الهوية الوطنية على حساب الهوية الكردية

Kurd24

يعود الحاضر ليقلد التاريخ بثوب الشفافية والديمقراطية والدبلوماسية، ومن يعيدهُ بذات الصيغة ربما يتناسى ضمنياً انها جريمة في حق الانسانية، حين يتم انكار حق شعب تعداده الملايين وطمس هويته ودفن حقوقه بثغرات قانونية فتلك جريمة كبرى، وهذا ما يجري في الحاضر في حق الشعب الكردي في سوريا وباقي الاجزاء الاخرى من كردستان .

لا يمكن أنكار ان الهوية الوطنية وفق المساواة بين مكونات الشعب هي بداية طريق السلام، وهي مسار بناء المستقبل المشرق، لكن ان يتم استغلالها لطمس هويات اخرى فتلك بداية انهيار المجتمعات والدول وكل القيم والمبادئ الانسانية.

وهذا ما تثبته الوقائع والاحداث التي تجري على ساحة الشرق الاوسط والتي لم تتطرق عمليا وفعلياً على الارض لحقوق الشعب الكردي والاعتراف بوجودهم وحمايتهم وتامين ابسط حقوقهم المشروعة وهو العيش في امان واستقرار على ارضهم.

غالبية الاتفاقيات السرية والمعلنة تدفع بالكرد للخضوع الى الموافقة على الهوية الوطنية على حساب تاريخهم وتضحياتهم ودمائهم، تلك التضحيات التي كانت في الاساس لبناء وطن متكامل متجانس يضمن العيش المشترك والاعتراف بحقوق الكرد دستوريا وتطبيق بنوده دون القفز على القانون والالتفاف بالثغرات.

لا بد من التطرق الى المنافسة السياسية الكردية والتي كانت عاملاً سلبياً ايضاً تجاه القضية الكردية، المنافسة على لعب دور البطولة والانتصار الوهمي في ذات الحفرة، لا يمكن ان ينتصر طرف سياسي على طرف سياسي اخر دون الخروج من دائرة المنافسة والتقدم نحو الامام لتحقيق جزء بسيط من الهدف المتفق عليه الجميع.

الانتصار الحقيقي هو تحقيق طموحات وحقوق الشعب الكردي وليس الانتصار الحزبي او الشخصي،  لقد كانت وما زالت الاطر السياسية الكردية تتنافس فيما بينها وتسجل اهداف في شباك بعضهم البعض، تاركين الملعب الاساسي وهو ملعب الشعب والذي من المفترض ان يكونوا متواجدين فيه بفريق واحد  متماسك وصامد نحو الشعور القومي والعمل لبناء البيت الكردي ومن ثم السير نحو بناء وطن معافى من الحقد والكراهية والعنصرية.

وتجربة اقليم كردستان العراق رغم وجود بعض السلبيات التي يتخللها احداث ومصالح اقليمية، الا انها تجربة غنية، قام الكرد ببناء بيتهم رغم كل الكوارث والحروب والقمع والاضطهاد الذي جرى في حقهم، ومن ثم انطلقوا لبناء عراق جديد يكون دولة دستور ومؤسسات وشرعية دولية.

ورغم ان الاحداث هناك بين الحين والاخر تثبت ان التاريخ يحاول ان يعيد نفسه ليطمس الهوية الكردية ويزيلها ضمن مفهوم الهوية الوطنية، الا ان اصحاب القرار العالمي يدركون جيدا ان بناء دولة العراق لا يمكن بدون وجود الهوية الكردية، وحدهم الكرد قادرين على التضحية في سبيل السلام وسد الثغرات لضمان العيش المشترك وبناء مجتمعات سليمة ومداواة جروح الماضي، وهو ما يجب ان تدركه القوى الفاعلة في سوريا وعدم تمرير اية صفقات على حساب هذا الشعب.

ما زالت الرموز الوطنية الكردية والمستقلين فاعلين في بناء بيتهم الكردي في سوريا يدا بيد، واية صفقات على حساب شعبهم لن يقبلوا بها، نعم قد لا يملكون ترسانات الاسلحة والاقتصاد المتين والدعم، لكن يكفي انهم رافعين يد الكردايتي وهي يد الكرامة ويد بناء المستقبل.