الصين تزيل اسم تشين غانغ من وزارة الخارجية وتبقي أسباب إعفائه غامضة

وشددت ماو على أن "المعلومات على الموقع الالكتروني لوزارة الشؤون الخارجية يتمّ تحديثها بناء على القواعد الإدارية ذات الصلة".
تشين غانغ
تشين غانغ

أربيل (كوردستان 24)- أبقت وزارة الخارجية الصينية الأربعاء الغموض سائداً بشأن أسباب إعفاء الوزير تشين غانغ من منصبه بعد غيابه لمدة شهر، ورفضت تقديم أي معطيات إضافية بعدما بدأت إزالة أي ذكر له من موقعها الالكتروني.

وأعفي تشين غانغ (57 عاماً) من منصبه الثلاثاء بعد 207 أيام فقط على تسميته وزيراً للخارجية، وأعيد سلفه وانغ يي إلى المنصب، وفق الإعلام الرسمي.

وأتت الخطوة بعد غياب تشين غانغ الذي يعتبر من المقربين من الرئيس شي جين بينغ وأحد كاتمي أسراره، لمدة شهر عن الحيّز العام، ما أثار تكهنات بأنه فقد مكانته أو أنه يخضع لتحقيق رسمي.

وخلال مؤتمر صحافي دوري، واجهت المتحدثة باسم الوزارة ماو نينغ سيلاً من الأسئلة بشأن الإعفاء غير المتوقع.

ورداً على سؤال، اكتفت بالقول "سبق لشينخوا (الوكالة الرسمية) أن نشرت المعلومات. أحيلكم إليها".

ولدى سؤالها عن تقييمها للفترة الوجيزة التي أمضاها على رأس الوزارة، ردت ماو "الأرجح أنني لست الشخص المناسب للإجابة... لا أعتقد أنه من المناسب لي أن أعطي تقييماً".

وأكدت أن القرار الذي صدر الثلاثاء وصادق عليه رئيس البلاد "واضح للغاية. ليست لدي أي معلومة إضافية".

وصباح الأربعاء، أصبح تشين غانغ أثراً بعد عين على موقع الوزارة، إذ تمّ حذف أي إشارة له وأفضى البحث عن اسمه أو مقالات سبق ذكره فيها إلى صفحة كتب عليها "غير موجودة أو تمّت إزالتها".

وشددت ماو على أن "المعلومات على الموقع الالكتروني لوزارة الشؤون الخارجية يتمّ تحديثها بناء على القواعد الإدارية ذات الصلة".

لكن اسم تشين بقي حاضراً حتى الآن على مواقع أخرى مثل مجلس الدولة ووزارة التجارة وتلك العائدة للإعلام الرسمي.

وكانت وكالة "شينخوا" أوردت الثلاثاء أن "أعلى هيئة تشريعية في الصين صوّتت لصالح تعيين وانغ يي كوزير للخارجية"، وأن "تشين غانغ أعفي" من المنصب، من دون تحديد أسباب ذلك.

وظهر تشين علناً للمرة الأخيرة في 25 حزيران يونيو لاستقبال نائب وزير الخارجية الروسي أندري رودنكو في بكين.

وكانت وزارة الخارجية أكدت في وقت سابق أن "أسباباً صحية" تقف خلف غياب تشين، قبل أن تمتنع في مراحل لاحقة عن الردّ بشكل مباشر على الأسئلة بشأنه.

وفي غياب أي تفسير رسمي لإعفائه، رأى خبير بالشأن الصيني أن محو ذكره من المواقع الالكترونية يؤشر إلى أنه فقد مكانته بشكل سريع في هيكل الحكم.

وقال الباحث الأمريكي بيل بيشوب "لست واثقاً من أن ذلك كان ليحدث في ما لو كان رفيقاً ذا اعتبار جيد (في الحزب الشيوعي) وأصيب بالمرض".

