أقليم كوردستان يستحق أن يكون دولة

Kurd24

من مقومات الدولة ان يكون لديها نظام سياسى وسلطة مركزية وقوة عسكرية وخدمات حضارية ومجتمع منتظم وثروات طبيعية و واردات وطنية وثقافة إجتماعية ومؤسسات متنوعة داخل إطار جغرافي محدد.

كل هذه المقومات الوارد ذكرها في تعريف الدولة متواجدة في أقليم كوردستان ما عدا وجود  الدولة والإعتراف الدولي بها، وهذا يعني بأن الشعب الكوردستاني أنجز العديد من الخطوات نحو تأسيس الدولة.

   و في الحقيقة أن الشعب الكوردستاني يريد الدولة ويستحق ان تكون له دولته وهذا حق طبيعي للشعب الكوردستاني، وعبر عنه شعب الاقليم  في إستفتاء ٢٠١٧/٩/٢٥ بكل وضوح و بشكل علني.

 فالشعب الذي يمتلك الوطن ويمتلك الارادة و الرغبة في الاستقلال يجب أن يسعد بدولته، وقد هيأت بعض الشعوب بارادتها  مقومات الاستقلال حتى غدت اليوم  دولة أما البعض الآخر فقد اعتمد على مساعدة دول آخرى هيأت له مقومات الاستقلال وساعدته في تأسيس دولة.

ففي كل الأحوال ومن أجل تأسيس الدولة، يتطلب في البداية ان يكون هناك شعب و وطن و إرادة، بالأضافة الى القدرات و المستلزمات والدعم الخارجي.

ان الشعب الكوردستاني مجتمع كبير متجانس ولديه مساحة شاسعة من الارض ناهيك عن ثروات وواردات طبيعية كبيرة، ولديه الرغبة في الحرية والاستقلال، و منذ أمد بعيد وهو يناضل من أجل كرامته لكنه لم يستطع اعلان دولته المنشودة بسبب عدم استطاعته توفير كافة المتطلبات و المستلزمات والدعم الخارجي الضروري لتأسيس الدولة.!

 وبعد  الكثير من الثورات والانتفاضات التحررية الكوردستانية التي قام بها ابناء الشعب الكوردي، أصبح الكورد أقوياء وهيأوا الكثير من القدرات و عوامل النصر، لكن النهاية السعيدة لم تكن حليفهم لانهم لم يتمكنوا من توفير جميع عوامل النجاح، في الاتحاد والقوة و الدعم الخارجي.

 في التأريخ الكوردستاني المعاصر تمكن البارزاني الخالد وحده من تهيئة أغلبية عوامل الانتصار وتأسيس الدولة، من كاريزما القيادة وارادة الشعب و الاتحاد والتضامن وتنظيم سياسى والقوة العسكرية والعلاقات الدولية و المؤسسات الادارية والامن ومستلزمات العمل، و تحرير اكثرية كوردستان،  ويكسب اعتراف الحكومة العراقية بحقوق الشعب الكوردستاني وان يحقق الحكم الذاتي، وللأسف الشديد كل هذا لم يساعده في الصمود أمام مؤامرة عراقية – أقليمية – دولية حيكت في الجزائر ضمن إتفاقية الجزائر المشؤومة بين العراق و ايران و الجزائر و مباركة اقليمية و دولية، وشكلت عائقاً لوصول كوردستان لأهدافها القومية، لذا يقولون لتأسيس أيَّ كيان سياسي يجب ان يكون هنالك عوامل ذاتية وعوامل موضوعية ناضجة، و لسوء حظ كوردستان لم ينضج هذين العاملين معاً بالتوافق مع تطور القضية الكوردستانية.

القضية الكوردستانية قضية حق ومشروعة، وهناك إرداة قوية للأستقلال، لذا نرى ان كوردستان في نضال وحِرَّاك وثورات تحررية قومية دائمة، و كثيرا ما هيأت العوامل الداخلية للإنتصار، لكن العوامل الموضوعية متمثلة بالسياسات القمعية للدول الاقليمية والدعم الدولي كانت حجرة عثرة للوصول الى هدفه القومي وتحقيق الظفر، ومع ذلك كلما تعرضت الى نكسة عاد بسرعة لتجدد روح التحدي و المقاومة و مواصلة الكفاح للأستقلال.

