في كرمنشاه.. مهرجان "الهورة" يجمع الأجيال لإحياء فن غنائي كوردي عمره 7 آلاف عام

أربيل (كوردستان 24)- في مبادرة تهدف إلى الحفاظ على واحد من أقدم الفنون الغنائية الكوردية، احتضنت مدينة كرمنشاه مهرجاناً تنافسياً لفن "الهورة"، جمع بين رواد هذا الفن من كبار السن والمواهب الشابة، في مشهد يعكس إصراراً على حماية هذا التراث العريق من الاندثار.
شهد المهرجان، الذي أقيم في قاعة مكتظة بالجمهور، مشاركة لافتة من مؤدي الهورة (هوره بێژ) من مختلف الأعمار، حيث تنافسوا في تقديم هذا اللون الغنائي الذي يُعد جزءاً لا يتجزأ من هوية وثقافة سكان جبال زاغروس. ووصف المشاركون المهرجان بأنه فرصة ثمينة وفرصة لإحياء هذا الفن الأصيل.
فن عريق وهوية أمة
يُعد فن الهورة، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 7 آلاف عام، من أقدم المقامات في تاريخ الموسيقى والأغنية الكوردية.
وقال أحد المشاركين، فرهيدون ملكي: "هذه هي المرة الأولى التي يُقام فيها مهرجان تنافسي للهورة في كرمنشاه. إن إقامة مثل هذه الفعاليات تساهم في إحياء هويتنا، فالهورة هي هوية الكورد".
ويتميز هذا الفن، الذي نشأ قبل تدوين الموسيقى الحديثة، بقدرته على التعبير عن أعمق المشاعر الإنسانية. وأوضح منصور رزابي، وهو مؤدٍ آخر، أن "الهورة تعود إلى زمن أهورامزدا. كانت الطريقة التي يعبر بها الإنسان الكردي عن حزنه وفرحه قبل وجود الآلات الموسيقية، حيث كان يفرغ ما في قلبه من خلال هذا الغناء".

تحديات الحاضر وأمل المستقبل
يأتي هذا المهرجان في وقت يرى فيه بعض الفنانين أن فن الهورة بدأ يفقد بعضاً من وهجه وانتشاره. وقال زمان محمدي، أحد المؤدين: "شعبية الهورة تراجعت مقارنة بما كانت عليه قبل بضع سنوات، ربما بسبب تأثير وسائل التواصل الحديثة. لذلك، نشكر القائمين على هذا المهرجان على جهودهم لإحياء هذا الفن".
ولم يقتصر الحضور على المخضرمين فقط، بل كان للجيل الجديد بصمة واضحة، مما بعث الأمل في استمرارية هذا التراث. وقال الطفل شهنتيا إسماعيلي، أحد أصغر المشاركين: "لقد تعلمت الهورة من والدي وعمي، وأنا متحمس لتعلم المزيد من مقاماتها في المستقبل، مثل مقامات الفنانين الكبار علي عزيز وعلي نظر وسيد قلي".
وقد حصد الفنان نجات قبادي المركز الأول في المسابقة، وعبر عن سعادته قائلاً: "أنا فخور جداً بهذا الفوز، وأتمنى ألا يتم نسيان هذا الفن العريق".
لم يكن مهرجان الهورة في كرمنشاه مجرد مسابقة فنية، بل كان احتفاءً بالذاكرة الثقافية، وجسراً يربط الماضي بالحاضر، ورسالة أمل بأن هذا التراث العريق سيستمر في الصمود والازدهار بفضل شغف الأجيال الجديدة وتفاني حراسه القدامى.
