فلنجري مراجعة شاملة لإنقاذ كوردستان.. وعلينا بالتالي

Kurd24

إن هجوم الجيش العراقي والحشد الشعبي والحصار السياسي والعسكري والاقتصادي المفروض على جنوب كوردستان والمستمر إلى الآن، إن هذا الوضع يتطلب مراجعة النفس مراجعة تامة، إن هجوم 16 أُكتوبر من قبل الحشد الشعبي والقوات العراقية على كركوك والمناطق الأُخرى من كوردستان في مخمور وسنجار وفي الوقت نفسه في خانقين وطوزخورماتو، قال لنا مرة أًخرى إن العراق إلى الآن يفرض منطق الحرب علة منطق الحوار والتفاهم، إن ذلك رسالة للقيادة السياسية الكوردستانية ولكل العالم بان حكام العراق ليسوا مستعدين في أي وقت أن يعترفوا بالحقوق المشروعة لشعب كوردستان، لذلك من الضروري أن ننتفع نحن من التأريخ، خلال طوال المدة الماضية فإن الحكومات العراقية المتعاقبة على دست الحكم كانوا يلجأون إلى الكورد في حالة الضعف وكانوا يطرحون الحوار، ولكن عندما تماسكوا أخذوا يشنون الهجوم على كوردستان، إن لعبة (الفأر والقطة) هذه تكررت طوال التأريخ بين الحكومات العراقية المتعاقبة على دست الحكم وشعب كوردستان، لذلك نتمكن أن نقول أن مشكلتنا مع العراق ليست على الشخصيات بل أن قضيتنا على نوع تفكير وعقلية العراقيين لحل قضية شعب اكوردستان، خلال مائة سنة الماضية كان للعراقيين نوع واحد من التفكير لطريقة التعامل مع قضية كوردستان، ولم يطرأ عليها تغيير، لذلك نتمكن أن نقول إن العقلية العراقية، عقلية جامدة غير قابلة للتغيير.                                                                                

إن الأُسلوب والتفكير والعقلية العراقية والتأريخ والتجربة التي كانت لنا  والتي نمتلكها تعيدنا إلى النتيجة بأن اي حل في إطار خارطة العراق المرسومة للقضية الكوردية شيئ مؤقت تترتب عليه دائماً خطورة الإلغاء لذلك يجب على القيادة السياسية الكوردستانية أن تصوغ خارطة طريق قومي ووطني بعيداً عن التعصب الحزبي لكيفية الحل التام للمشاكل بشكل جذري، ويتحقق هذا من خلال وضع االمصلحة القومية والوطنية فوق المصالح الحزبية، بالإستفادة من الأخطاء الماضية في أُسلوب العمل والتعامل مع الأطراف السياسية الكوردستانية ومراجعة النفس التامة على جميع المستويات حيث نتمكن صياغة ورقة عمل ملائم لعمل وكفاحنا القادمين، فإن لم نفعل ذلك سنخسر ونتضرر أكثر.