  مرَّ الكورد بالعديد من التجاررب مع هذه القوميات التي تمتلك السلطة وأسست لها الدولة، بأن يكونو معهم شركاء في الدولة والسلطة، سواء في عصر الأمبراطوريات الأسلامية أو في عصر الدول القومية الوطنية، لكن في جميع تلك العصور حرمو الكورد من حقوقهم المشروعة، وتعرضو الى عمليات القمع  والتدمير والإبادة والانصهار.

أقليم كوردستان ثمرة نضال و ثورات و تضحيات شعب كوردستان، وأصبح كيان سياسي فيدرالي دستوري معترف، رغم ذلك ينهال عليها الضغوطات والتهديدات العراقية والأقليمية، و يضعون العراقيل أمام تقدمها وتطورها الطبيعي، لكي لا يكون عامل الأمن والأستقرار في المنطقة.

   و نتيجة السياسات الخاطئة و القمعية للدول المحتلة لكوردستان لم يتمكن المحتلون من إيجاد الأمن و الإستقرار والعيش الرغيد لمواطنيهم الذين هم من جلدتهم، وهم في تضحيات مستمرة، لذا بقيت الدولة في حالة عدم الاستقرار وفقدت الكثير من عناصر الأمن القومي لدولهم.

 و لكي تهدأ المنطقة و تستتب الامن و الاستقرار في جميع الدول، يجب على كل الدول أن يطبقوا مبادئ حق تقرير المصير للشعوب، وان يعطوا الفرص الكاملة لجميع الشعوب في تقرير مصيرهم، وأن يتقبلوا النتائج ويتعاملو معها بايجابية.

يبدو ان التعايش السلمي في هذه المنطقة على اساس الحرية والمساوات و العدالة لن تتحقق، لذا علينا ان نفكر معاً و نجد طريقا آخرا في التعامل و التعايش السلمي، فأذا لم نتمكن من التعايش  المصاحب بالعدالة والمساوات لنكن جارين ونحترم البعض، و لكن يأتي السؤال هنا: هو مَنْ لا يقبل بالتعايش و ووجودك كشريك، كيف سيحترم وجودك ككيان و يقبل أستقلاليتك ؟.

   تاريخ البشرية مليئة بالتجارب والعبر، فلأفضل لاصحاب القرار أن يختاروا الأفضل و العمل به، مئات السنين من الحروب والتضحيات والأحتلال كافية بأن نقيم ونعيد النظر  على السياسات المدمرة، نطرد السيء و نعمل بالسياسات البناءة.

   مرت أكثر من ثلاثين عاما و أقليم كوردستان كيان سياسي مستقر وعامل قوي لأمن واستقرار المنطقة و العالم، لذا من الواجب ان تمنح الفرصة لها بأن تكون دولة مستقلة، لا سيما في هذا العراق المسمى بالديمقراطي الفيدرالي الدستورى، التي اصبحت دولة فاشلة و مازالت تطمس حقوق الأقليم و لا تسمح بأن يكون للكورد دوراً فعالاً فيها، ولا تعمل بمبدأ الشراكة والتوازن والتوافق، كي يشعر الكورد بالمواطنة و المساوات في العراق الجديد.

   يمتلك أقليم كوردستان جميع أسس الدولة، أضافة الى انه  يشترك مع العالم في مسائل أساسية للحياة والدولة وهي مسائل الأقتصاد والطاقة و الامن العالمي.

  و لموقع  الاقليم أهمية كبيرة في تأمين هذه الاحتياجات  للعالم، إن قيادات وقادة كوردستان سالكي نهج البارزاني الخالد والذين يداومون على حضور  المؤتمرات الدولية للاقتصاد و الطاقة والامن  والمشاركة الفعالة في مناقشة هذه الاحتياجات العالمية الحيوية و ايصال رسالتهم، وهذا الموقع الذي منح لرؤساء الاحزاب  و القادة الكورد ضمن نخبة التسلط العالمي  هو امتياز للكورد كما ان قبول مشاراكتهم في هذه المؤتمرات قد منحهم صفة الشراكة لهذه المؤسسات العالمية المهمة و هذا بحد ذاته يهيء أرضية  خصبة وملائمة تمكن  أقليم كوردستان الى ان يتحول من إقليم الى  دولة قوية ومؤثرة في محيطها الاقليمي كما الخيرات والثروات الطبيعية تسهل من عملية تحول الاقليم الى قوة اقتصادية لا تقل شأنا عن دول الخليج العربي التي تهيأت له مجموعة من العوامل والظروف الى تحولها الى قوة اقتصاية تؤثر في القرار العالمي.