مهرجان دهوك السينمائي الدولي.. السينما كسلاح تنويري

كبقية المهرجانات والنشاطات الثقافية في الشرق الأوسط، كان مهرجان دهوك السينمائي الدولي، مهددا طيلة دوراته الستة بالتوقف والاختفاء تحت ركام الصراعات السياسية ودخان الحروب. لكنه استمر، حتى عندما كانت عاصمة الدولة الإسلامية (داعش) على بعد أقل من ستين كيلو مترعن المدينة.

كبقية المهرجانات والنشاطات الثقافية في الشرق الأوسط، كان مهرجان دهوك السينمائي الدولي، مهددا طيلة دوراته الستة بالتوقف والاختفاء تحت ركام الصراعات السياسية ودخان الحروب. لكنه استمر، حتى عندما كانت عاصمة الدولة الإسلامية (داعش) على بعد أقل من ستين كيلو مترعن المدينة.

 في ذلك الوقت، كان السينمائيون الكورد، والضيوف من أوربا وأمريكا والشرق الأوسط، يستمتعون بتقديم نتاجهم السينمائي، وقضاء سهراتهم، كأنهم على تحد شخصي مع الخليفة المزعوم وعناصره الإرهابيين. الخليفة الذي يأمر رجاله بقطع الرؤوس، بينما هم يضيئون العقول بفنهم السابع. استمر المهرجان بفضل اصرار السينمائيين الكورد على العمل، وتطوع شابات وشبان مدينة دهوك لدعم المهرجان الذي أصبح أحد الأوجه الحضارية لمدينتهم، ودعم محافظة دهوك وحكومة إقليم كوردستان العراق.

بدأت فعاليات الدورة السادسة من مهرجان دهوك السينمائي الدولي في العشرين من تشرين الأول الجاري لتستمر حتى السابع والعشرين منه، حافلاً بالعديد من الفعاليات والتظاهرات، ومائة وخمسة أفلام سينمائية، وجوائز تحمل اسم يلماز غوناي، أيقونة السينما الكوردية.

لا شك في أن هذا المهرجان، أصبح أحد أهم العوامل التي تدفع الجيل الجديد للتوجه إلى السينما كصناع ومتلقين. الدليل على ذلك الحضور المكثف في كافة فعاليات المهرجان، وتشجع السينمائيين للعمل أكثر لتقديم نتاجات لفتت النظر، وحصدت العديد من الجوائز العالمية، سواء على مستوى الأفلام القصيرة، الطويلة، أو الوثائقية.

كما أصبح المهرجان طقساً لأهل المدينة، يرتادون أفلامه ويصفقون بشغف لكل مشهد يرون فيه نجومهم الكورد المفضلين: حسين حسن، عادل عبد الرحمن، بنكين علي... وغيرهم.

وكمثال على الإقبال الجماهيري المكثف، خلال هذه الدورة من المهرجان. الفيلم الوثائقي (مفكك الألغام) للمخرجين: هوكر هيروري، وشينوار كمال، حيث أن الجمهور قد حجز بطاقاته قبل ثلاثة أيام من العرض. ومع أن الفيلم قد عرض مرتين في المهرجان، لم يكن هنالك مكان واحد شاغر على الدرج أو وقوفاً في كلا العرضين، وبقي المئات خارج الصالة الحبلى بالجمهور، دون أن يحظوا بفرصة حضور هذا الفيلم الحاصل على العديد من الجوائز العالمية.

من الجدير بالذكر أيضاً في هذه الدورة من المهرجان، أن المخرج شوكت أمين كوركي، استلم منصب المدير الفني. وقد أعلن قبل بدء المهرجان إضافة جائزة مهمة إلى دورة هذه السنة، وهي جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما FIPRESCI التي ستقدمها لجنة من الاتحاد لأحد الأفلام الكوردية.      

لا يعني ما سبق أن المهرجان قد حقق كل ما هو مطلوب، إلا أنه بالإمكان اعتبار نجاحاته، عاملاً محرضاً لدعم السينما الكوردية، ورفع مستواها، ودعم إنتاجها. خاصة بعد أن حقق المهرجان ثقة خارجية وداخلية، حيث بدا ذلك جلياً من كلمة محافظ دهوك وكلمة ممثل حكومة كوردستان في حفل الافتتاح، ووعودهما بتقديم الدعم المطلوب للسينما الكوردية ولمهرجان دهوك في دوراته القادمة.

لا شك في أن وجود السجادة الحمراء، وسير النجوم عليها في المهرجان أمر مفرح. لكن المفرح أكثر، هو دعم السينما الكوردية وصناعها في الواقع، بعد المهرجان، طيلة أيام السنة!

سعيد محمود - دهوك