تركيا.. أبناء أنطاكية أمام معضلة المغادرة أو البقاء

وقضى أكثر من 44 ألف شخص في هذه الكارثة الطبيعية التي ضربت جنوب تركيا وسوريا المجاورة
رافعات تزيل ركام الأبنية المنهارة في أنطاكية
رافعات تزيل ركام الأبنية المنهارة في أنطاكية

أربيل (كوردستان 24)- ينهي بلال جاوير جمع مقتنيات عائلته في شاحنة صغيرة استعداداً لمغادرة مدينته أنطاكية التي دمرها زلزال عنيف في السادس من شباط فبراير.

ويقول بأسى "ليس لدينا عمل ولا حياة كيف يمكننا العودة للعيش هنا؟ هذا يحطم قلوبنا".

صمد منزل بلال لكنه لا يعرف إن كان آمناً للسكن، فلجأ مع زوجته وابنيته إلى أشجار الليمون المحاذية لدارته.

ومثله، يجد ملايين الأشخاص الذين ضرب الزلزال بلداتهم من دون أن يأتي على منازلهم المعضلة ذاتها: هل يعودون إلى ديارهم أو ينتقلون للعيش في مناطق أخرى؟

وقضى أكثر من 44 ألف شخص في هذه الكارثة الطبيعية التي ضربت جنوب تركيا وسوريا المجاورة.

ويقول عامل البناء هذا متنهداً وهو يثبت مقتنياته على الشاحنة "قرار المغادرة مؤلم وصعب، لدينا ذكريات كثيرة هنا: ابنتاي ولدتا هنا وتزوجنا هنا".

سينتقل بلال جاوير للاقامة لدى عمه هادي البالغ 63 عاماً في أضنة على بعد أقل من 200 كيلومتر شمالاً التي لم يضربها الزلزال البالغ قوته 7,8 درجات.

-"لا يمكنني انقاذ أي شيء"-

في الشارع، يستعد الجيران ليحذوا حذوهم، عدنان وابنته ديلاي يضعان أكياساً كبيرة تحوي ملابس في شاحنة صغيرة.

ويقول عدنان الذي رفض الكشف عن اسمه كاملاً "لا نعرف ما الذي سيحل بمنزلنا، هل سيهدم؟"

على غرار عائلة جاوير، يرفض عدنان التكهن بمتانة أسس المبنى الذي كان يقطنه.

وتتأمل والدة ديلاي المطبخ الذي تنتشر على أرضه شظايا الزجاج وأواني المائدة المحطمة "لا يمكنني  إنقاذ أي شيء هنا".

واستفاقت العائلة على الزلزال الذي ضرب المنطقة قرابة الساعة الرابعة صباحاً وهرعت إلى الخارج بلباس النوم، وستنتقل الآن للعيش في شقة في مدينة مرسين الساحلية على بعد 270 كيلومتراً من أنطاكية.

وفي شارع قريب، غطى ركام المباني المجاورة سيارة بيضاء بالكامل. 

لكن وسط هذه الكارثة، لا يفقد البعض حسهم التجاري.

فقال سائق رافعة لنقل الحمولات الثقيلة أتى من شمال المدينة إنه رفع أسعاره إلى 82 دولاراً في الساعة مع 52 دولاراً إضافياً عن كل عامل تحميل وشاحنة، في حين تنزل رافعته من الطابق الخامس سجادة وإطارات صور وخلاطة أكل.

ويبرر الرجل الذي امتنع عن الكشف عن اسمه "زدنا الأسعار بسبب عامل الخطر".

-"سنعيد البناء"-

في المدينة القديمة، يفتش جنيد إروغلو صاحب متجر لبيع النظارات (45 عاماً) الذي لم تصب عائلته بأذى جراء الزلزال، بين ركام متجره ويحاول التخفيف من وطأة المأساة.

ويقول "مدام هاجر إذا كنت تسمعينني نظاراتك باتت جاهزة" فيما يضع جانباً مظاريف أخرجها من طبقة الغبار التي تلف المبنى العائد للحقبة العثمانية، ويؤكد "سنبقى هنا" موضحاً أن عثوره على شهادة الثانوية العليا أفرحه جداً.

خلافاً لجادات كثيرة أخرى، أزيل من الشارع حيث متجره الركام الذي كان يعيق الحركة.

ويقيم إيروغلو وعائلته في خيمة في بلدة قريبة من أنطاكية.

ويؤكد "المغادرة سهلة لكن البقاء مهم، وأنا أريد أن أمضي هنا بقية حياتي".

ويختم قائلاً "هذه المدينة دمرت 17 مرة في تاريخها وسنعيد بناءها للمرة الثامنة عشرة".