مسرور ما بين السطور

Kurd24

إن خير ما ابتدأ به مقالي هذا عطور بحروف من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام:

"سيـــأتي عليــــكم من بعدي زمــــان ليس فيه شيء أخفى من الحــق ولا أظهر من البــــاطل ولا أكــثر من الكـــــــذب"

بعقل شهد قصة نجاح رائعة وقلم عربي ومذهب شيعي وثقافة غربية ولسان وطني اكتب وأخط حروفي للتأريخ كي أكون شاهداً وتبقى مقالتي هذه دليل قاطع على ما اطلعت عليه من مسيرة رجل كانت مليئة بالصعوبات والصراعات في اعته فترات مرت على العراق وإقليم كوردستان. جميعنا شهد فترة انهيار بعض اهم المحافظات العراقية بأيدي داعش ومنها الأنبار وصلاح الدين والموصل وبعض مدن ومناطق تابعة الى محافظة كركوك وديالى وقد مزق الإرهاب جسد الدولة وينفذ عمليات إرهابية راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء في جميع أرجاء الوطن.

في هذا التوقيت ومنذ بداية دخول داعش كمجاميع والإرهاب يعج في مناطقنا الغربية والوسط والجنوب بالمفخخات والانفجارات التي لم يشهد مثلها التأريخ وعمليات الإرهاب ضد الجميع دون استثناء بعيدا عن الدين والمذهب وعن القومية والعرق- كانت كوردستان تعم بالأمن والأمان بفضل عقل وتخطيط أمنى يعجز وصفة لشخص رئيس وزراء حكومة إقليم كوردستان الحالي جناب مسرور بارزاني. حينما كان يترأس اهم جهاز أمني ولديه من الخبرات العسكرية والأمنية التي اكتسبتها منذ أن كان مناضلاً في صفوف قوات البيشمركة حينما أنظم إليها وهو في سن السادس عشر من عمره. حيث لجئ الى كوردستان ملايين من الإخوة والأخوات مع عوائلهم من المحافظات التي اغتصبتها فلول داعش وكانت كوردستان وخصوصاً أربيل بالنسبة لهم (كعبــــــة للأمــــان) ومقرا ومستقراً وبوابة لرزقهم واستمرار لتعليم أبنائهم وذويهم.

في هذه المقال سوف نسرد للقارئ مراحل انتقال وتطور إقليم كوردستان في ظل القيادة الشبابية الجديدة وبالتأكيد بالاستشارات والخبرات من الأب فخامة مسعود بارزاني ودعم الحزب الذي كان سنداً وداعماً لكل خطوات هذه الحكومة. بوجود هدف واضح لدى القيادة في كوردستان نرى بأن الخطوات نحو البناء والإعمار والأمن والاستقرار واضحة جداً فلكل رجل عظيم هدف عظيم وللزعيم مسعود بارزاني هدف إلا وهو حماية ورعاية قضيته وقضية الكورد وقد تناقل الهدف نجله مسرور بارزاني وهنا استذكر ما قاله رالف والدو امرسون "لــــم يحقق العظـــماء والعبـــاقرة أشــــياء عظـــيمة لو لــــم يـــحركهم هــدف".

الانتقال من مرحلة اللاحوكمة إلى السيطرة والحوكمة

كوردستان كما هي بقية مدن ومحافظات ومؤسسات ووزرات العراق كان فيها ترهل وجزء من الفساد وبيروقراطية إدارية تؤثر على المواطن بطريقة او بأخرى وبصراحة كان هناك معالجات لكنها لم تصل للمستوى المطلوب. وعندما تسنم مسرور بارزاني في عام 2019 منصب رئيس وزراء حكومة الإقليم فقد كان شارعه الأول محاربة الفساد الذي كان مقتنعاً بأنه آفة يدمر الاقتصاد والبلاد وقد أشار بارزاني في لقاء نشر على موقع باس نيوز "انهم في حكومته قاموا بمنع أسباب الفساد باتخاذ إجراءات قانونية ومنهجية"، مؤكداً أن القضاء على الفساد يتم بشكل ممنهج ومن أدوات ذلك تحقيق الشفافية حيث يعد إنجاز المعاملات بشكل (أونلاين) عبر الأنترنيت جزءاً مهماً منها. بحيث لا تكون هناك فرص للفساد. وهذا ما يساهم في تسريع إجراء المعاملات للمواطنين لأنه كان يعتقد بأن سرقة الوقت وتسويفه يساهم في تقويم الفساد.

