باطل باطل

Kurd24

حزن وطني ومجتمعي كبير القى بظلاله على الإقليم الكوردي مع نبأ خسارة مجموعة مقاتلين أشداء وإصابة آخرين جراء عدوان إرهابي غادر وهم يحرسون موطنهم ومواطنيهم عند ربوة على أحد الجبال الغربية لأربيل، في الواقع، والأمانة أيضاً، لم يكن الحزن كوردياً فقط، نازحون ومهجرون وسائحون وعابرون، عرب وأجانب، كل أولئك صدموا مع تلقيهم الخبر المؤسف والموجع، ورأيت مسنة عربية نازحة تضرب كفا بكف وتشهق (باطل باطل) وتعني انه عمل باطل لأنه عمل محرّم وعمل مشين وعمل جبان.

ورأيت فيما رأيت وانا مغمور بالفاجعة التي لم تستثنِ أي عاقل رشيد يمتلك ذرة حس إنساني، رأيت رئيس حكومة الإقليم بزيّه الكوردي يحث الخطى باتجاه مكان الحادث وبعض منازل الضحايا ومن ثم إلى ردهات الجرحى في المشافي، مسرور بارزاني رئيس وقائد عسكري وإنسان فريد، يعزي ذوي الضحايا من شهداء البيشمركة، يضع يده على رؤوس الجرحى، ويبعث رسائل شديدة وصارمة إلى كل من اختار طريق الشر ويفكر باستهداف الكورد، رئيس عمليّ جاد وسريع وفعّال، لا يفصله عن الهدف سوى المسافة بين العين والهدف نفسه، متسلحاً على الدوام بتخطيطات مسبقة للوثبة التالية، وهو يرسخ الأمل بعزم صارم  فلا مكان اليوم في الإقليم للذين يسخروا اليأس والإحباط، رئيس حكومة إقليم كوردستان نموذج فريد بين نماذج قليلة تفعل ما يجب في المكان الذي يجب في الزمان الذي يجب، فمالم يكن ممكنا بالأمس صار ممكناً وملزماً معاً. فأربيل ستتصرف ولن تنتظر أحداً عندما يتعلق الأمر بحماية مواطنيها وأمنها العام.

إن هناك تطوراً ملحوظاً باتجاه تكثيف الخروقات الارباكية من قبل الإرهابيين بكافة مسمياتهم، وإذا تأملنا الفارق الزمني سنجد لديهم اعتداء بين كل اعتداءين، بمعنى أنه ليس هناك فاصل زمني لمواصلة اعتداءاتهم، وإن كل ذلك يحدث بسبب تلكؤ واضح في الاستجابة لسد ثغرة الموت من جانب بغداد، مثلما ليس هناك جدية بتطبيق اتفاقية سنجار. ويتفق الكثير من المراقبين بأن الذين فعلوا فعلتهم الإرهابية القذرة لم يفعلوها لوحدهم دون أن يكون أحد ما قد زودهم بذخيرة جديدة من الأسلحة، غير أن لا أحد يريد أن يشير الى جهة محددة رأفة بالسلام المرتجى وعدم إيقاظ الصراعات. رغم شفافية الإقليم بالرد على كل تساؤل وسؤال، فالمسائل التي التزم الإقليم - كما أخبرني ساسة كورد- بما يلزم ولا يلزم أيضاً لأجل نجاحها، ما زالت بنودها تنام على رفوف مكاتب الشركاء المكلفين بتنفيذها ولا يرغبون ولا يزال التعاون العسكري خجولاً بين البيشمركة والجيش في الفسحة المعطلّة أمنياً بين الجانبين.

وفي الواقع، وفقا لصديق سياسي كوردي، يمكننا التضحية بالمزيد من الصبر لأجل بلوغ نقطة سلام دائم، لكن لا ينبغي الإفراط في ذلك، لأن ذلك يستنزف دماء أحبائنا ولو تعرفون كم هي غالية تلك الدماء. انتهى كلام السياسي الكوردي الصديق، ولم تنته تأملاتي المشبعة بالقهر الإنساني وانا أفكر بتلك النفوس التي تحمل الكراهية والبغضاء لأربيل وتتعاون مع كل شرير لاستهدافها، حقا ماذا يريد الذي يقتل جندياً مؤمناً ومسالماً ويحب وطنه وعائلته وليس لديه عقد أو ضغينة تجاه أحد بالأخص عندما لا تكون هناك حرب قائمة علنا بين طرفين! لا يريد الذي فعل ذلك سوى قضم خارطة الإقليم وإرباك وضعه الأمني لإخضاعه لقوة ما لنفوذ ما. ولعدم توفر وصف مناسب يليق بأولئك الذين يمسكون معاولهم لهدم الإقليم الكوردي، لابد من الذهاب إلى قاموس البذائة لاستعارة صفة مهذبة نوعاً ما حتى لا نفسد  المقال، ليس لمفردة سفلة مرجعية أو بديل لفظي آخر، سوى كلمة سفلة نفسها، التي تدل عليها بشكل  مباشر وصريح، انهم سفلة، وسفلة جداً.