المحكمة الإتحادية العليا والأوامر الولائية ... والآثار المترتبة عليها قانونا

Kurd24

تمهيد:

من المعلوم أن الوظيفة الرئيسية للقضاء والمحاكم ـ منها المحاكم الإدارية والدستورية ـ هي الحسم والفصل في الدعاوي المرفوعة والمعروضة أمامها بين الخصوم من خلال إصدار حكم قضائي يقرر فيه المحكمة المختصة بإرجاع الحقوق الى أصحابها الشرعيين أو حفظ المراكز القانونية وحمايتها بقوة القانون، بعد قيامها بسلسلة من الإجراءات القضائية والقانونية التي أسهمت في تأسيس وتكوين قناعة المحكمة بإصدارها مثل هذا القرار.

والقرارات القضائية إما تكون أصلية صادرة بصفة قضائية والتي تكون ملزمة ولها حجية الأمر المقضي به بعد إكتسابه درجة البتات، وإما تكون ولائية: (فتقتصر على اتخاذ إجراءات تحفظية وقتية هي في الواقع إجراءات إدارية محضة)[الأسباب الموجبة لصدور قانون المرافعات المدنية، رقم (83) لسنة 1969 المعدل]، وهذه الفقرة هي التي تخص مساحة موضوعنا.

في هذه الدراسة القانونية، تطرقنا، الى: مفهوم الأمر الولائي من الناحية القانونية، وشرطه، وقوته القانونية، والمرجعية القانونية في إصداره، والفرق بين الأمر الولائي والقضاء المستعجل من خلال ذكر المشتركات بين الأثنين، وأهم نقاط الإختلاف بينهما: من حيث الإجراءات والعدول والتعديل، والطعن والتظلم في القوانين النافذة، وأفردنا جزءا من الموضوع للمحكمة الإتحادية وسلطة إصدار الأوامر الولائية، وأهم الآثار المترتبة على الأوامر الولائية الإتحادية، وختمنا الدراسة: بأهم النتائج والتحليلات القانونية.

أولا: مفهوم الأمر الولائي (1) وشروطه وقوة نفاذه:

1.   تعريف الأمر الولائي:

هو أمر أو إجراء إداري مؤقت يصدره القاضي المختص ـ في الحالات المبينة قانونا ـ على العريضة المقدمة من أحد أطراف الخصومة المشتملة على وقائع وأسانيد والمعززة بالمستندات في موضوع مستعجل [المادة:151مرافعات].

2.   شروط الأمر الولائي:

ويشرط في هذا الأمر عدم المساس بأصل موضوع الدعوى، ولا يشترط في إصداره تبليغ الطرف الآخر أو مواجهته مع الطرف الخصم، والغاية الأساسية من الأوامر الولائية هي إعادة التوازن بين أطراف الدعوى من حيث توفير الحماية للحقوق والحريات العامة والحفاظ على سلامة أصل موضوع الدعوى، وهو مبدأ من مبادىء التقاضي التي يتكفلها الدساتير والقوانين النافذة ومنها الدستور العراقي لسنة 2005 الدائم [المادة (19/ثالثا) من الدستور العراقي، والأسباب الموجبة لصدور قانون المرافعات المدنية، رقم (83) لسنة 1969 المعدل].

بعبارة أخرى: أباح القانون للقاضي المختص أن يتخذ ما يراه مناسبا من القرارات والأوامر القضائية وإن كانت مختلفة الشروط الشكلية والموضوعية في إصدارها عن الحكم القضائي الأصيل، لكون هذه الأوامر إجراء من إجراءات الأعمال القضائية، وليس العمل القضائي ذاته.

3.   قوة الأمر الولائي:

علما أن الأمر الولائي يتمتع بقوة النفاذ المستعجل قانونا ويوقف تنفيذ كافة الإجراءات والقرارات المستقبلية المترتبة على موضوع الصادر بحقه الأمر الولائي، لحين حسم الدعوى، وعلى السلطات المعنية تنفيذه فور صدوره من القضاء المختص، ومن الأمثلة في إستصدار الأوامر الولائية على العرائض: طلب حجية الزواج أوالقسام الشرعي أو القيمومة أو الوصاية أو الوفاة وغيرها [ينظر:المادة 300 قانون المرافعات المدنية].

