داء الملوك في شهر رمضان المبارك.
مع دخول شهر رمضان المبارك لعام 2023 أسأل الله ألا يصاب أصحاب الأموال بداء الملوك، لأنه إذا حصل وأصابهم فهو دليل على استمرار التوزيع غير العادل للثروة.
وداء الملوك هو مرض يصيب عملية التمثيل الغذائي في الجسم مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات حمض (اليوريك) وتراكمه في المفاصل ويؤدي إلى التهابها.
عُرف قديما بـ"داء الأثرياء" و"داء الملوك"، لأن هذه الفئات تتناول عادة كميات كبيرة من اللحوم قد تقوي احتمال الإصابة بالمرض مقارنة مع الآخرين.
فهل كان عمر بن الخطاب سيصاب بداء الملوك، وهو الذي اضطر في عام الرمادة إلى استخدام الزيت وترك السمن؟
وعام الرمادة كان من الأعوام الصعبة، حيث ابتليت بلاد المسلمين بالمجاعة، وذات يوم كان ابن عمر بن الخطاب يمشي وهو يحمل في يده فاكهة البطيخ، وعندما رأى عمر بن الخطاب هذا غضب كثيرًا، ثم توجه إلى ابنه وقال له: (بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين، أتأكل الفاكهة وأمة محمد هزلى).
يقول فرانس غريلباتسر: (أنت تملك يدين، واحدة لتساعد بها نفسك، والأخرى لمساعدة الآخرين).
ولا بد ستنطلق خلال هذا الشهر المبارك مبادرات كثيرة وفعاليات وبرامج خيرية بعضها يحمل الصدق وبعضها يحمل معنى الدعاية والإعلان، ومع ذلك ليس لدينا مشكلة مع هؤلاء إذا استطاعوا أن يقدموا شيئا لأسرة فقيرة خلال تسويقهم لأنفسهم.
ولكن باعتقادي أن على الشعوب الفقيرة ألا تطلب المساعدة اعتباطا ومن أي شخص كان، لأنه ليس كل شخص يصلح للتلبية، بالاستناد إلى مقولة لوسيل بال :(إذا أردت المساعدة، فاطلب المساعدة من شخص مشغول، فكلما عملت أكثر كلما زادت مقدرتك على عمل المزيد)، وبالتالي فليس كل المعنيين سيكونون قادرين على تقديم المساعدة.
في حين يمكنهم أن يطلبوا المساعدة من بعض رجال الدين حيث ينشغلون كثيرا خلال شهر رمضان المبارك، منهم من ينشغل بالعبادة والانقطاع إلى الله ومساعدة الآخرين ومنهم من ينشغل بتلبية دعوات الإفطار والسحور وتقديم إفتاءات حول (هل يفطر الصائم إذا دخلت قطرة مطر في فمه عنوة، أو إذا دخلت في أنفه رائحة الطعام من مطبخ جيرانه؟)
كما يمكنهم أن يطلبوا المساعدة من رجال الأعمال فهؤلاء مشغولون جدا بإضافة تحسينات لمنتجعاتهم ومسابحهم لاستقبال فصل الصيف.
كذلك يمكن أن يطلبوا المساعدة من الفنانات الاستعراضيات، وعارضات الأزياء فهؤلاء أيضا سيكن مشغولات جدا خلال هذه الفترة في التحضير لحفلات العيد وما بعده، وفي إعطاء دروس للمراهقات حول (كيف تكونين أنيقة أمام الله).
بالمقابل هناك أشخاص لا يمكن أن تطلبوا منهم المساعدة أيضا كـ مدمني الشهرة مثلا لأنهم سيلتقطون صورا أكثر مما يقدمون مساعدات.
ولا تطلبوها كذلك من الأدباء فهم رغم انشغالهم الدائم في (محاولة تفسير القلق الوجودي والنهايات المجهولة، وصراع الحداثة مع الكلاسيكية) إلا أنهم لن يتمكنوا من مساعدتكم لأنهم غالبا يحتاجون للمساعدة أيضا.
وحري بنا جميعا في شهر الصوم الذي تتنوع فيه الأطباق والوجبات أن نتذكر مقولة تريسترام ستيوارت: (يعد الحد من هدر الطعام طريقة لذيذة لتوفير المال والمساعدة في إطعام العالم وحماية الكوكب).