مصيرالموازنة الاتحادية بين هموم الكبار واللامبالاة الصغار ..

Kurd24

بعد سقوط النظام في العراق من نيسان عام 2003  ولحد الان، اصبح التوافق امرا ملحا بل بات من الضرورات الاساسية والحل الامثل في نجاح العملية السياسية في العراق، فالتوافق وحده استطاع ان ينهي الخلافات القائمة بين الاقطاب الرئيسة في البلاد ( الشيعة والكورد والسنة)  - في الكثير من المواضيع الشائكة والعويصة - وبدفع عجلة العملية السياسية قدما ولو لحين من الدهر في بلد لم تشهد الاستقرار منذ اكثر من عشرين عاما .

ما طرأت من تغييرات على مشروع قانون الموازنة العامة والتي قام بها بعض أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي یوم 25-5-2023 ضد مستحقات إقليم كوردستان، هي في جوهرها تغييرات غير دستورية  وغير مقبولة وتتنافى ايضا وبوضوح مع الاتفاق الموقّع بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وكذلك تشكّل مخالفة لمبادئ اتفاق حكومة إدارة الدولة وتتناقض مع جوهر المنهاج الوزاري الذي صوّت عليه مجلس النواب، وبالتالي ان هذه الخطوة ظلم سافر وانتهاك واضح لحقوق شعب كوردستان، وان الاقليم غير ملتزم  بأي قرار آخر خارج نطاق الاتفاق الذي وُقّع مع حكومة السيد محمد شياع السوداني، كما جاء ذلك في بيان حكومة الاقليم اليوم 26-5-2023

يبدو ان التغييرات التي طرات على مشروع قانون الموازنة الاتحادية مست بالاخص المادتين 13 و14 والتي تمس الحقوق والمستحقات المالية المشروعة لإقليم كوردستان والتي تم الاتفاق عليها من قبل مجلس الوزراء العراقي وحكومة الإقليم في إطار اتفاق 4 نيسان الماضي والتي تم إدراجها في مسودة قانون الموازنة العامة الاتحادية، الامر الذي ليس ترفضه حكومة الاقليم فحسب بل هو مرفوض من قبل جميع شعب كوردستان.

رئيس حكومة اقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني الذي دعى إلى الإسراع والمضي قدما في إقرارالموازنة العامة الاتحادية، الا ان سيادته اكد في الوقت نفسه بوجوب احترام حقوق واستحقاقات اقليم كوردستان الدستورية وعدم إجراء أي تغييرأو تعديل في المشروع خارج فقرات الاتفاق والتفاهمات المشتركة بين الجانبين، وجدد سيادته التأكيد على أن كوردستان نفذ جميع التزاماته، لذلك يتوجب على الحكومة الاتحادية أن تنفذ ما عليها وتؤمن حقوق ومستحقات إقليم كوردستان على غرار المناطق الأخرى في العراق.

وفق هذا المنظور يتضح جليا ان هناك تفاهمات وتقاربات مسبقة في الرؤى بخصوص مشروع الموازنة الاتحادية بين الاقليم وبغداد، والتي سماها البعض بانها اتفاقات الكبار، اذ من المعيب ان تنهار امام مزايدات العبث والبطولات الصبيانية الزائفة، فالموازنة ثوابت وطنية لضمان وحدة البلاد والاستقرارالسياسي وحقوق المواطن في كافة العراق دون تمييز.

لقد ابدى اقليم كوردستان استعداده في تطبيق جميع الالتزامات التي تقع على عاتقه على ضوء قانون الإدارة المالية الاتحادية ، لكن ما يحدث الان  في اروقة مجلس النواب في الابداء والاقدام بتغييرات على مشروع قانون الموازنة العامة الذي اتفق عليه جميع الاطراف سلفا، ما هي الا بادرة من نوايا سيئة تحاول خلق شرخ في العلاقات الجيدة بين حكومة الاقليم وحكومة السيد محمد شياع السوداني التي مدعومة وبصورة قوية ومتينة من قبل الكورد وقادته.

 يجب على قادة ادارة الدولة التي اسست الحكومة العراقية الفيدرالية التوخي الى الحيطة والحذر جيدا من هذه الخطوة الخطيرة التي تحاول البعض الاقدام عليها، فهي بالاساس تمسهم اولا قبل غيرهم، فعليهم كسب ودّ الكورد اكثر فاكثر وليس العكس، وذلك لتقوية اركان الحكومة التي قاموا بتأسيسها، فقد اثبتت جميع التجارب الماضية ان العملية السياسية في العراق – وعلى مر العشرين السنة المنصرمة - لا يمكن لها النجاح من غيردعم ومساندة الكورد لها.