"ساعي بريد ليس إلّا".. محللون يقللون من رؤية بايدن إزاء تحول العراق لـ"منصة دبلوماسية"

"العراق ليس سوى ساعي بريد، وهناك فرق كبير ما بين أن يكون ساعي بريد أو وسيطاً"
الرئيس الأمريكي جو بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن

أربيل (كوردستان 24)- قلّل محللون سياسيون من الرؤية التي طرحها الرئيس الأمريكي جو بايدن والتي قال فيها إن العراق تحوّل إلى منصة دبلوماسية في المنطقة، ولا سيما بين الرياض وطهران، وأشاروا في الوقت نفسه إلى عجز بغداد عن حل مشاكلها الداخلية.

وقال بايدن في مقال نُشر على واشنطن بوست، إن العراق أصبح "منصة دبلوماسية" وبخاصة بين السعودية وإيران بعدما كان لفترة طويلة مصدراً للصراعات بالوكالة والمنافسات الإقليمية، وأشار أيضاً إلى أن واشنطن ستساعد العراق ودولاً أخرى لتخطي الجمود السياسي.

كذلك أشار بايدن إلى أن السفارة الأمريكية لدى بغداد تعرضت لأعنف هجوم في عهد الإدارة السابقة، كما قال إن المهمة القتالية لقوات بلاده انتهت في العراق بعد هزيمة داعش ومهامها تقتصر في الوقت الراهن على دعم القوات العراقية لمنع ظهور داعش مرة أخرى.



وتحدث بايدن عن سلسلة "الإنجازات" التي حققها منذ وصول الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض قبل 18 شهراً، ونشر مقاله قبيل زيارته إلى الشرق الأوسط في 13 - 16 من الشهر الجاري.

يقول المحلل السياسي العراقي يحيى الكبيسي لكوردستان24، إن مقالة بايدن ليست سوى "استعراض لا يعبّر عن الواقع الحقيقي" في المنطقة.

وأضاف أن بايدن ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض يحاول "إظهار إنجازات غير حقيقية، ولا سيما في ظل الهجمة التي يتعرض لها الديمقراطيون... والوضع الاقتصادي في أمريكا".

يأتي هذا في وقت أخفقت فيه القوى السياسية العراقية في تجاوز الجمود السياسي وتشكيل الحكومة الجديدة على الرغم من مضي ثمانية أشهر على انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021.

وعمّا إذا كان العراق قد أصبح بالفعل "منصة دبلوماسية" كما يرى بايدن، قال الكبيسي "لا أعتقد أن العراق قادر على القيام بهذا الدور.. العراق ليس سوى ساعي بريد، وهناك فرق كبير ما بين أن يكون ساعي بريد أو وسيطاً" للتقريب بين السعودية وإيران.

وتابع "دخل العراق علناً وبصورة واضحة منذ عام 2011 في غمار حرب الخنادق المشتعلة في المنطقة، وأصبح جزءاً من المحور الإيراني... وعندما تكون حرب خنادق، وحرب استقطاب، سيكون الحديث عن الوساطة (التي تقوم بها الحكومة العراقية) أمراً عبثياً".



وعندما سُئل عما إذا كانت إدارة بايدن عازمة على المساعدة في حل الأزمة السياسية في العراق، قلل الكبيسي من تلك الجهود، وأشار إلى أن بايدن أورد العراق في مقاله مرتين، كما قارن الجمود السياسي الراهن في البلاد بما هو قائم في كل من لبنان وليبيا.

وبعد مبادرات سياسية لا تحصى، لم تتقدم العملية السياسية في العراق خطوة إلى الأمام، حيث يتطلب توافقاً بين الأطراف الشيعية المهيمنة على العملية السياسية منذ سقوط النظام السابق عام 2003، ولا سيما الإطار التنسيقي الذي يضم قوى تابعة للحشد الشعبي.

ويرى المحلل السياسي دلشاد نامق في حديث لكوردستان24، أن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط النظام السابق لم تتمكن من خلق أجواء الثقة مع الدول المحيطة.

وتابع "لم تكن علاقات العراق مع تلك الدول مستقرة، خاصة وأن دول الجوار تتعامل مع المكونات العراقية، حيث تتعامل تركيا مع التركمان وإيران مع الشيعة والدول السُنية مع السُنة".

وأشار نامق إلى أن العراق يمتلك موقعاً جيوسياسياً قوياً، مما يدفع تلك الدول إلى أن يكون لديها السمة نفسها، وقال "ربما هذه المقالة هي رسالة إلى إيران لإخراج العراق من تحت سيطرتها، لا سيما وأن العراق كان دائماً ضحية للنزاعات الأمريكية – الإيرانية".

وأضاف أن الرئيس الأمريكي يريد من دول المنطقة، ومنها دول الخليج، أن تعزز علاقاتها مع العراق، وهو ما يراه فرصة لإبعاد بغداد عن النفوذ الإيراني.