حكومة إقليم كوردستان والدبلوماسية العامة

Kurd24

بما أن الدبلوماسية العامة مجال حيوي وأساس متين لبناء العلاقات الدولية خلال القرن الـ21، تستخدم فيها أدوات عصرية مبنية على التفاهم والتعاون بين الشعوب لتحقيق أهداف طويلة المدى، وتبادل المعرفة وتجارب الكفاح، وبناء الصور الذهنية الإيجابية للشعوب، فأنها تحفّز أفراد المجتمع لتحمل مسؤولية بناء علاقات دولتهم الخارجية بشكل غير رسمي بهدف إدارة حوار مع مواطنين في الدول الأجنبية عبر وسائل الإعلام والنشر عن طريق الإنترنت، لذا يطلق عليها دبلوماسية المواطن غير الرسمية والتي لا تهدف إلى عقد اتفاقيات أو معاهدات.

هذه القوة الناعمة تبنى بالعلم والثقافة العالية، لذا تهتم حكومة إقليم كوردستان اهتماماً كبيراً بهذا النوع من الدبلوماسية، فما سمعناه من رئيس الحكومة السيد مسرور بارزاني عندما ألقى بتاريخ ٣-١١-٢٠٢١ كلمته في مراسم حفل تخرج طلبة جامعة كوردستان – هولير في العاصمة أربيل، قائلاً بأن "على الشباب أن يلعبوا دوراً ريادياً في تحقيق الخطط الاستراتيجية وبرنامج عمل الحكومة لأنهم المحرك وأصحاب هذا البلد"، فبقدراتهم يمكن أن تصبح كوردستان مركزاً اقتصادياً وتجارياً واستثمارياً للعراق والمنطقة، دليل على هذا الاهتمام بالدبلوماسية العامة ليتسنى للجميع أن ينعموا بمستقبل أفضل.  

إن الاهتمام بالدبلوماسية العامة عل مستوى الجامعات والتخصصات أمر ضروري، لأنه بالدبلوماسية العامة يمكن تحسين صورة الحكومة ولاسيما في الخارج، فتوفير المعلومات للأفراد والمؤسسات العامة والخاصة والصحافة وغيرها من وسائل الاتصال والإعلام، التي تربط سياسات وأهداف وأنشطة الحكومات ببعضها، تؤثر بصورة إيجابية على المواقف العامة، وعلى تشكيل وتنفيذ السياسات الخارجية للدول. إنها يشمل أبعاد العلاقات الدولية خارج الدبلوماسية التقليدية وتوجيه الرأي العام في بلدان أخرى، والتفاعل من المجموعات الخاصة والمصالح لدولة ما في دولة أخرى وتعزيز عمليات الاتصال الفعال بين الثقافات. فهي دبلوماسية غير مركزية تتسم بالمرونة والمقدرة على التشكل بصور مختلفة. والدبلوماسية العامة الناجحة تقوم بالاتصالات في اتجاهين رئيسين، وهما حل النزاعات وتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بين الحكومة والجمهور.

وانتشار وسائل التواصل المختلفة خاصة وخاصة وسائل التواصل عبر الإنترنت وما إلى ذلك من مختلف الوسائل الحديثة ساعدت في زيادة العلاقات الاجتماعية وتناقل الثقافات المجتمعية. الدبلوماسية العامة الذكية تتطلب فهماً سليماً للمصداقية، والنقد الذاتي، ودور المجتمع المدني في توليد القوة الناعمة، وإذا ما هبطت الدبلوماسية العامة إلى مستوى الدعاية، فإنها لن تفشل في الإقناع فحسب، بل إنها قد تقوض القوة الناعمة أيضاً.  

حكومة الإقليم وبحكم تطبيق السياسة الحكيمة للقيادة الكوردستانية لم تدخل في متاهة سياسة ردة الفعل على كل ما واجهه ولم ينجر وراء سياسة المحاور، فالدبلوماسية الهادئة والدبلوماسية العامة أعطت الإقليم بعداً خاصاً في ترجمة القول إلى الفعل واستقطاب دول الجوار، بعيداً عن التوترات والخلافات السياسية، للوصول الى حلول للقضايا التي تهم السلام والأمن والاستقرار في الإقليم والمنطقة.  

الدبلوماسية العامة إذن وسيلة تجعل الإنسان قادراً أن يفكر بعقل تداولي ليتغير ويسهم في تغيير سواه على نحو مثمرٍ وخلّاق. والتاريخ علمنا بأن الأفكار الخصبة والتجارب الفذة والنماذج الناجحة في مكان ما، تغدو ملك البشرية جمعاء، أياً كان مصدرها والتفاعل بين الحضارات منذ أقدم الأزمنة شاهد على ما نقول.

وختاماً: "إن هويتنا ليست ما نتذكره ونحافظ عليه أو ندافع عنه. إنها بالأحرى ما ننجزه ونحسن أداءه، أي ما نصنعه بأنفسنا وبالعالم، من خلال علاقاتنا ومبادلاتنا مع الغير".