ثانيا: المرجعية القانونية في إصدار الأوامر الولائية:

المواد القانونية التي تناولت موضوع الأوامر الولائية (القضاء الولائي) التي يصدر القضاء بموجبها قرارها الولائي، هي المواد (151 و 152 و 153) من قانون المرافعات المدنية العراقي، رقم (83) لسنة 1969 المعدل، وهي على النحو الآتي:

1.   ((لمن له حق في الاستحصال على امر من المحكمة للقيام بتصرف معين بموجب القانون ان يطلب من المحكمة المختصة اصدار هذا الامر في حالة الاستعجال بعريضة يقدمها الى الحاكم المختص وتقدم هذه العريضة من نسختين مشتملة على وقائع الطلب واسانيده ويرفق بها ما يعززها من المستندات)) [المادة 151 مرافعات مدنية].

2.   ((يصدر القاضي امره كتابة بالقبول او الرفض على احدى نسختي العريضة في اليوم التالي لتقديمها على الاكثر ويعطى الطالب صورة رسمية من الامر بذيل النسخة الثانية من العريضة ويحفظ الاصل في قلم كتاب المحكمة . ويبلغ من صدر الامر ضده بصورة منه))[المادة 152 مرفعات مدنية].

3.   ((1ـ لمن يصدر الامر ضده وللطالب عند رفض طلبه ان يتظلم لدى المحكمة التي اصدرته خلال ثلاثة ايام من تاريخ اصدار الامر او من تاريخ تبليغه وذلك بتكليف الخصم الحضور امام المحكمة بطريق الاستعجال.2ـ يجوز رفع التظلم تبعا للدعوى الاصلية في اية حالة تكون عليها الدعوى ولو اثناء المرافعة بالجلسة.3ـ وتفصل المحكمة في المتظلم على وجه الاستعجال بتاييد الامر او الغائه او تعديله ويكون قرارها قابلا للتمييز))[المادة 153 مرافعات مدنية].

بعد قراءة هذه النصوص القانونية الثلاث، يتبين جملة من النقاط، أهمها:

1.   المشرع لم يبين المحكمة المختصة بإصدار مثل هذه الأوامر الولائية، إلا أن العرف القضائي المعمول به في المحاكم العراقية تؤكد بأن الإختصاص الولائي هي للمحاكم التي يتحدد بنوع المنازعات والقضايا والدعاوي المتعلقة والمختصة بها القضاء العادي، مثلا: فإذا كان النزاع معروضا امام المحاكم المدنية فتكون هي المختصة بالموضوع وإن كان النزاع أمام محكمة الأحوال الشخصية فتكون هي المختصة وكذلك الحال بالنسبة لمحاكم البداءة والاستئناف.

2.   لا بد أن يكون لطالب الأمر الولائي الحق القانوني في ذلك، وأن يقدم طلبه الى المحكمة المختصة كتابة وفي نسختين مشتملة على الوقائع والأسانيد ويكون معززا بالمستندات، إضافة الى وجود عنصر الإستعجال، وعلى القاضي أن يصدر أمره كتابة إما بقبول الطلب أو رفضه خلال (24) ساعة، ويبين النص القانوني الذي أستند إليه في حالة صدوره، لأن عدم وجود النص القانوني يعني رد الطلب شكلا، بمفهوم آخر: لا يجوز إصدار الأوامر الولائية في المنازعات التي لا تؤثر الوقت في حيثياتها، ولا في حالة عدم وجود نص قانوني يبيح ذلك للقاضي المختص، لكون الأمر الولائي نافذ بشكل مباشر وبقوة القانون.

3.   القانون أباح لكلا الطرفين اللجوء الى التظلم، ففي حالة الرفض أباح لطالبها أن يتظلم أمام نفس المحكمة خلال ثلاثة أيام من تأريخ رفضه أو تبليغه، وفي حالة القبول أباح للطرف الآخر الخصم التظلم بنفس الآلية، كما ويجوز رفع التظلم تباعا للدعوى الأصلية وفي جميع حالاتها سواء أثناء المرافعة أو غيرها، وفي حالة التظلم على المحكمة أن تفصل في الأمر الولائي وعلى وجه السرعة إما بتأيده أو إلغائه أو تعديله، وفي حالة رفضه يحق للطرفين الإعتراض عليه تمييزا أما محكمة الإستئناف ـ المنطقة ـ بصفتها التمييزية[المادة 216/2 من قانون المرافعات المدنية].