من جهته، تحدث نيل توماس من معهد البحوث الأمريكي "إيجا سوسايتي بوليسي إنستيتيوت" عن مؤشرات "ترجح أن يكون ذلك بالفعل عملية تطهير سياسية".

خطوط عريضة على حالها

وانتشرت في الفترة الماضية عبر الانترنت شائعات عدة بشأن أسباب غياب تشين غانغ، تحدث بعضها عن أنه يخضع لتحقيق رسمي على خلفية علاقة مزعومة مع مذيعة تلفزيونية بارزة.

واعتبر المتخصص في السياسة الصينية في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية هو-فونغ هونغ أن ما جرى "يجسّد كيف أن السياسة في الصين تصبح مُتقلِّبة وغير قابلة للتوقع بشكل متزايد على رغم أن ظاهرها يبقى هادئاً".

وكان تشين المتحدّر من مدينة تيانجين (شمال شرق)، يتعامل مع الرئيس الصيني بشكل متكرر بحكم منصبه السابق كرئيس إدارة المراسم في وزارة الخارجية.

وقد ساهمت الثقة التي منحه إياها شي مباشرة، في ترقيته على حساب مرشّحين أكثر خبرة، أولاً إلى سفير للصين في واشنطن ثم وزير للخارجية.

وقبل تعيينه وزيراً، كان سفيراً في واشنطن، وشغل قبله منصب الناطق باسم وزارة الخارجية حيث عرف بردوده اللاذعة على الأسئلة المحرجة للصحافيين. وأمضى أعواماً في السفارة بلندن، ويتحدث الإنكليزية بطلاقة.

وفي كانون الأول ديسمبر 2022، خلف تشين وانغ كوزير للخارجية، وهو منصب كان الأخير يتولاه منذ العام 2013.

ونظراً إلى طول باع وانغ يي في السياسة الخارجية للصين، توقع محللون أن تبقى خطوطها العريضة على حالها.

وقال راين هاس، الباحث في مركز بروكينغز والعضو السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي "لا أتوقع أن تشهد السياسة الخارجية للصين تغييراً كبيراً بسبب خروج تشين غانغ".

وأضاف لفرانس برس "تشين كان منفِّذاً ومفصِّلاً لسياسة الصين الخارجية أكثر مما كان مُهندساً لها". وتابع "وانغ يي هو أحد أكثر الدبلوماسيين خبرة وشُهرة في العالم. سيكون قادراً على دفع سياسة الصين الخارجية قُدماً".

وأكدت المتحدثة باسم الوزارة الأربعاء أن "كل النشاطات الدبلوماسية للصين تمضي بثبات".

وأثناء غياب تشين، تولّى وانغ الكثير من مسؤولياته، إذ كان كبير الدبلوماسيين الذي كان يشغل رسمياً منصب مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم ويقود سياسته الخارجية، ويتفوق على تشين في التسلسل الهرمي الحكومي.

على رغم ذلك، ترك غياب تشين فراغاً على رأس وزارة الخارجية وبدأ ينعكس على جدول أعمال زوار بكين الأجانب.

وبشكل غير متوقع، أرجئت هذا الشهر زيارة لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.

كذلك أوردت وكالة بلومبرغ أن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قام بخطوة مماثلة بسبب غياب تشين غانغ.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء إنه يتوقع "العمل بشكل جيد" مع وانغ يي الذي التقاه مرتين خلال الأسابيع القليلة الماضية.

أضاف "من المهم بالنسبة لنا أن ندير هذه العلاقة بمسؤولية. وهذا يبدأ بالدبلوماسية، ويبدأ بالتفاعل، وأنا على استعداد للتعاون مع نظيري الصيني المعني أياً يكن"، مشيراً إلى أن إعفاء تشين قرار سيادي يتعلق بالصين.

وتابع "كان تشين غانغ سفيراً في واشنطن. وقد تعرفت عليه عندما كان سفيراً. أجريت محادثات بنّاءة معه عندما كان وزير خارجية وأتمنى له التوفيق".

 

المصدر: AFP