مقاومة حرارة الجو بزيادة المساحات الخضراء والماء البارد
كان فصل الصيف فصل للتمتع بالطبيعة والتنزه وارتياد الشواطئ ولقاء الاصدقاء والاقارب، وانجاز الكثير من الاعمال التي تتطلب تحركات في المصالح الحكومية كانت مؤجلة من الشتاء ، وذلك استفادة من طول فترات النهار .
أما اليوم فقد تحولت فصول الصيف الى جهنم لارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق في كافة ارجاء المعمورة، وجعل معظم الناس حبيسة بيوتها خشية التعرض للجفاف والانهاك الحراري .
الزيادة المضطردة في درجات الحرارة أصابت الكثيرين بالجفاف الذي يؤدي الى زيادة سُمك الدم ، وايضا يؤدي الى خفض ضغط الدم ، مما يتسبب في حدوث جلطات دموية وسكتات دماغية.
وتسببت زيادة السخونة في تفاقم الأعراض المرضية لمن يعانون الامراض المزمنة في القلب والتنفس فتعرضهم للموت ، فضلا عن الإصابة بالإنهاك الحراري وضربات الشمس .
والحرارة الزائدة في طبقات الجو ايضا اثرت بشكل كبير على الكثير من المحاصيل فلم تكمل فترات نموها مما أدى لتحقيق خسائر فادحة للمزارعين وزيادة أسعار بعض السلع الغذائية.
وتهديد الأمن الغذائي، وتفاقم ارتفاع درجات الحرارة ناتج عن الاحتباس الحراري والاختلال المناخي الذي يعاني منه الكوكب الارض منذ سنوات، ومتوقع ان تزيد معدلاته واثاره سنة بعد اخرى حسب ما يؤكد خبراء المناخ .
فالاختلال المناخي المتطرف مابين ارتفاعات في درجات حرارة شديدة وجفاف أخذ في الازدياد كما تؤكد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يلقي الضوء على الحاجة الملحة إلى العمل المناخي، التي ترجح زيادة متوسط درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية سنويا .
وتترتب على هذا الاختلال ضرب مناطق في العالم مثل بعض الولايات في امريكا الشمالية بالعواصف الثلجية في الشتاء، وفى الصيف ترتفع درجات حرارتها مع تعرضها للسيول .
وحتى في بلادنا العربية وجدنا الاعاصير تضرب الامارات وسلطنة عمان والسيول تضرب السعودية ، بينما أثرت درجات الحرارة العالية على طاقات النباتات وتستنزف الكثير من عناصرها الغذائية حسبما يؤكد خبراء الزراعة . و ارتفاع درجات الحرارة الغير مسبوق في مناطق بلاد الشام المعروفه في اعتدال و جمال مناخها .
ولا يمكن مقاومة مخاطر الارتفاع المجنون في درجات الحرارة وتجاوز مخاطره بمجهودات عالمية او قطرية حكومية فقط ، بل ان هذه القضية الخطيرة تتطلب جهود الافراد والمجتمعات معا في مقاومة حماية للأرواح البشرية وسلامة الأرض التى نحيا في كنفها .
وهذا برأيي يحتاج إلى تغير ثقافتنا المعيشية وطرق اكلنا وشربنا وملابسنا ووسائل انتقالنا، حيث يجب التقليل من استخدام سيارتنا الخاصة والاعتماد على مواصلات النقل العامة لتقليل الانبعاثات الضارة للبنزين، والتوسع في استخدام السيارات الكهربائية باعتبارها الانظف للبيئة، كماالتوسع في الانتقال عبر الدراجات إذا استطعتم، قوموا باستبدال مزود الطاقة إلى مزود خال من الكربون أو يعمل بالطاقة المتجددة.
والبشرية كلها بحاجة للتوسع في استخدام الطاقة النظيفة مثل الألواح الشمسية وتركيبها على أسطح المنازل واستخدام عازلا للسقف بحيث يكون المنزل أكثر دفئا في الشتاء، وأكثر برودة في الصيف.
والحاجة اليوم صارت ماسة للاعتماد على الوجبات النباتية خاصة في فصل الصيف لترطيب الجسم وحمايته من ارتفاع درجة حرارته، مع الاعتماد على المنتجات المحلية والموسمية ودون المستوردة، وفي ذلك تقليل انبعاثات الوقود الأحفوري المرتبطة بالنقل وتخزين سلسلة التبريد.
اللون الأخضر له مفعول السحر في علاج درجة الحرارة، المجتمع البشري كله مطالب بزيادة المساحات الخضراء في الشوارع والميادين واسطح المنازل، وعلى الحكومات التوسع في زراعة أشجار الظل.
ويمكن لكل صاحب منزل ان يقوم بزراعة الفاكهة والخضروات والأعشاب في الحديقة أو في شرفة المنزل .
وعلى الحكومات ان تفرض على المواطنين إجبارا وليس اختيارا بزراعة شجرة واحده على اقل تقدير امام بيته سواء كان منزل خاص او عمارة و من يتأخر بالتنفيذ عليه دفع مبلغ مالي عقوبة له ، فالمشكلة جماعية و العمل يجب ان يكون جماعي و هناك نوع من الاشجار معروف عنه بانه يقلل من ارتفاع درجات الحراره اسمه شجرة (الزنزلخت او الشمسية ).
هذه الشجرة لها خصائص نادرة فهي تنتج (700) كيلو غرام أوكسجين. و تمتص 20 الف كيلو غرام ثاني أوكسيد الكاربون ، وتمتص (80 ) كجم ترسبات ضارة رصاص- زئبق. و تخفض درجة الحرارة (4) درجات مئوية .
او شجرة السبحبح التي تبرد الجو او شجرة الالبيزيا او القيقب او التوت او شجرة التيكوما، الاكاسيا و الخروب فهم يقاومون الجفاف
المهم انك تزرع.
والضرورة المناخية تفرض علينا تغيير ثقافتنا في الملبس بالتوسع في ارتداء الملابس القطنية والتخلي عن الملابس المعتمدة على الألياف الصناعية .
ومع استمرار موسم الصيف القائظ، فان تناول المشروبات الباردة يعد عنصرا فاعلا في خفض درجة حرارة الجسم، وهو ما اوصي به نبينا المصطفى فيقوله ﷺ: " أطيب الشراب؛ الحلو البارد” وذلك لأنه أطفأ للحرارة وأبعث على الشكر وأنفع للبدن ".
وقد فسر العلماء ”الحلو البارد” بأنه الماء البارد، وقيل: الماء البارد الممزوج بالعسل أو المنقوع فيه تمر أو زبيب والاغتسال وصب الماء البارد على الرأس سنة محمدية للتخلص من حرارة الجو.
حيث كان النبي ﷺ ، يصب الماء على رأسه في شدة الحر والعطش و بالإستظلال تحت الأشجار .
كما يجب تناول الأطعمة التي تقلل من درجة حرارة الجسم، كالبطيخ والشمام والفراولة والخضروات الغنية بالماء، مثل الخيار والخس والكوسا، وتناول الزبادي البارد، أو المشروبات الباردة، مثل عصير الليمون مع النعناع، وماء جوز الهند، والحليب البارد.
واتمنى من الجميع البدء في زراعة الاشجار من الان حتى يكون صيفنا القادم أفضل.