وهذه النقطة تحسب للمشرع نظرا لإتساع رؤيته في أختيار الألفاظ القانونية المناسبة، فالأمر الولائي هو في ذاته قرار إجرائي ـ إداري قضائي، لذا أستخدم المشرع لفظة (تظلم) ـ نظرا لكون القرارات الإدارية لا يطعن فيها، بل تظلم منها ـ ، ولو كان الأمر الولائي حكما قضائيا لأستخدم المشرع لفظة (الطعن)، وهذا الأمر مطابق مع ما جاء في نص المادة (100) من الدستور النافذ.

وأستنادا وإستنباطا الى إستدلالات المادة (100) من الدستور، فإنه لا يجوز للمحكمة الإتحادية أن تحصن قراراتها الولائية من الطعن أو التظلم بحجة أن قراراتها باتة وفق المادة (94) من الدستور، لكون الأمر الولائي في حد ذاته مؤقت وإجرائي ـ إداري.

ثالثا: الفرق بين الأمر الولائي والقضاء المستعجل:

قبل التطرق الى النقاط التي تمييز بين الأمر الولائي والقضاء المستعجل، لابد الإشارة أولا الى المشتركات بين القضائين، ومن هذه المشتركات عدم مساسمها بأصل الحق، بإعتبارهما قضاءا غير أصيلا، وما يصدر منهما من قرارات لا تنتج عن مراكز قانونية جديدة لأطراف الدعوى، ويترتب على هذه النقطة عدم سريان مدة التقادم عليهما.

كما ويشترك الإثنان في موضوع سرعة الإجراءات من حيث المدد الزمنية المتعلقة بإصدار القرار أو التظلم فيه، وسرعة الإجراءات بالتالي تعني الإستعجال في صدور القرار أو الأمر،بإعتبار أي تأخير فيه قد يسبب ضررا بالطرف الآخر، وكذلك من أبرز هذه المشتركات إتصاف (الأمرين) حكم النفاذ المعجل بقوة القانون.

والآن ودفعا للتشابه والإشتراكات بين الأمر الولائي والقضاء المستعجل، نشير الى أهم نقاط الإختلاف، بينهما:

1.   فيما يخص الإجراءات: يصدر الأمر الولائي على عريضة الدعوى من دون مرافعة او تبليغ الخصوم، بينما القضاء المستعجل يصدر قراراه بعد إتباع جميع اجراءات التقاضي المقررة في قانون المرافعات المدنية وخاصة المادة (150) مرافعات.

2.   فيما يخص العدول والتعديل: الأمر الولائي الصادر من القاضي المختص لا يتمتع بأية حجية ويجوز العدول ـ التراجع ـ عنه او تعديله كليا أو جزئيا من القاضي نفسه، بمعنى آخر: أن ولاية القاضي مستمرة ولا تنتهي بمجرد صدوره أمرا ولائيا، وهذه السمة راجعة الى تمتع القاضي الولائي بدور ايجابي وسلطة تقديرية واسعة في موازنة الأمر عند إصداره أو تقدير صحته عند التظلم منه، وهو بخلاف القرار الصادر من القضاء المستعجل بإعتبار أن القاضي هنا يمارس عملاً قضائياً وبالنتيجة يصدر حكماً ذا حجية مؤقتة ـ بشرط بقاء الظروف كما هي لحظة صدوره ـ وإلا جاز للقاضي العدول عنه وتعديله كليا أو جزئيا، وفي كل الأحوال فإن هذا القرار لا ترتقي الى حجية الأمر المقضي به، وبالتالي لا تؤثر في اصل الحق[شرح قانون المرافعات المدنية، القاضي عبد الرحمن العلام،  ط 1، ج 4، ص 7، شرح احكام قانون المرافعات المدنية، د. عباس العبودي، دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل، 2000، ص341].

