الرئيس بارزاني: الديمقراطية في العراق مهددة من داخل البلاد وخارجها

الرئيس بارزاني
الرئيس بارزاني

أربيل (كوردستان 24)- أكّد الرئيس مسعود بارزاني أن الديمقراطية في العراق مهددة من داخل البلاد وخارجها.

جاء ذلك، في مقابلةٍ مطوّلة مع إذاعة مونت كارلو الدولية، أشار فيها الرئيس بارزاني إلى قلقهم من الوضع في المنطقة.

وفيما يأتي نص المقابلة كاملة:

بعد عامٍ ونصف على حكومة السوداني والتي تشاركون فيها، كيف تقيمون عمل الحكومة ودوركم داخل الحكومة الاتحادية؟

عندما شاركنا في حكومة السيد السوداني كان بناءً على اتفاقٍ سياسي شُكّل بموجبه ائتلاف إدارة الدولة. ما نلاحظه أن السيد السوداني يرغب بتطبيق بنود الاتفاق المبرم بين الأطراف المشاركة، لكن بنفس الوقت نرى أن هناك عقبات حقيقية تواجهه.

نحن دعمناه وسنبقى ندعمه في سبيل أن يتمكّن من تنفيذ وتحقيق ما اتفقنا عليه، لكنه يواجه صعوبات حقيقية من جانب أطرافٍ معينة تمنعه من تنفيذ الاتفاق وتعرقل عمل الحكومة الاتحادية.

هل أنتم مرتاحون بالعمل داخل هذه الحكومة، خاصة ان الحلفاء الأساسيين لكم اعتكفوا، مثل الصدريين أيضاً أن هناك من تعرض للتهميش مثل السيد الحلبوسي، أعني هل أنتم مرتاحون أم قلقون؟

بصراحة نحن قلقون من الوضع، لأن الديمقراطية في العراق مهددة بشكلٍ حقيقي من داخل البلاد وخارجها.

العديد من التقارير الصحفية تتحدث عن مصاعب تعصف بالإقليم، خاصةً على صعيد العلاقة بين أربيل والسليمانية، رغم كل الخلافات فيما مضى، لكنكم كنتم نذهبون موحدين إلى بغداد، انتم اليوم تذهبون منقسمين، كيف يمكن تفسير حالة الانقسام التي يعيشه الإقليم؟

حالة الانقسام في الإقليم مؤسفة، لكن بصراحة هناك خلاف بين أربيل والسليمانية على المسائل الاستراتيجية، لو كان خلافنا على مسائل تكتيكية كان من السهل جداً حلّها، مع ذلك نحاول ونبذل أقصى الجهود لتجاوز المشاكل ونعمل من أجل توحيد الصف الكوردي.

عندما نقول مسائل استراتيجية، ما هي أبرز ما يقف أمام وحدة الصف الكوردي؟

ومن المسائل الاستراتيجية التي تشكل خلافاً، كمثال؛ هو أنه لا يجوز المساومة على كيان إقليم كوردستان، لا يجوز التعاون مع من يرغب بتفكيك الإقليم، لا يجوز التحالف مع من يريد إنهاء الإقليم.

بخصوص تدهور العلاقة بينكم وبين إيران، طهران تتهمكم بأنكمن وفّرتم ملجأ لأعدائها، كيف تردون على هذه الاتهامات؟

إنها اتهامات باطلة، وطهران قبل غيرها تعلم ذلك جيداً. لن نرغب يوماً بتوتر العلاقات مع إيران ولم نسمح يوماً بأن يكون الإقليم تهديداً لأمن إيران.

منذ عام 2020 و2021 ولغاية الآن، تعرضت أربيل ومحيطها لـ 143 هجوم بالطائرات المسيرة أو الصواريخ البالستية، سواء من جانب إيران أو أتباعها، ودائماً تبرر طهران هذه الجرائم بأن هناك مراكز استخبارات دولية، وتحديداً الموساد، أو مواقع المعارضة الكوردية بإيران.

أنا متأكدٌ لو أن هناك مقر للموساد بإقليم كوردستان لما تجرأت إيران على قصفه، لأنها تعجز عن الرد على الأقوياء، ولتبرير فشلها داخلياً؛ بعض الأطراف في إيران، اتهمت أربيل بإيواء المعارضة ومقرات الموساد وغيرها.

هل قامت الحكومة الاتحادية بما يجب للرد على ما حدث في أربيل؟

تحركت، لكن تحركها لم يكون بمستوى الجريمة التي ارتُكِبت.

الجدل في العراق يدور اليوم حول مسألة انسحاب قوات التحالف (القوات الأميركية)، هل هذا الأمر يقلق الكورد؟

ثمة مخاوف من تكرار سيناريو العام ٢٠١١ ، واحتلال تنظيم داعش ثلث العراق بعد فترة من انسحاب القوات الأميركية، ولولا دعم قوات التحالف التي ساهمت في دحر التنظيم، لكان الوضع مختلفاً.

