العراقية.

وقال باخوان "لا يريد الأمريكيون تكرار تجربة 2011"، مشيراً إلى أن الفراغ الذي أحدثه الانسحاب ملأه خصوم الولايات المتحدة، ولا سيما إيران.

وأضاف أن التهديدات الأمنية التي يشكلها داعش "لا تزال قائمة في العراق" على الرغم من "النصر العسكري" الذي التنظيم عام 2017.

وأوضح باخوان أن داعش يمثل "تهديداً خاصاً للنظام العالمي" الذي تقوده واشنطن كما ترى ذلك.

وسبق أن قال قادة عراقيون إن وجود القوات الأمريكية القتالية لم يعد ضرورياً، وهو ما كرره أيضاً رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لكنه أكد على أهمية مواصلة الدعم الأمريكي في التدريب.

وأظهرت محادثات الحوار الإستراتيجي هذا الأسبوع الحاجة إلى دعم لوجستي واستشاري من القوات الأمريكية لضمان الهزيمة الفعلية لداعش.



ولا يزال تنظيم داعش يشن هجمات بين حين في الكثير من المناطق العراقية وذلك عبر خلايا نائمة تنشط في مناطق شبه صحراوية ووعرة وتحيط بالمدن.

والى جانب داعش، تواجه القوات الأمريكية في العراق تحدياً آخر يتمثل بالفصائل المدعومة من إيران والتي تعمل تحت مظلة الحشد الشعبي.

وزادت تلك الجماعات من ضغوطاتها على القوات الأجنبية لإنهاء ما تصفه بالاحتلال الأمريكي في العراق، ولا سيما بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني ومساعده العراقي أبو مهدي المهندس مطلع عام 2020.

وقال باخوان إن "التهديد الذي يشكله الحشد الشعبي على القوات الأمريكية كبير ولا يختلف عن تهديد داعش"، مشيراً إلى أن الانسحاب الأمريكي- إن حدث- "سيكون له تداعيات لا تطاق".

وأشار إلى أن تعامل طهران مع الولايات المتحدة له جوانب استراتيجية وتكتيكية، قائلاً "من الناحية الاستراتيجية، فإن الوجود الأمريكي في العراق يخدم المصلحة الإيرانية".

ويرى محللون أن الهجمات التي تشنها الجماعات الشيعية على المصالح الأمريكية تمثل "أداة للمساومة" في المفاوضات الإيرانية مع القوى الغربية بشأن ملفها النووي.

وقال بخوان "ثمة محادثات جارية في فيينا وخلف أبواب مغلقة في بغداد وأربيل"، موضحاً أن الرد الأمريكي على الهجمات يضغط على الإيرانيين.

أوضح باخوان أن الجولة الأخيرة من المحادثات الإستراتيجية قد صيغت في بعض الأحيان على أنها تشمل الأمريكيين والحكومة العراقية الاتحادية حصراً، "لكن الولايات المتحدة أصرت على ذكر حكومة إقليم كوردستان في الوثائق الموقعة".

وتابع "هذا الأمر يظهر أن الولايات المتحدة ترى حكومة إقليم كوردستان شريكاً إستراتيجياً... وبالتالي فهي تعاملها بشكل خاص".

وأكد باخوان أن البلدين اتفقا على أن دور القوات الأمريكية مستقبلاً سيركز على تقديم المشورة والتدريبات للجيش العراقي والبيشمركة، والتي أدرجت في البيان الختامي بـ"إصرار أمريكي".

..
..
..