أحمر أخضر أبيض شمس

Kurd24

في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل الكورد بعلمهم الذي يرتفع شاهقاً في الأعالي، فوق المؤسسات، المتاحف، المدارس، المستشفيات، الحدائق، الهضاب، الجبال، الشوارع، وأماكن كثيرة، ويستقر العلم الكوردي في قلوب المواطنين الكورد في سائر إقليم كوردستان، وتبدأ احتفالات الكورد غالباً مبكراً وقبل يوم من عيد العلم، وتجري الاستعدادات لهذه الاحتفالية على نطاق واسع غالبا ما تتضافر جهود المواطنين على أعدادها لأنهم بشكل واضح وشفاف يحبون وطنهم ويحتفلون بكل مناسبة تخص وحدتهم وطبيعتهم الجميلة.

وقد شهدت سائر مدن وقرى الإقليم الكوردي احتفالات صاخبة يوم أمس بهذه المناسبة الجميلة كان أكثرها حضوراً الاحتفال الذي جرى وسط مدينة أربيل عاصمة الإقليم في ساحة النافورة عند قلعة أربيل الشهيرة، وكان غناءً وكان رقصاً وقد قام مجموعة من الشباب الكوردي بتثبيت علم كوردي طوله 60 متراً على واجهة القلعة، وغنى ورقص الكورد وشاركهم العرب المقيمون في الإقليم وغالبية الجاليات والسواح، وكان احتفالاً رائعاً جمع الإنسانية بشكل مدهش تحت راية العلم الكوردي وهي ترفرف في سماء الإقليم.

يتكون علم كوردستان من ثلاثة ألوان (الأحمر والأخضر والأبيض) مرتبة بصورة أفقية تتوسطها شمس، يرمز اللون الأحمر إلى دماء الشهداء والنضال المستمر من أجل الحرية والكرامة، فيما يرمز اللون الأخضر لجمال ومناظر كوردستان، ويرمز أيضا إلى الحيوية والحياة. أما اللون الأصفر فيمثل مصدر الحياة ونور الناس. والشمس هي رمز قديم، وأشعة الشمس الواحدة والعشرون تمثل 21 مارس، وهو يوم عيد نوروز، بداية العام الكوردي، كذلك هو أيضا عيد قومي للكورد، واللون الأبيض فيرمز الى العدل والسلام والمساواة والنقاء.

عام 1998 ثابر أساتذة كورد على إعداد وثيقة تتناول تكييف العلم الوطني للكورد مع معايير العلم الدولي ثم اعتمد على الفور من قبل معهد العلم الدولي. وفي عام 1999 اعتمد برلمان إقليم كوردستان، وفق قانون تشريعي، العلم الموحد ليكون العرض الرسمي والمعياري للعلم الوطني الكوردي من جميع جوانبه، وفي كل عام في السابع عشر من الشهر الأخير يحتفل الكورد بهذه المناسبة في عيد يسمونه يوم العلم أو عيد العلم.

هبطت اليوم في يوم العلم الكوردي أمطاراً غزيرة على عاصمة الإقليم الكوردي مخلفة سعادة كبيرة لدى سائر الشعب الكوردي والعرب المقيمين والسواح بعد جفاف طويل، ولكن هذا الفرح سرعان ما بدأ ينخفض مع سقوط كميات هائلة من الأمطار خلفت ضحايا أعزاء من الكورد ومواطنين اثنين من الجاليات الأجنبية، إضافة إلى خسائر فادحة تتعلق بالممتلكات من منازل ومركبات ومزارع وجسور وطرق ومؤسسات، كل ذلك لم يمنع الكورد من الاحتفال بعلمهم الذي يحبوه، علمهم الذي افنوا ضحايا لا تحصى لأجل رفعته عبر ثورات وحروب كثيرة، وفي هذا اليوم العزيز على الكورد وأصدقائهم وحلفائهم كان من المفترض أن يحتفل الزعيم الكوردي مسعود بارزاني ورئيس الإقليم السيد نيجيرفان ورئيس الحكومة السيد مسرور مع مواطنيهم في الساحات، ولكنهم هرعوا جميعا باتجاه مناطق الكوارث لإنقاذ شعبهم وممتلكات مدنهم بشهامة قل نظيرها، ينقذون الضحايا ويقللون من حجم الكارثة وعلمهم مرفوع في الأفق ونابت في القلوب، المراقبون هنا في الإقليم ينتظرون مبادرة فورية من السيد مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق للتوجه شخصياً أو إصدار توجيهات عاجلة لإنقاذ الإقليم الجميل من كارثة المطر الأخير، فهو الإقليم الذي طالما كان مأوى للحكومة وغالبية الشعب العراقي إبان الكوارث والمحن، ومواطنو الإقليم الذين قضوا في هذه الحادثة لهم حق على حكومة بغداد وعلينا جميعاً أن يحتسبوا ضمن قوائم الشهداء أسوة بأقرانهم الذين قضوا في حوادث مماثلة في سائر مدن العراق، وقلبي على الطفل الكوردي الذي غرق اليوم بعد أن سقط من بين ذراعي والده في كارثة المطر الأخير.