كيف تحوّلت الديمقراطية في العراق من غايةٍ إلى وسيلة؟

Kurd24

تعرف الغاية بأنها مجموعة من الأهداف المخطط لها مسبقاً والتي يسعى الفرد من أجل تحقيقها والوصول إليها وهذه الأهداف يمكن أن تكون أهداف شخصية تخص الشخص نفسه أو أهداف مؤسسية تخص شركة ما ينتمي إليها أو مؤسسة كبيرة تضع لنفسها خطط مستقبلية تهدف لتحقيقها.

ولعل الغاية في العراق الديمقراطي الفيدرالي الجديد كانت مجتمعة لذات الأهداف التي انطلقت من مؤتمر المعارضة العراقية في كل من نيويورك عام 1999 وما سبقها في مؤتمرات النمسا وأربيل وصولا إلى مؤتمر لندن عام 2002 والذي ثَبَت أسس الديمقراطية في العراق القادم الجديد، ووضع نقاطه الـ 22 كأساس لدستور سيصوت عليه فيما بعد الشعب، ليكون وثيقة شرف. تقتضي إلزاما أن تنصف الجميع .

وأقصد بالجميع هنا الشعب العراقي أولا الذي دفع ثمن حكم الدكتاتورية دماً من خلال سلطة حكم حكمته مايقارب الثلاثين عام و أقحمته في حروب لتسلم فيما بعد سلطتها إلى المجهول وهي تواجه أمريكا بشعب قتله الحصار ! وبصواريخ وأسلحة كيمياوية استنفذتها في قتل الكورد قبل ذلك في الأنفال وحلبجة عام 1988.

دعوني أنتقي خلاصة اجتماع لندن بالاستناد على النقطة الثانية من الـ 22 والتي تؤكد ومن خلال الحضور بأن مستقبل العراق والديمقراطية سيكون على النحو الآتي:

العراق دولة ديمقراطية برلمانية تعددية فدرالية (لكل العراقيين) وانطلاقاً من اعتماد مفهوم إنساني وحضاري للمواطنة في العراق قائم على أساس عدم التمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو المذهب.

يؤكد المؤتمر ضرورة وضع دستور دائم للبلاد يراعى فيه تركيبة الشعب العراقي ويفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويلتزم بمبدأ سيادة القانون ويصون حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة ويحترم مؤسسات المجتمع المدني.

إذاً، كانت الفكرة من الطرح لبناء عراق ديمقراطي جديد هي غاية وطموح وأهداف قبل أن تكون وسيلة، فيما بعد تعيد لنا الفكر (الشوفيني) بلغة الفرض والأغلبية وتجعل من المكونات الأساس أقلية، ومن الكورد انفصاليين بعد العصاة اتهاماً في زمن الدكتاتورية، من خلال لغة القوانين الشوفينية التي تتيح لها التفسير والإقرار لتستثني بقراراتها كل الأعراف التي بني على أساسها العراق الديمقراطي الجديد تذكيراً بالنقطة الثانية والتي أزعم أنها كوّنت شكلية العراق الديمقراطي على أقل تقدير من دون الدخول إلى لعبة متاهات التفسير .

عشرون عاماً وها نحن ندخل العام الجديد بعد العشرين ومازلنا نخوض غمار التجربة ذاتها.

ومن تلك التجربة، مازلنا نتساءل هل أن قبول الشراكة في العراق الديمقراطي الجديد أقحمنا في شرك التفسير؟ أم أن العقلية الحاكمة في البلاد تعيد استنساخ أعراف سلطات الأمس، لتتخذ ذات الإيديولوجيات مواقعها مع ظاهرية تغير الحكام والأحكام وشكلية السلطات؟.