 من هذه الناحية من الضروري أن نجري دراسة دقيقة ونعرف ماهي مصادر مشاكل ومصاعب كوردستان ولماذا وصلت إلى الوضع الراهن؟ ومن أجل ذلك من الضروري أن نضع بصراحة الأصابع على الجروح وننتقد ونشخص عللنا ونجد لها الدواء، في اعتقادي أن العامل الرئيس لمشاكل ومعضلات كورستان يعود إلى فقدان العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والافتقار إلى نظام إداري ومالي شفاف والاستيلاء على جميع مجالات ومرافق الحياة من من قبل السلطات الحزبية وتهميش الموطنين والجهات السياسية الأُخرى، إن هذا الواقع وهذا الأُسلوب في العمل أدى إلى تشتت الوسط السياسي الكوردستاني وقادنا إلى هذا الوضع الراهن.  لاشك إن اللاعدالية الماثلة في كوردستان لامثيل لها في العالم، لا عدالية السياسية، لا عدالية الاجتماعية ولا عدالية الاقتصادية في كوردستان أدت إلى الإنفصال بين السلطة والشعب، على القيادة السياسية الكوردستانية أن تعيد النظر في هذه النقطة والعدالة السياسية والاجتماعية والعدالة الاقتصادية وتنظر بنظرة واحدة إلى جميع الناس، لا يمكن في هذا الوطن أن كل ما يتعلق بالامتيازات الموجودة وكل ما يتعلق بالتعيينات الموجودة وكل مجالات العمل الموجودة أن تكون فقط لحزبين! وأن تستولى جميع مجالات ومفاصل الحياة من قبل كلا هذين الحزبين، وكافة المواطنين من غير منتسبي هذين الحزبين والجهات السياسية الأًخرى يهمشون ! فمثلاً أن أكبر لا عدالية هي في الوقت الذي تقلص رواتب الموظفين فتصرف ملايين الدولارات لبعض الأحزاب ومؤسسات الإعلام فالسلطة تعمد حسب رغبتها أن تضع أي حزب في الصدارة، وأي حزب لا ترغب فيه أن تبعده عن كل شيئ، إن هذا الأُسلوب من التعامل مع المواطنين والجهات السياسية الكوردستانية، أوصل كوردستان ألى هذا اليوم، لذلك من الضروري أن تؤخذ هذه النقطة بنظر الاعتبار وتعالج، وإن معالجة هذه النقطة تصبح عاملاً هاماً لحل الكثير من المشاكل الأُخرى.

 ومن جهة أخرى عدم وجود نظام واضح للإدارة والمالية أدى إلى أن تدار كوردستان على وفق المزاج الشخصي، وإن هذا ألقى كوردستان غارقة في الفساد الإداري والمالي، لذلك من الضروري وبأسرع وقت أجراء تنظيم إدارة وأجهزة ومؤسسات كوردستان، لكي تدار كوردستان على أُسس نظام معاصر.

 كما أشرنا إليها أن الأحزاب الحاكمة هيمنت على جميع  مجالات الحياة، إن الحزب أدار جميع أعمال هذه البلاد، بحيث لم يبق للبرلمان والحكومة  أي دور، أجرى الحوار مع بغداد الحزب، أجرى العمل الدبلوماسي مع البلدان، التجارة قام بها الحزب، الإدارة أداها الحزب، قام الحزب بحماية أمن كوردستان، ادار الحزب الحرب ، فعل الحزب أن ينجز كامل أعمال البرلمان والحكومة والمؤسسات بنفسه عملها، لذلك لحل هذه المشكلة نحن نحتاج إلى تنظيم أجهزة ومؤسسات كوردستان، ولإنجاز هذا يجب أن تعاد السلطة أجهزة ومؤسسات كوردستان، وأن يمارس الحزب عمله الحزبي خارج الأجهزة والمؤسسات الحكومية، والحكومة تمارس صلاحياتها الحكومية، لايمكن أن تجري الحوار مع بغداد أو مع جهة أُخرى وترسلي أحزاباً وتهمشي أشخاصا خبراء أكفاء، إن ما جرى في كوردستان ويجري لم يكن وليس له نظير في أي مكان، على سبيل المثال حين يجري الحوار مع الحكومة العراقية يجب أن يذهب المسؤولون الحكوميون، في عالم السياسة يكون الوزير مقابل وزير، رئيس الحكومة مقابل رئيس حكومة، رئيس البلاد مقابل رئيس بلاد، لايمكن إلقاء مجموعة من الأحزاب في الطائرة وإرسالهم إلى بغداد وهناك يجتمعون مع حكومة العراق ومع البرلمان، ونحن أيضاً عندنا حكومة وبرلمان، وقد تضمنت الحكومة كوادر حزبية إرسلوا هؤلاء ليجروا الحوار، يجب أن ينجز المهمة المؤهلون فإن الأسلوب السليم للعلاقة بين الحزب والحكومة هو ان يختلط الحزب بالعمل الحكومي يساعدها ويقدمها المشاريع يوجهها ويدعمها، ويكون متضامناً لكي ان وجد في أعمالها في مكان ما خطأ ينبهها، لا أن يتدخل في أعمالها.

