78 عاماً على إعدام واستشهاد رئيس جمهورية كوردستان في مهاباد

78 عاماً على إعدام واستشهاد رئيس جمهورية كوردستان في مهاباد
78 عاماً على إعدام واستشهاد رئيس جمهورية كوردستان في مهاباد

يصادف الـ 31 آذار 2025، مرور 78 عاماً على إعدام واستشهاد القائد الكوردي قاضي محمد رئيس اول جمهورية كوردية وهي جمهورية كوردستان، والتي أعلنها الكورد في عام 1946 في كوردستان إيران وكانت عاصمتها مهاباد.

ولد قاضي محمد في مهاباد عام 1900 من عائلة ميسورة الحال، وتمتع بثقافة عالية وقراءة سليمة للواقع الاجتماعي والسياسي للمنطقة، إلى جانب تعمقه في أمور الشريعة الإسلامية والفقه والدين، وإتقانه للعديد من اللغات الفارسية، التركية، العربية والفرنسية والانجليزية والروسیة إلى جانب لغته الأم (الكوردية)، فضلاً عن شخصيته الساحرة التي تثير محبة وتعاطف كل من يقابله، وتواضعه وشجاعته وإيمانه العميق بحقوق شعبه في الحياة وضرورة النضال من أجل تحقيق هذه الحقوق المشروعة.

بدأ قاضي محمد نضاله السياسي مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما انضم إلى جمعية <خويبون> التي تأسست عام 1927، بمعاونة إحسان نوري باشا والتي تلاها في عام 1944 تشكيل منظمة كوردية باسم ‹جمعية الإحياء الكوردي›، أعقب ذلك بتأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مطلع العام 1945 إلى جانب عدد من رفاقه. 

في الـ 22 من كانون الثاني من عام 1946 وسط ظروف شائكة ومعقدة أعلن عن قيام جمهورية مهاباد مع انتخاب قاضي محمد رئيساً للجمهورية بحضور وفود كوردستانية من مختلف المناطق وإلقاء محمد لكلمته الشهيرة أمام حشد من الجماهير آنذاك، ولأول مرة في التاريخ الكوردي رفع العلم الكوردستاني الذي يتشكل من اللون الأحمر والأصفر والأخضر في ساحة (چوار چرا) أكبر ساحات مدينة مهاباد الكوردستانية، وإلى جانب تشكيل حكومة وتسمية رئيس وزراء وتشكيل برلمان وشارك معه في هذە المراسيم الخالد الملا مصطفى البارزاني ومنح رتبة الجنرال له في مطلع 1946 تقديرا لنضاله وخبرته في الشوؤن العسكرية، وأصبحت مدينة مهاباد عاصمة للجمهورية الفتية وكان للدولة جيشها الخاص الذي أطلق عليه انذاك و حالیا بـ"البيشمركة"، وتم تدريبه وتجهيزه من قبل الاتحاد السوفييتي و كانت اللغة الكوردية لغة رسمية يتعلم بها الشعب وتلتزم بها الدوائر الرسمية، وتم فتح المدارس وأنشأت الصحافة والمسارح، ودخلت المرأة في معترك الحياة الكوردستانية الجديدة، وقامت علاقات تجارية مع دول الجوار.

كان عمر الجمهورية الكوردية 11 شهراً فقط منذ تأسيسها فلم تمكث طويلا وراحت ضحية المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية للقوى الدولية، التي اتفقت على وضع نهاية لها، حيث نتج عن الضغوطات البريطانية والأمريكية انسحاب السوفييت من شمال إيران وترك الجمهورية الحديثة تواجه مصيرها أمام جحافل الجيش الإيراني المدعوم غربياً آنذاك، والتي وظفت كل قوتها في سبيل النيل من الجمهورية الكوردية وتمكنت من استعادة مهاباد وبسط سيادتها على الإقليم.

في ظل تلك الظروف وصل البارزاني الخالد بسرعة إلى مهاباد والتقى بقاضي محمد، وطلب منه أن يوافق على أن يُنقذه من المأزق الذي فيه، وطمأنه بأنه سيقوم شخصياً بنقله إلى الحدود العراقية، لكنە رأى ما سيحدث بعد ذلك سيكون مذبحة بحق المدنيين الكورد من قبل الجيش الإيراني، فسعى إلى تجنب الحرب بأي ثمن واعتقل في 30 آذار 1947، وتشكلت محكمة عسكرية ميدانية لمحاكمة قاضي محمد وأخويه. ووجهت لقاضي محمد عددًا من التهم التي صدر على أساسها قرار إعدامه. وطعن قاضي محمد على هذا الحكم الجائر من المحكمة معتبرًا أنها محكمة عسكرية في حين أنه رجل مدني، وكذلك لكون المحكمة لم تمنحه حق اختيار محامين للدفاع عنه. غير أن ذلك لم يجد نفعًا وبعد محاكمة صورية، أعدم رئيس الجمهورية قاضي محمد وعشرات آخرون من قادة ومناضلي الكورد في ساحة ‹چوار چرا› بمهاباد، شنقاً حتى الموت.

وكانت آخر الكلمات على لسان الشهيد قاضي محمد، هي: "عاشت الأمة الكُوردية، عاش تحرير كوردستان".

رحل الشهيد قاضي محمد وسلم راية كوردستان الى الخالد ملا مصطفى البارزاني، وظلت حية فكرة الحرية والحق والاستقلال في ذاكرة الشعب الكوردي، الذي واصل ويواصل كفاحه لنيل حريته وتحقيق تطلعاته الإنسـانية المشروعة إلى يومنا هذا.