3.   فيما يخص الطعن والتظلم: الأمر الولائي لايجوز الطعن فيه تمييزا إلا بعد التظلم منه أمام الجهة التي أصدرها حيث يكون القرار الصادر بنتيجة التظلم قابلا للتمييز، أما القرارات الصادرة من القضاء المستعجل تكون قابلة للطعن فيها تمييزا وفق ما جاء في المادة 216 من قانون المرافعات [للتفصيل أكثر: راجع قانون المرافعات المدنية المواد 141ـ153 من الباب العاشر(القضاء المستعجل والأوامر على العرائض) الفصلين، الأول: القضاء المستعجل، والثاني: الأوامر التي تصدر على عريضة أحد الخصوم].

رابعا: المحكمة الإتحادية وسلطة الأمر الولائي:

لخلو قانون المحكمة الاتحادية العليا الى موضوع قبول الأوامر الولائية أو رفضها، ولكون المشرع لم يعين المحكمة المختصة بإصدار الأوامر الولائية ـ كما سبق آنفا ـ ووفق هذا القياس فالمحكمة الإتحادية العليا تكون هي صاحبة السلطة والقرار في إصدار الأوامر الولائية بالنسبة للمسائل والمنازعات التي ترفع أمامها، عليه فإنها خضعت نفسها لأحكام المادتين (151/152من قانون المرافعات المدنية)، وبالقدر الضروري، وفي نفس الوقت أستثنت نفسها من الخضوع للمادة (153) من قانون المرافعات المدنية بحجة أن قراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة[المادة 94 من الدستور]، وبإعتبارها تتعارض مع طبيعة الدعوى الدستورية وخصوصيتها.

وبما أن الوظيفة الأساسية للمحكمة الإتحادية العليا في العراق، هي:( تفسير نصوص الدستور والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الإتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الإتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الأفراد وغيرهم حق الطعن المباشر لدى المحكمة)[المادة 93/ثانيا وثالثا من الدستور النافذ لسنة 2005].

بتأريخ 6/2/2022 بعد الإجتماع والمداولة أصدرت المحكمة الاتحادية العليا بأكثرية أعضائها أمرا ولائياً باتا للسلطات كافة (ذي العدد3/إتحادية/أمر ولائي/2022)، يقضي بإيقاف إجراءات إنتخاب السيد (هشيار محمود محمد زيباري) لمنصب رئيس الجمهورية مؤقتا، لحين حسم الدعوى المرقمة (17/إتحادية/2022) المقامة في 2/2/2022، وصدر هذا القرار بناءا على قيام بعض أعضاء مجلس النواب العراقي، برفع دعاوي قضائية ضد ترشيح السيد (هشيار زيباري) لمنصب رئيس الجمهورية.

خامسا: الآثار المترتبة على الأمر الولائي الصادر من المحكمة الإتحادية:

عادة محل النزاع في الأوامر الولائية القضائية أشياء ووقائع مادية (كالأموال المنقولة وغير المنقولة، نحو: مبالغ نقدية أو سيارة أو أراضي أو حجج ووصايا قانونية ووو...)، كما الحال لدى محكمة الأحوال الشخصية أو البداءة أو المدنية.

لكن هذا الأمر يختلف بالنسبة للمحكمة الإتحادية، لأن محل النزاع أمامها قضايا رقابية دستورية وتفسيراتها ومسائل تتعلق بتطبيق القوانين والأنظمة النافذة والمواضيع الخلافية بين الأقاليم والسلطات الإتحادية وبين الأخيرة والمحافظات غير المنتمية الى إقليم لكون طبيعتها مختلفة عن المحاكم الأخرى.

لذا سيكون هنالك إختلاف بين الآثار المترتبة على الأوامر الولائية الصادرة من المحكمة الإتحادية العليا والمحاكم الأخرى، ولو نأخذ بهذا الأمر الولائي ـ موضوع الدراسة ـ الصادر من المحكمة الإتحادية العليا بحق إيقاف إجراءات ترشيح السيد (هشيار زيباري) ـ كنموذج وعينة ـ سنستنتج من خلاله أهم الآثار المترتبة عليه، وهي كالآتي:

1.   إيقاف إجراءات ترشيح السيد هشيار زيباري بصورة مؤقتة، لحين حسم الدعوى الإتحادية، ذي العدد (17) لسنة 2022.