 فيما تقدم أشرنا إلى أسلوب العمل السابق وإنتقدنا، يجب لحل المشاكل وكيفية عملنا القادم أن نقف وقفة ونعرف ماذا نعمل؟ ولإجراء هذا من الضروري أن نعرف على الصعيد الداخلي والعراق، وعلى الصعيد الإقليمي، وعلى الصعيد الدولي ماذا نفعل؟

على الصعيد الداخلي، لإعادة تنظيم مركز كوردستان السياسي لحماية وحدة صف الأطراف السياسية، ينبغي تكوين مظلة مشتركة تجتمع من تحتها كافة الاتجاهات السياسية، وكذلك من الضروري أن تشترك الاتجاهات السياسية في إتخاذ القرار السياسي الكوردستاني وتجري استشارتهم، والاستئناس بآرائهم  وأخذ آرائهم بنظر الاعتبار لا مجرد استشارة عابرة أن يبدوا الرأي دون الاستماع إليهم، وفي نفس الوقت من الضروري تنظيم وتفعيل الأجهزة والمؤسسات ونخّير الحكومة وبرلمان كوردستان لكل حوار، ثم مع بغداد ودول المنطقة والخارج، وكذلك  يفسح المجال أن تمارس الحكومة عملها من الناحية الدبلوماسية، في الماضي وحتى الآن كانت دبلوماسيتنا دبلوماسية حزبية، لم تكن قومية وطنية، كانت على الأكثر مكرسة للمصلحة الحزبية لذلك من  المفروض أن نعيد هذه الصلاحية إلى حكومة كوردستان، لكي تعمل على هذا المجال عن طريق أجهزتها ومؤسساتها وتبلّغ الخارج بصوت شعب كوردستان.

نقطة أُخرى أهم من الجميع، يسود الآن تعاطف قومي على مستوى كوردستان الكبرى، على القيادة السياسية الكوردستانية تتمكن من هنا أن تعمل لعقد المؤتمر القومي الكوردستاني، حيث أن ذلك يصبح في المستقبل عاملاً في رفع المعنويات القومية وتصبح عاملاً فعالاً للخطاب القومي الموحد حيث يدعم أحدنا الآخر.

على صعيد العراق، على القيادة السياسية الكوردستانية أن تقرر الإنسحاب من العملية السياسية العراقية، وينشغل بإعادة ترتيب البيت الكوردستاني، من بعد 16 أُكتوبر أتخذ العراق مجموعة من القرارات العقوباتية ضد كوردستان، لم يتمكن ممثلو كوردشتان الوقوف بوجه القرارات و يلغوها، ما تأثير وجود الكورد حالياً في بغداد؟ يجتمع برلمان العراق بحضور وعدم حضور ممثلي كوردستان ويصدر القرارات ويفرضها على كوردستان، إن مجلس الأمن العراقي يجتمع دون وجود ممثلي كوردستان في ذلك المجلس ويتخذ القرارات فيفرضها على كوردستان، ومجلس الوزراء يعقد الإجتماع ويصدر القرارات ويفرضها على كوردستان، تصدر المحكمة الإتحادية القرارات ضد كوردستان، حسناً ماجدوى وجود الكورد في بغداد؟ أن يكون موجوداً هناك أو غير موجود ما تأثيره؟ بقيت الكتل الكوردستانية في بغداد دون تأثير؟ ورئيس الجمهورية في بغداد دون تأثير، اُغلقت المطارات الكوردستانية، إن رئيس الجمهورية الذي هو كوردي لايتمكن أن يفتح المطارات، لايتمكن رئيس الجمهورية أن يقف ضد قرار واحد لحكومة العراق الذي أُتخذ ضد كوردستان، حسناً لماذا بقي في بغداد؟! هذا الواقع يقودنا إلى قناعة أن نقول: إن الكورد في المستقبل لايكون له تأثير في بغداد، لذلك الإنسحاب افضل من البقاء في بغداد.