وفعلاً قد شهدنا تطورنا في جانب إجراء المعاملات على نفس نهج وسياق الدول المتقدمة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها. وفي بداية السنة الأولى أوصى كل مواطن وموظف بالأخبار عن أي جهة حكومية إنما وجدوا قضية فيها رشاوي عليهم إخطار الجهات المعنية للتحقيق وتقديمهم للعدالة. فكان ومازال يؤمن بأن محاربة الفساد هو من اهم أعمدة النجاح في حكومته. وهنا أقول بأن عمود الدولة إذا كان صالحاً فلا وجود للفساد وكما قال كونفوشيوس "إذا صــــلح القــــــائـــد فمن يجرؤ على الفســــــاد" 

من مرحلة الخلافات إلى مرحلة الحلول

القيادة الشابة في كوردستان أثبتت بأنها قادره على إدارة الملفات السياسية والاقتصادية بشكل جيد رغم وجود مطبات بين الإقليم والمركز إلا أن الطرفين لديهم محاولات لحلها وخصوصاً في ظل حكومة أصبح الحزبين الديمقراطي والاتحاد جزء منها ومشاركين في أكبر ائتلاف سياسي (ائتلاف إدارة الدولة).

بدأ رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني بخطى واضحة واثقة ببناء علاقات دبلوماسية مع الدول العربية والإقليمية والدولية. السيد بارزاني يؤمن بأن العلاقات مع جميع الدول ضرورة كي تستطيع كوردستان فتح بوابة الاستثمار العربي والدولي من أربيل وبقية محافظات الإقليم وأيضا أراد بذلك اعتماد نظرية (الاقتصاد السياسي) التي إذا ما طبقت سوف يعم الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي وسوف يشكل مورداً آخر للإقليم على عكس اعتماد الإقليم على موارد النفط والطاقة كالصناعة والزراعة والتجارة وغيرها. وان اهم إنجازاته هي مشاركة حكومة إقليم كوردستان في إعداد موازنة 2023 وهذه أول مرة يشارك فيها الإقليم بأعداد موازنة العراق. وأشار مسرور بارزاني في مقابلة صحفية خلال تواجده في مؤتمر دافوس الذي حضرة أكثر من 2500 شخصية قيادية دولية "إننا ومن خلال مشاركتنا في دافوس تمكنا من تجديد علاقاتنا مع أصدقائنا القدامى ونسج علاقات جديدة مع أشخاص جدد"، وفيما يتعلق في العلاقة بين الإقليم والمركز قال "إنه ينبغي تنظيم العلاقة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في إطار القانون".

إن من أهم المشاكل والملفات العالقة بين الإقليم والمركز هي المرتبطة بالمادة (140) وتطبيق اتفاقية سنجار وإقرار قانون النفط والغاز، وقد أكد مسرور بارزاني على حل هذه الملفات في مؤتمر دافوس قائلاً "لكي تكون هناك علاقة صحية بين أربيل وبغداد ينبغي تنظيم كل هذه القضايا في إطار القانون".

مرحلة الانتقال من حكومة مستوردة إلى مصدرة

إن السياسية الاقتصادية المتبعة حالياً في إقليم كوردستان مع دول الخليج العربي واهمها مع الإمارات والمملكة العربية السعودية وقطر ناجحة جداً حيث كان له حضور مميز وتفاهما واتفاقات واسعة مع الجانبين السياسي والاقتصادي حيث تفعلت الاتفاقيات بين أربيل وهذه الدول خلال العامين الماضيين وبدأت بتصدير محاصيل زراعية من كوردستان الى دولة الإمارات الشقيقة والمملكة العربية السعودية واعتماد السيد مسرور واضحاً للمساهمة في دعم ورفد المنتج المحلي والمزارع كي تصل منتجات إقليم كوردستان إلى جميع الدول ليس فقط العربية بل الأوربية وغيرها، وفعلاً هناك بوابات تصدير جارية حاليا الى بعض الدول الأوروبية لمحاصيل (خضروات وفواكه).

