تحقيق استخباري جديد يكشف دوراً رئيسياً لـ"مكافحة إرهاب الاتحاد الوطني الكوردستاني" في اغتيال سليماني والمهندس

"عندما نزل الهدف من الطائرة، تظاهر أفراد مجموعة مكافحة الإرهاب، بأنهم حاملو أمتعة وكانوا حاضرين أيضاً للتعرف عليه عن قرب"
شعار مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني (يمين) والجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس (يسار) - صورة إرشيفية
شعار مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني (يمين) والجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس (يسار) - صورة إرشيفية

أربيل (كوردستان 24)- كشف تحقيق استقصائي استخباري جديد، عن دور رئيسي لمجموعة مكافحة الإرهاب (CTG)  التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني في اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

ويشير التحقيق الذي تحدث فيه 15 مسؤولاً أمريكياً من الحاليين والسابقين، إلى أن عناصر ثلاثة فرق من قوة "دلتا" قاموا بإلقاء نظرة من مواقع مخفية في مطار بغداد الدولي في كانون الثاني يناير 2020، في انتظار هدفهم المتمثل بالجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس وأبو مهدي المهندس.

وكان أفراد "دلتا" قد اختبأوا في المباني القديمة أو داخل المركبات على جانب الطريق، وكانت ليلة باردة ملبدة بالغيوم، وقد تم إغلاق الجانب الجنوبي الشرقي من المطار في غضون مهلة قصيرة لإجراء تدريب عسكري أو هكذا قيل للحكومة العراقية، وفق ما جاء في التحقيق الذي نشره "ياهو نيوز".

ووضعت فرق القناصة الثلاثة نفسها على بعد بضع مئات من الأمتار من "منطقة القتل"، وتمركزت لتتبع هدفها عند مغادرته المطار، فيما كان أحد القناصة مزوداً بكاميرا موصولة مباشرة إلى السفارة الأمريكية لدى بغداد، حسبما أفاد التحقيق الاستقصائي الاستخباري.

ويشير التحقيق إلى أن فرق "دلتا" لم تعتمد على التخمين عند الاستهداف ولا سيما في ظل جملة من العوامل البيئية وخصوصاً الرياح، بل ساعدهم في ذلك عضو في قوات مكافحة الإرهاب (CTG) التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني، على إجراء "نداء الرياح".

ويلفت التحقيق المطوّل إلى أن مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني ترتبط بصلات عميقة مع العمليات الخاصة الأمريكية.

وبعد منتصف ليل 3 كانون الثاني يناير 2020، هبطت الطائرة من دمشق أخيراً متأخرة عدة ساعات عن موعدها، فيما حلقت ثلاث طائرات أمريكية بدون طيار فوق المكان. وبينما كانت الطائرة تنطلق من المدرج باتجاه الجزء المغلق من المطار، قاد أحد عناصر مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني، الطائرة إلى التوقف على مدرج المطار متنكراً بزي الطاقم الأرضي.

وعندما نزل الهدف من الطائرة، تظاهر أفراد مجموعة مكافحة الإرهاب، بأنهم حاملو أمتعة وكانوا حاضرين أيضاً للتعرف عليه عن قرب.

كان سليماني قد وصل لتوه إلى مطار بغداد الدولي، وقد أُقل الجنرال الإيراني والوفد المرافق له في مركبتين وتوجهوا نحو "منطقة القتل"، حيث كان قناصة قوة "دلتا" في الانتظار.

وانسحبت السيارتان، إحداهما تقل سليماني، إلى الشارع لمغادرة المطار، وكانت فرق قناصة "دلتا" الثلاثة جاهزة، وتناوبت عناصر السلامة على بنادقهم الطويلة، واستقرت الأصابع برفق على الزناد، وحلقت الطائرات المسيرة الثلاث في السماء، منها اثنتان مسلحتان بصواريخ جهنم.

وفي الساعات الست التي سبقت صعود سليماني إلى الطائرة من دمشق، قام الجنرال الإيراني بتبديل الهواتف المحمولة ثلاث مرات، وفقاً لمسؤول عسكري أمريكي.

وعندما تحركت السيارتان إلى منطقة القتل، أطلق مشغلو الطائرات المسيرة النار على الموكب، وسقط صاروخان من طراز "جهنم" على سيارة سليماني، مما أدى إلى تدميرها في الشارع، ثم حاول سائق السيارة الثانية الهرب ونجح في قطع مسافة قليلة قبل أن يضغط على الفرامل بعد أن أطلق قناص من قوة "دلتا" النار على السيارة ليتم ضربها بصاروخ ثالث من طراز هيلفاير وحولها إلى أجزاء.

ومر أكثر من عام منذ اغتيال سليماني في 3 كانون الثاني يناير 2020.. الرجل الذي كان يأتي في المرتبة الثانية بعد آية الله علي خامنئي ضمن التسلسل الهرمي للحكومة الإيرانية، ولا تزال عواقب تلك الضربة تتكشف. ومع ذلك، فإن الكثير من تفاصيل اغتياله يكتنفها السرية.

وكان اغتيال سليماني أحد أهم قرارات السياسة الخارجية لإدارة ترامب، مع تبعات ستتردد لسنوات قادمة ومن المحتمل أن تشكل البيئة الإستراتيجية التي يواجهها الرئيس بايدن الآن في المنطقة.

وفي تسجيل صوتي سُرب الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إن اغتيال سليماني كان أكثر ضرراً بإيران مما لو دمرت الولايات المتحدة مدينة إيرانية بأكملها.

ووفقاً لمسؤول كبير سابق في وكالة المخابرات المركزية فقد كانت عملية الاغتيال تمثل "إعادة تشكيل دراماتيكية للشرق الأوسط منذ 50 عاماً، وقد حدث ذلك في غضون ساعات. لقد تغيّرت قواعد اللعبة".

وفي أواخر كانون الأول ديسمبر 2019، بدأ مشغلو قوة "دلتا" وأعضاء العمليات الخاصة الآخرون بالتسلل إلى بغداد في مجموعات صغيرة.

وأشار التحقيق إلى أن عملاء مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني، "لعبوا دوراً رئيسياً في عملية قتل سليماني".

وجاء في التحقيق "قد بدأوا بالفعل في التسلل إلى مطار بغداد الدولي في تلك المرحلة، متخفين بزي حاملي الأمتعة وغيرهم من الموظفين".

وقال المسؤول العسكري الأمريكي، الذي رفض تحديد العدد الدقيق، إن العملية المعقدة تتطلب "نشراً كبيراً للأفراد".

وقال القائم بأعمال وزير الدفاع السابق كريس ميللر إن "هذا التحضير الذي قامت به الوزارة كان أكثر تعقيداً " في عمليات مكافحة الإرهاب.

وعندما تمركز أفراد قوة "دلتا" وأفراد مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني في مطار بغداد، اجتمعت مجموعة صغيرة من كبار المسؤولين في واشنطن بينهم كيلوج وكواتس وغرينواي وبريان هوك، الممثل الخاص لوزارة الخارجية في إيران، في غرفة العمليات للتحضير للضربة.

كان وزير الدفاع مارك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي ووزير الخارجية مايك بومبيو يراقبون الوضع من البنتاغون.

ووفقاً لمسؤولين أمريكيين، سار عنصر من مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني، متنكّراً بزي ضابط شرطة عراقي إلى حطام سيارة سليماني والتقط صوراً. وسرعان ما حصل على عينة منه لتأكيد الحمض النووي قبل أن يبتعد ويتوارى عن الأنظار ليلاً.