أوراق القوة الكوردستانية في تعزيز الحوار الوطني مع بغداد

في ظل التحديات المالية والسياسية التي تطبع العلاقة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد، يمتلك الإقليم مجموعة من الأوراق الاستراتيجية التي تعزز موقفه التفاوضي وتؤكد دوره كشريك أساسي في بناء العراق الفيدرالي. تتنوع هذه الأوراق بين الاقتصادية والسياسية والجغرافية والدولية، وتتجذر في رؤية دستورية وضع أسسها قادة الإقليم، وعلى رأسهم السيد مسعود بارزاني، الذي لعب دورًا محوريًا في صياغة الدستور العراقي لعام 2005.
دور الرئیس مسعود بارزاني في تأسيس الفيدرالية
كان للرئیس مسعود بارزاني، رئيس إقليم كوردستان السابق وزعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، دور تاريخي في ترسيخ مبدأ الفيدرالية في العراق. خلال مفاوضات صياغة الدستور عام 2005، دافع السيد بارزاني عن حقوق الشعب الكوردستاني، مؤكدًا ضرورة إقامة نظام فيدرالي يضمن العدالة والمساواة بين مكونات الشعب العراقي. هذه الرؤية، التي استندت إلى مبادئ الشراكة والتعددية، ساهمت في إرساء إطار دستوري يكفل لإقليم كوردستان إدارة موارده وتأsacrifice الاقتصادية والسياسية، مما عزز من مكانة الإقليم كشريك أساسي في العراق. هذا الإرث الدستوري يشكل أساسًا قويًا لموقف الإقليم التفاوضي اليوم.
النفط والغاز: ركيزة اقتصادية واستراتيجية
يُعد قطاع النفط والغاز العمود الفقري لاقتصاد إقليم كوردستان، حيث يدير الإقليم حقوله النفطية منذ عام 2006، ويبرم اتفاقيات مع شركات دولية مرموقة، مثل الاتفاقيات الأخيرة مع شركتين أمريكيتين لتطوير حقول الغاز في السليمانية بدعم أمريكي واضح. هذه الشراكات لا تعزز الاقتصاد المحلي فحسب، بل تمنح الإقليم نفوذًا متزايدًا في سوق الطاقة الدولي، مما يجعل إدارته المستقلة للموارد ورقة تفاوضية حيوية في الحوار مع بغداد.
الدعم الدولي: رافعة دبلوماسية
يحظى الإقليم بدعم سياسي وأمني من قوى دولية، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، خاصة في مكافحة الإرهاب والتنسيق الأمني. هذا الدعم، الذي يعكس التقدير الدولي لدور الإقليم في استقرار المنطقة، يمنح أربيل هامشًا دبلوماسيًا واسعًا للدفاع عن حقوقه ضمن الإطار الدستوري، ويشجع على الحلول الدبلوماسية بدلاً من التصعيد.
الموقع الجغرافي والعلاقات الإقليمية
يتمتع إقليم كوردستان بموقع جيوسياسي متميز على الحدود مع تركيا وإيران وسوريا، مما يمنحه أهمية استراتيجية في التجارة والعبور الحدودي. تحكم الإقليم في منافذ حدودية رئيسية يعزز قدرته على التأثير في الديناميكيات الاقتصادية والسياسية، مما يجعل هذا العامل ورقة تفاوضية فعالة.
الإطار الدستوري والقانوني
يستند الإقليم إلى مواد الدستور العراقي التي كفلها السيد مسعود بارزاني وغيره من القادة الكورد خلال صياغة الدستور، والتي تمنح الإقليم حق إدارة موارده الطبيعية وحصته من الموازنة الاتحادية. قرارات المحكمة الاتحادية، التي ألزمت الحكومة الاتحادية بصرف رواتب موظفي الإقليم، تُشكل أرضية قانونية صلبة تدعم مطالب أربيل بتحقيق المساواة بين المواطنين العراقيين.
الإنجازات التنموية والاستقرار
حقق الإقليم تقدمًا ملحوظًا في التنمية الاقتصادية والبنية التحتية، مما يعزز شرعية حكومته أمام المجتمع الدولي. هذا الاستقرار، الذي يُنظر إليه كعنصر حيوي في المنطقة، يجعل محاولات فرض الضغوط المالية أو الإدارية على الإقليم تحديًا صعبًا.
التحالفات السياسية داخل العراق
يعتمد الإقليم على تحالفات استراتيجية مع قوى سياسية عراقية، بما في ذلك الأطراف السنية وبعض القوى المستقلة، مما يعزز موقفه في مواجهة الانقسامات السياسية في بغداد، ويُشكل رافعة إضافية للحوار الوطني.
التطلعات الشعبية والسيادة
تعكس التطلعات الشعبية الكوردستانية، التي تجسدت في استفتاء 2017 بدعم من السيد مسعود بارزاني، رغبة مشروعة في ضمان الحقوق الدستورية والاقتصادية. هذه التطلعات تمثل دافعًا نفسيًا وسياسيًا يحث بغداد على إعادة تقييم سياساتها لتجنب التصعيد.
في الختام
إن أوراق القوة الكوردستانية، من النفط والدعم الدولي إلى الإرث الدستوري الذي ساهم السيد مسعود بارزاني في تأسيسه، تجعل من سياسات الضغط المالي أو الإداري نهجًا غير مستدام. إن الحوار البنّاء، القائم على الالتزام بمبادئ الدستور، هو السبيل لتعزيز الشراكة الوطنية التي تحقق العدالة والاستقرار لجميع العراقيين. إقليم كوردستان، بفضل هذه الأوراق ورؤية قادته التاريخية، يملك القدرة على لعب دور محوري في بناء عراق فيدرالي مزدهر، شريطة أن يُبنى هذا الدور على أسس الاحترام المتبادل والالتزام المشترك