وتأكيداً على ذلك حاليا تستمر عمليات تصدير فاكهة (الرمان) الى دول الخليج وهناك رغبة من قبل هذه الدول لزيادة عدد استيرادها من الإقليم بشكل كبير جداً وتعد هذه الخطوة هامة جداً لدعم اليد العاملة المحلية (المزارعين-والفلاحين) وأراضيهم وتوفير مورد كبير جداً لهم واستعاده الحياة والروح لهذا العمود الزراعي ليساهم مستقبلا في تقليص الضغط على كاهل موازنة الإقليم التي كانت تعتمد على الطاقة والنفط بشكل رئيسي مع موازنة الإقليم من المركز. والان الرمان متوفر في جميع أسواق دول الإمارات والبحرين والمملكة السعودية وقطر قريبا وقد شجعت هذه الخطوة الكثير من الفلاحين والمزارعين للتركيز على الزراعة بكثافة وقد أبرمت الكثير من العقود مع الفلاحيين مباشرة بينهم وبين دول الخليج العربي. وفي هذا المحور يسعى مكتب رئيس الوزراء في الإقليم الى إنشاء مؤسسة لتسويق المنتجات الزراعية لتساهم في تصدير المحاصيل الزراعية بطريقة منتظمة وحسب سياقات تسهل للمزارع والفلاح والحكومة كل الصعوبات. من الفواكه الأخرى التي فعلاً بدأت بتصدير (الرمان والعنب والتفاح والعسل) المتوفرة حاليا في أسواق دول الاتحاد الأوروبي. وهنا ساهمت حكومة بارزاني بتعدد إيرادات الإقليم. وبما يتعلق بالنفط والغاز والطاقة أصبح الإقليم الآن جزء هام جداً في معادلة الطاقة الدولية وقد أشار رئيس حكومة الإقليم في مؤتمر دافوس الى أهمية الاتفاق الأخير الذي ابرم بين أربيل وبغداد قائلاً "نحن الآن نشكل جزءاً من صادرات الطاقة والنفط الى العالم ونود أن يمهد الاتفاق بيننا وبين بغداد الطريق لمزيد م الاستثمار في قطاع الطاقة ولزيادة الإنتاج المحلي وللعب دور اكبر في الحد من الأزمة العالمية".

مرحلة الانتقال من الجفاف وشحة المياه إلى بناء السدود

إن من أولويات رئيس حكومة الإقليم التركيز على المياه الجوفية وبناء السدود كي يستمر في الاحتفاظ بما هو متوفر من مياه جوفية وتقنين استخدامه وبذلك يستفاد المزارع والفلاح والمواطن من توفر المصدر الأساس في الحياة " المياه" وعملت ومازالت تعمل الحكومة في الإقليم على جلب أموال من بعض الدول ومن قبل القطاع الخاص لبناء السدود المتفق عليها. إن هكذا تخطيط وإدارة لملفات إقليم كوردستان تشير لنا جميعاً بأن القيادة في إقليم كوردستان ساعية الى مستقبل مشرق ليس فقط سياسياً بل اقتصادياً ومجتمعياً حيث أن توفير موارد بديلة للمواطن تساهم في تمكينه من المعيشة الصعبة والانتقال من مرحلة طبقية الى أخرى حيث أن السيد مسرور يرى بأن المواطن له أهمية أساسية وهو مصدر قوة واستمرار واستقرار الإقليم فدعمه بشتى الجوانب الزراعية والثقافية والعلمية والصحية ضرورة ماسة وحكومته ساعية للاستمرار بهذه الخطوات والمشاريع لتحقيق برنامجها بالكامل.