2.   إخفاق إنعقاد جلسة مجلس النواب المتعلقة بإنتخاب رئيس الجمهورية في 7/2/2022 بسبب عدم إكتمال نصاب الثلثين، حسب التفسير الموفق من قبل المحكمة الإتحادية العليا للمادة (70/أولا) من الدستور في (3/2/2022)، بناءا على طلب رئيس الجمهورية، بكتابه ذي العدد (245) في  (1/2/2022).

3.   دفعت رئاسة مجلس النواب الى فتح أبواب الترشح ـ للمرة الثانية ـ  لمنصب رئيس الجمهورية من جديد، كما هو مبين في قرارها المرقم (4) لسنة 2022، ولمدة ثلاثة (3) أيام.

سادسا: أهم النتائج والتحليلات القانونية المتعلقة بالدراسة:

1.   في حالة صدور الأمر الولائي من المحاكم العادية: أباح المشرع لكلا الطرفين اللجوء الى التظلم، أمام نفس المحكمة خلال ثلاثة أيام من تأريخ رفضه أو تبليغه، وفي حالة القبول أباح للطرف الآخر الخصم التظلم بنفس الآلية، وفي حالة التظلم على المحكمة أن تفصل في الأمر الولائي وعلى وجه السرعة إما بتأيده أو إلغائه أو تعديله، وفي حالة رفضه يحق للطرفين الإعتراض عليه تمييزا أما محكمة الإستئناف ـ المنطقة ـ بصفتها التمييزية.

2.   المحكمة الإتحادية العليا أستثنت نفسها من الخضوع للمادة (153) من قانون المرافعات المدنية بحجة أن قراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة[المادة 94 من الدستور]، وهذا الإستثاء ـ في إعتقاد الكاتب ـ ليس في محله، لأن القرار الولائي في ذاته غير قطعي وغير بات، وليس من القرارات القضائية بصفة أصلية، وسيزول مع آثاره فور صدور القرار النهائي بشأن أصل الدعوى، عليه كان الأولى للمحكمة الإتحادية العليا أن تبقي باب التظلم مفتوحا في الأوامر الولائية، وفي حالة رفضه من قبلها يصبح الأمر الولائي باتا.

3.   أستنادا وإستنباطا الى إستدلالات المادة (100) من الدستور، لا يجوز للمحكمة الإتحادية أن تحصن قراراتها الولائية من التظلم بحجة أن قراراتها باتة وفق المادة (94) من الدستور، لأن القرار الولائي ليس من القرارات القضائية، بل هو إجراء إداري تحفظي مؤقت، والمادة (94) من الدستور ليس دليلا على مثل هذه المسائل، بل كل ما نستطيع أن نقوله بخصوص محتوى المادة (94) من الدستور هو إستدال وإستنباط من الممكن أن نستأنس به في تحصين القرارات الولائية الإتحادية من التظلم، ولكنها لا ترتقي الى مرتبة الدليل الصريح الواضح القطعي بهذا الشأن.

4.   المشرع كان موفقا في أختيار الألفاظ القانونية المناسبة، لكون الأمر الولائي هو في ذاته قرار إجرائي ـ إداري قضائي، لذا أستخدم المشرع لفظة (تظلم) ـ نظرا لكون القرارات الإدارية لا يطعن فيها، بل تظلم منها ـ ، ولو كان الأمر الولائي حكما قضائيا لأستخدم المشرع لفظة (الطعن)، وهذا الأمر مطابق مع ما جاء في نص المادة (100) من الدستور النافذ.

5.   لنفترض أن جلسة مجلس النواب المتعلقة بأنتخاب رئيس الجمهورية أنعقدت في 7/2/2022، وتم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، ألا يعتبر هذا الأمر مساسا بأصل موضوع الدعوى، وتغييرا في المراكز القانونية لأصل الحق، لذا من الأمثل على المحكمة الإتحادية إخراج الأوامر الولائية من خانة القرارات الباتة والملزمة، لحين البت في التظلم منها من قبل أطراف الدعوى ولمدة (3) أيام.

وفي الختام، نقول وبفارغ الصبر: ننتظر نهار يوم الأحد الموافق 13/2/2022 بإعتباره الموعد المعين والمحدد من قبل المحكمة الاتحادية العليا لحسم الدعوى الإتحادية، ذي العدد 17/2022 المتعلقة بعدم دستورية ترشيح السيد هشيار زيباري، والمقامة ضد المدعى عليه السيد محمد ريكان حديد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي، إضافة لوظيفته.