 على الصعيد الإقليمي، يجب ان نمتلك نحن ايضاً كارتنا ليؤثر على مصالح دول المنطقة ويتحقق هذا بدعمنا للحركة التحرية الوطنية للأجزاء الأُخرى من كوردستان، يجب أن نعرف بأن التكتل والتكالب العراقي والإيراني والتركي الواقع علينا الآن ليس ضد جنوب كوردستان وحده، إنما موجه بالدرجة الأُولى لضرب كامل حركة التحرر الوطني الكوردستاني، لذلك على القيادة السياسية الكوردستانية أن تسعى على صعيد كوردستان الكبرى لتشكيل قوة الحماية القومية من الييشمركة والكريلا و مقاتلي وحدات حماية الشعب YPG ووحدات حماية المرأة YPJ ، لآن هدف الجيش العراقي في الوصول إلى النقاط الحدودية هو الفصل بين جنوب كوردستان والأجزاء الأُخرى من كوردستان، لماذا؟ لأن إذا ماوصل العراق إلى معبر (فيشخابور) عندئذ ينفصل جنوب كوردستان عن غربي كوردستان ولا يبقي خط تضامن الغرب مع الجنوب، وفي الوقت نفسه إذا ما وصل إلى معبر (إبراهيم خليل) ينفصل الشمال عن الجنوب، وبنفس الشكل أن وصول العراق إلى معبر (حاج عمران)  ينفصل فيما بين الجنوب وشرق كوردستان، إن هذه المؤامرة للعراق تؤدي إلى ضرب الحضار من كل النواحي، وعزله من الأجزاء الأُخرى من كوردستان، وبشكل عام فإن هذه المؤامرة موجهة بشكل عام للفصل بين كامل جزاء كوردستان، إن ما حدث في 16 أُكتوبر 2017  في كركوك ومخمور وطوزخورماتو وسنجار، والذي يحدث الآن في عفرين وغربي كوردستان، هو تنفيذ جزء من المؤامرة القذرة ضد شعب كوردستان، إن هذا الوضع يتطلب منا جميعاً أن نتصدى بإتحادنا ووحدة صفنا لتلك المؤامرات القذرة الدنسة.

على الصعيد الدولي، يجب أن نقوم بحركة دبلوماسية نشطة وندخل أشخاصاً خبراء فعالين في الجماعات الدبلوماسية وممثليات حكومة كوردستان خارج الوطن ومن جهة أُخرى نحن قمنا بالاستفتاء، حقق الاستفتاء النتيجة بنسبة 92.73%  حيث صوت شعب كوردستان ب(نعم) لذلك علينا نحن أن نؤسس (بورد استقلال كوردستان)، لكي يعمل هذا البورد لكيفية الوصول الى تحقيق استقلال كوردستان، يجب أن يكون أعضاء هذا البورد مجموعة من الشخصيات الكوردية والشخصيات الدولية المؤثرة تتوافر فيهم الخبرة القانونية والعلاقات الدولية لكي نصل نحن أيضاً ألى استقلال كوردستان بالاستفادة من تجربة الشعوب الأُخرى في العالم.

وأخيراً هل نتمكن أن ننجز هذه الأعمال وننجو من هذه المرحلة الصعبة؟ لاشك نعم، لكن بشرط أن نضع المصلحة القومية والوطنية فوق المصلحة الحزبية والشخصية، وننزع الملابس الضيقة للحزبية ونرتدي ملابس الكوردايتي، إذا ما فعلنا ذلك ينتظرنا مستقبل مشرق ووضاء، وإذا لم نفعل ذلك فإن مستقبلاً مجهولاً في إنتظارنا! لذلك من الضروري أن نحث الخطى بإتجاه وحدة الصف ووحدة الصوت، لكي نضمن مستقبلاً مشرقاَ لشعب كوردستان وبلوغ شاطئ آمن وحلمنا القومي الذي هو استقلال كوردستان، لاشك أن وحدة صفنا ووحدة كلمتنا ضمانة تحقيق حلمنا ذلك، لذلك يجب على جميعنا أن نعمل من أجل وحدة الصف ووحدة الكلمة.

*السكرتير العام للإتحاد القومي الديمقراطي الكوردستاني  YNDK

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.