ما شهدته خلال السنوات التي عشتها في عاصمة إقليم كوردستان ترسخ في ذاكرتي ولأنني عشت اغلب حياتي في الولايات المتحدة الأمريكية واطلعت على المنظومة المؤسساتية وإدارة الدولة بطرق مختلفة جداً عن المعمول به في اغلب الدول النامية وبعض العربية وحتى في العراق ويؤسفني أن أقول ذلك في المناطق الجنوبية والوسطى من انتشار للفساد والبطالة والتضخم الاقتصادي وتردي الجانب الخدمي والعلمي والصحي والأمني مما جعلنا كمواطنين نصبوا نحو جزء جميل امن مستقر إلا وهو إقليم كوردستان حيث تحولت اغلب رؤوس الأموال والتجارة والشركات الى أربيل وبقية المحافظات في الإقليم. ما نتمناه أن نرى العراق بكل مناطقة بنفس البناء والإعمار والتطور والزراعة والصناعة والأمن والاستقرار والتنظيم والإدارة في حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني الذي يمتلك من الخبرات المتراكمة والنزاهة ما لا يختلف عليه الصديق والعدو لذا ندعو جميع الأحزاب العراقية أن يدعموه من اجل النجاح في مشواره وان يكون الفاعل الأول لأنهاء الملفات العالقة بين أربيل وبغداد، إذ قال السوداني في مؤتمره الصحفي الأسبوعي "إن الاتفاق السياسي الممهد لتشكيل الحكومة نص على معالجة النقاط الخلافية وهنالك رغبة حقيقة لحل المشاكل العالقة مع إقليم كوردستان".

وهنا أود أن أقول إن العراق جميل بكله ليس بجزئه العراق قوي بقوة شعبه بدون تقسيم وبدون طائفية وبدون عنصرية العراق باقِ ببقاء المكونات والقوميات. وما رسمته البصرة من نجاح هو نجاح للبصرة وأربيل للعراق اجمع فعلينا التركيز على الإيجابيات وترك السلبيات علينا التركيز على الحلول وترك الخلافات علينا إيجاد البدائل عن النفط في الصناعة والزراعة في جميع أرجاء العراق وعلينا التعامل مع العراق كعراق بجميع قومياته وأديانه واختلاف لغاته.

ختاماً وبما أن المقال ركز على اهم إنجازات ونجاح حكومتكم الحالية أتمنى شخصياً أن أرى اهتمامكم الأبوي والأخوي جناب رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني بالمكون العربي داخل الإقليم وفتح مكتب خاص لهم للاطلاع على احتياجاتهم ومشاكلهم وتسهيل سير معاملاتهم في الإقليم سيما يكون المكتب تابعاً مباشرة الى جنابكم ومن يكون على هذه المسؤولية من المكون العربي، وأن يكون في العاصمة الحبيبة بغداد بعض من الشخصيات العربية التابعة للديمقراطي الكوردستاني وحكومتك الناجحة لنقل صورة عراقية مرسومة بقلمكم وحكمتكم للمكون العربي وأبناء الجنوب وتقول لهم نحن معكم كورداً وعرباً قلباً وعقلاً حاضراً ومستقبلاً فوجود شخصيات عربية في البارتي وحكومتكم بمواقع رسمية في بغداد يسهل الكثير من الصعوبات ويبني جسوراً مجتمعيه وسياسية واقتصادية وثقافية وغيرها.

وأخيراً لابد أن استذكر ما قاله الراحل عنا والباقي في العقول والقلوب الشيخ زايد عن الوطن "لقد أسهم الآباء في بناء هذا الوطن وواجبنا أن نبني للأجيال القادمة وان نواصل مسيرة الأسلاف".

وهذه المسيرة مستمرة من جيل الى آخر في إقليم كوردستان من الآب الراحل ملا مصطفى البارزاني إلى الحاضر في قلوبنا فخامة مسعود بارزاني ومن ثم رئيس حكومة الإقليم السابق ورئيس إقليم كوردستان الحالي السيد نيجيرفان بارزاني والآن بيدكم الكريمة آملين أن نرى الكثير من البناء والتطور والأعمار والأمن والعيش الرغيد للمواطنين.