ليست رواية بل حقيقة – البارزاني والكردايتي

Kurd24

بالتأكيد الهوية القومية مرتبطة بشكل اساسي باللغة والأرض والتاريخ والحاضر وما يحتويه من حقائق لا غبار عليها ، وتاريخ الشعب الكردي مليء بالوثائق الراسخة في الارض منها بالدم ومنها بالجغرافية ومنها بمعجزات خالق الكون الذي جعل الجبال الشامخة والوديان العذبة والاراضي الخصبة منبع لجذورهم>

تلك الطبيعة البريئة التي اعطتهم براءتها وجمالها ليكونوا من الشعوب الراقية التي تمنح وتحتضن بذات الوقت كل من يلجا إليها لتمنحه الحياة، وربما كان هذا احد اهم اسباب اعداء الانسانية الذين حاولوا وما زالوا مستمرين بالقتل والاضطهاد والقمع للكرد ليقتلوا من خلالهم الحياة .

لا زلت اتذكر وانا في العاشرة من عمري حين كنت في صف الثالث الابتدائي في مدينة القامشلي , صورة معلقة داخل بيتنا للقائد التاريخي ملا مصطفى البارزاني ، لم اكن اعرفه ، كنت اعتقد انه جد ابي ، ومن الخجل آنذاك كنا نخشى ان نسال والدي، واحيانا نسال والدتنا فتهمس بصوت خفي وكأنها تخشى ان يسمعها احد وتقول هذا هو البارزاني قائد الثورة، ولكن لا تخبر احد يا بني حتى لا يسجنونا.

كانت تعلم ما تخشاه ونحن لا نعلم، عشقناه دون ان نفهم ماذا يعمل وما هي القضية الكردية، حتى كبرنا واصبحنا نجلس في مجالس كبار عائلتنا ونسمع قصص بطولاته وتضحياته وقبل كل شيء صفاته من التواضع والصدق والاخلاق، واصبحنا لا ارادياً بارزانيين في الانتماء والعاطفة والفكر، وهو ما كان يجعلنا ان نتحدى سلطة البعث اثناء دراستنا ونخرج في عيد النيروز، ونقف اجلالاً لحلبجة الشهيدة، ونتحدث بلغتنا الام في كل مكان ونتحمل قسوة البعث ونتصدى لسياسته في جردنا من هويتنا الكردية.

ولا زلت اتذكر في عام 1997 شجاراً بيننا كطلاب كرد وبين طلاب شبيبة البعث، حينها تم استدعاء عناصر من احد الافرع الامنية للنظام وتم اعتقالنا، واثناء التحقيق سألني المحقق انت من جماعة مسعود بارزاني؟ من الخوف وما كنا نسمعه عن قساوة المخابرات وطغيانهم لم استطع الكلام، فأعاد سؤال اخر من اي حزب انت؟ ايضا لم استطع التكلم، فطلب من عنصره الذي يقف خلفي ان يأخذني  ويحقق معي براحته، وقبل ان نخرج من مكتبه ما زالت تلك اللوحة التي كانت موضوعه خلف مكتبه في مخيلتي ، حيث كان مكتوب عليها :

اللهم إني اخافك، واخاف من لا يخافك.

عبارة كافية لتشرح لنا قصة جبروت نظام قمعي لا يخشى الله ويقتل الحياة .

بعد كل هذه الاعوام التي مضت وما جرى في الثورة السورية من حق وباطل، اصلاح وفساد، ضياع وتشرذم وفوضى، نحن بحاجة ماسة لمدرسة باسم البارزاني الخالد حتى يتعلم منها جيل الحاضر والمستقبل القيم الحقيقية للكردايتي والثبات على المواقف والمبادئ وترميم الاخلاق التي تتلاشى بشكل ممنهج.

لا بد ان نكون على قدر من المسؤولية وان نتحلى بالشجاعة لنعيش بكرامة، لا يمكن القبول بالذل مقابل حياة بائسة ومميتة، علينا ان نتحمل واجباتنا رغم كل الظروف القاسية التي تمر على شعبنا، لا بد من التكاتف لحماية وجودنا.

الكرد اصحاب ارض وثورات ناضلت من اجل الحرية, ارض تلونت بالدماء لتُخرج من ينابيعها مياه صافية ونقية كنقاء ابنائها، لا بد ان يتوقف القتل والدمار والحقد والكراهية، الكرد كانوا وما زالوا ينادون للعيش بسلام، لقد ضحوا بكل شيء ليكونوا مثالاً للحياة.