الهوامش:

(1): سبق وأن أصدرت المحكمة الإتحادية العليا بتأريخ 13/1 /2022 أمرا ولائياً باتا للسلطات كافة (رقم 1/أمر ولائي/2022)، يقضي بإيقاف عمل هيئة رئاسة مجلس النواب العراقي المنتخبة في جلستها الأولى في 9/1/2022 ايقافاً مؤقتاً لحين حسم الدعاوى التي قدمت بعدم دستوريتها ومخالفتها للنظام الداخلي لمجلس النواب العراقي[والدعويان هما المسجلتان بالأرقام 5/إتحادية/ 2022 و 6 /إتحادية/ 2022، والتي تم توحيدهما في دعوى واحدة من قبل المحكمة الإتحادية أثناء النظر فيهما في جلستها المنعقدة في 19/1/2022، والتي تم قبولهما بعد إستيفاء جميع الجوانب الشكلية في الطلب المقدم من قبل المدعيين المعزز بالمستندات والمستند الى قانون]، وكان من آثار هذا الأمر الولائي:

أولا: تعطيل عمل مجلس النواب العراقي ـ تشريعا ورقابة وتمثيلا ـ رغم كونها أحد أضلع المثلث المكونة منها السلطات الإتحادية، إن لم يكن الضلع الأهم بإعتباره السلطة التي تنبثق منها السلطات الأخرى، وخاصة ودولة العراق يتبنى النظام الإتحادي النيابي.

 ثانيا: إيقاف التوقيتات الدستورية المتعلقة بإنتخابات رئيس الجمهورية، وبيان الكتلة الأكثر عددا وتكليف مرشحها لتشكيل مجلس الوزراء.

 ثالثا: في ذات الوقت سواء بقصد أو دون قصد ـ وهو الراجح ـ أعطت للكتل النيابية والأحزاب السياسية وقتا إضافية خارج السياقات الدستورية، للتشاور والإتفاق على المسائل العالقة وبالذات المتعلقة بإنتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة المقبلة.

رابعا: وضعت يدها على الخلل الدائم الذي يعقب الجلسة الأولى لمجلس النواب وخاصة منذ عام 2010 وقرارها ـ المفسر ـ الغير دستوري في آليات تحديد الكتلة الأكثر عددا، ويرجى في هذه المرة أن تصحح وتعدل قرارها السابق من إصدار ضوابط قانونية واضحة تتعلق بالكتلة الأكثر عددا وتبين مهامات وسلطات رئيس السن.

خامسا: وفي يوم الثلاثاء الموافق 25/1/2022 أقرت المحكمة الاتحادية العليا بدستورية الجلسة الاولى لمجلس النواب العراقي في دورته الخامسة، وتم رفض الدعويين المرقميين (5/إتحادية/2022 و 6/إتحادية2022)، ونستنتج من هذا القرار بأنه: متى ترك رئيس السن ـ ولأي سبب كان ـ رئاسة جلسة مجلس النواب ـ الأولى ـ وخرج منها، سيحل محله العضو الإحتياط الذي يليه سنا، وسيتمر الجلسة في إكمال جدول إعمالها وفق القانون والنظام الداخلي للمجلس.

المصادر والمراجع:

1.    الدستور العراقي لسنة 2005.

2.    قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل.

3.    الأمر الولائي الصادر من المحكمة الإتحادية بتأريخ 13/1 /2022 (رقم 1/أمر ولائي/2022)، المتعلق بإيقاف عمل هيئة رئاسة مجلس النواب العراقي المنتخبة في جلستها الأولى في 9/1/2022 .

4.    الأمر الولائي الصادر من المحكمة الإتحادية بتأريخ 6/2 /2022، ذي العدد (3/أمر ولائي/2022)، المتعلق بإيقاف بإيقاف إجراءات ترشيح السيد هشيار زيباري مؤقتا.

5.    شرح قانون المرافعات المدنية، القاضي عبد الرحمن العلام،  ط 1، ج 4.

6.    شرح احكام قانون المرافعات المدنية، د. عباس العبودي، دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل، 2000.

ملاحظة: الآراء التي ترد ضمن قسم المقالات تمثل آراء الكتّاب ولا تعبر بالضرورة عن رأي كوردستان 24.