كان هناك اتفاق بين الحكومة الاتحادية والتحالف، مر عليه 10 سنوات، وربما هذا الاتفاق يحتاج إلى مراجعة، وهذا من مهمة الحكومة والأجهزة المختصة وليس من اختصاص فصائل وجماعات.

هذه المسألة مصيرية متعلقة بكل العراقيين ولا يحق لطرف واحد أن يتخذ قرار بهذا الصدد.

داخلياً، هناك مصاعب اقتصادية في الإقليم، هناك تذمر شعبي وتأخير رواتب الموظفين وتوقف صادرات نفط الإقليم، كيف تنظرون إلى قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة بخصوص الرواتب وواردات الإقليم؟

مع الأسف الشديد كافة قرارات المحكمة الاتحادية ضد إقليم كوردستان، وهي محكمة غير دستورية لأنها تشكّلت في عهد بول بريمر، وتقوم الآن بدور السلطات الثلاث، القضائية والتشريعية والتنفيذية، أعتقد ان المحكمة الاتحادية تجاوزت صلاحياتها وواجباتها الأساسية، وقراراتها غير منصفة وغير عادلة.

هناك نقطة تثير قلق بعض حلفاؤكم في الغرب بخصوص الجيل الثالث من سياسيي كوردستان بعد رعيل المؤسس الأول وجيلكم الثاني الذي عرف السلاح والتفاوض معاً، هل الجيل الثالث قادر على مواجهة كل التحديات التي تعصف بإقليم كوردستان اليوم؟  

سؤال جميل، أنا أيضاً كان لدي نفس المخاوف، لكن خلال الحرب ضد داعش، عانينا لمدة شهرين تقريباً، لكن بعد ذلك، تخرّج جيل جديد أكثر خبرة وأكثر صلابة وأقوى إرادة، نعم هذا الجيل بالنهاية هو جيل متأثر بالتطور التكنولوجي، لكنه جيل مدرب ومجهّز بالسلاح والفكر والإرادة، لذلك أقولها بكل صراحة، لسنا خائفين، لدينا مئات الآلاف من الشباب الذين قد يتجاوزوا كثيراً مما وصل إليه الجيل الأول والثاني.

خمس سنوات مضت على الاستفتاء التاريخي الذي نظمتموه حول حق كوردستان في تقرير المصير، ما حصل هو فعلياً تدهور في العلاقات مع المركز، لكن هل الفيدرالية تعتبرها فكرة عملية في الدول التي تعرفها في المنطقة؟

بعد سقوط النظام سنة 2003، برلمان كوردستان هو الذي قرر تبني الفيدرالية وأن نقيم العلاقة على هذا الأساس مع بغداد، وقضيت فترات طويلة ببغداد بعد سقوط النظام، وأثناء صياغة الدستور أيضاً، عملنا بجد وإخلاص في سبيل بناء عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي.

بعد فترة لاحظنا أن هناك من لا يؤمن بالفيدرالية، كما تم التراجع عما اتفقنا عليه خلال صياغة الدستور الذي يقول في أحد بنوده: الالتزام بهذا الدستور يضمن وحدة العراق. تم خرق الدستور ولو  كانت الفيدرالية عملية وملتزمين بها، ما كنا لجأنا للاستفتاء.

لذلك أقولها مرة أخرى، الديمقراطية كلها مهددة الآن في العراق والفيدرالية مهددة، وفي ظل هذه الأنظمة الموجودة في المنطقة، يبدو أن لا الفيدرالية ولا غيرها ستُفيد.

كيف تنظر إلى مستقبل العراق؟

إما العراق يتبنى ما تم الاتفاق عليه، ويعود إلى الديمقراطية والمبادئ الأساسية (المشاركة، التوافق، التوازن)، حينها يمكن إنقاذ العراق من هذه الأزمة التي تعصف بها، أما التفرد بالسلطة والاستحواذ على كل شيء من قبل جماعة معينة أو كيان معين أو مكون معين، في الحقيقة العراق سيسير نحو الهاوية.

سيادة الرئيس أنتم القائل، صديق الكورد هو الجبل، اليوم من هم أصدقاء الكورد؟

الجبل وأيضاً أصدقاء كثيرين في العالم، سواء الدول العربية أو الغربية أو الولايات المتحدة، هناك دول كثيرة هم أصدقاء لنا.

لا زال دعم القضية الكوردية كما كان؟

يوجد تفهّم، لكن ليس بالمستوى المطلوب، أحياناً تكون هناك حدث  أو أحداث تغطي على كل القضايا، مثلاً الحرب في اوكرانيا وغزة، وبسبب هذه الأحداث أحياناً تتغير الاهتمامات وتتحول من مكان إلى آخر.