استفتاء عراقي حول استقلال كردستان

Kurd24

بعد أن أبلغت حكومة إقليم كردستان رسمياً مجلس الأمن الدولي في (24 مايو/ أيار الماضي) نيّتها إجراء استفتاء شعبي على استقلال إقليم كردستان عن العراق ، خرج الخبر عن اطار حديث الساعة المشكوك في صحته وصار أمراً واقعاً تدافعت المواقع والصحف وجهات الاعلام المختلفة على تناقله واختلفت جميعها على ردود الأفعال ازاءه .

لكن الذي لن يختلف الكثير منّا حوله هو تقبّل الشارع الكردي داخل كردستان وخارجها بالكثير من ردود الأفعال المؤيدة لهذا الاجراء بل واستبقت الكثير من الجاليات والمنظمات اليوم الموعود بتحضيرات مبكرة احتفاءً به .

هناك تساؤلان مشروعان بدءا يظهران لي بعد ان اطلعتُ على الكثير من ردود أفعال الشارع في الوسط والجنوب العراقي من خلال مراقبة الوضع عبر شبكات الاعلام كافة وهو :

- لو أن العراق حذا حذو الإقليم وقام بإجراء استفتاء عام وشامل ( في مدن وسط وجنوب العراق ) على قضية استقلال إقليم كردستان فماذا ستحمل غالبية الآراء ؟

- لو انعكس الأمر على الإخوة العرب وصار لزاماً علينا في كردستان أن نجري اقتراعاً عاماً حول رأي الشارع الكردي في استفتاء لوسط وجنوب العراق حول استقلالهم عن دولة العراق الفيدرالي فماذا ستكون ردود الأفعال الكردية ؟

من دون أدنى شك لن يقف شعب كردستان أمام طموحات الشعوب الأخرى في الاستقلال والتحرر من تبعية لم تحصل منها كل أطياف العراق سوى على الدمار والتشتت في بلدان العالم الأخرى .

وبحسب الاطّلاع على مستوى ونوعية ردود الأفعال العربية وغيرها في العراق ، لوحظ أن اغلبها يؤيد اجراء استفتاء الإقليم ومن بعده الاستقلال الكردي .

 بل وتعدّت الآراء أيضا الى ابعد من ذلك حيث دعت كتابات الكثير من الشخصيات الإعلامية والسياسية والفنية الى مباركة هذا التحرك الكردي ووجوب الاعتراف بحق الكرد في تقرير مصيرهم اسوة بالعرب واسوة ببقية شعوب الأرض الأخرى ، وايضاً كانت هناك دعوات لنبذ الرأي الطائفي والتزمت القومي والنظرة الشوفينية للآخر الذي يعيش معنا على جغرافية ارض مجاورة .

وطبعاً لم تخلُ ساحة الآراء عن أصوات كثيرة حملت اراءً مغايرة تماماً لكنها كانت أقل تأثيراً على اتجاه الخط العام . لكن مما يرثى له أن الأصوات المناهضة كانت تعلن عن نوايا سوداء حاقدة ضيقة الفكر لا تقلّ بفعلها لو سنحت لهم الفرصة عن أفعال داعش منذ قريب ، أو انها كانت ترمي استقلال الكرد بألف حجر لا عودة من بعده !

ورغم ما يتعرض له الإقليم من تخرصات إعلامية من بعض الأطراف العراقية التي تجد في مشروع وحدة أراضي العراق وعدم تجزئتها بقرة حلوب تدر عليهم بالنعيم المادي والاحتكار الفردي لموارد البلاد (النفطية، والسياحية بشطريها الدينية والتجارية) ذريعة للاحتفاظ بالمكاسب الشخصية والحزبية الدّون ، مهملين بذلك الشعب العراقي الذي لم يحظَ بفرص عيش طيب منذ العقود الأربعة الأخيرة للقرن الماضي، فإن نشاط الإقليم السياسي حول الاستفتاء قد تخطى الحدود الإقليمية الى الدولية والعالمية أيضاً .

ولِمَن ينادي عبر أبواق العزف الطائفي والقومي ضد حق الكرد في تقرير مصيرهم وعلى نغمة إن (استفتاء الإقليم يتعارض مع ما ورد في دستور العراق) نقول لهم إن في دستور العراق مواد تنص على:

-  يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة (النقطة ب من المادة 9 أولاً / من دستور العراق).

-  لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.

-  لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور. (النقطتان ب و ج) من المادة الثانية أولاً/ دستور العراق .

بماذا تردون على هذا والعراق فيه كل ما يناقض الكثير مما ورد في نصوصه القانونية وتتمسكون بما لا يتعارض ومواده الأساسية التي لها علاقة مباشرة بقوانين الحقوق والحريات كافة ؟ ولو أردنا الخوض في هذا الغمار لأخرجنا من دستور العراق العشرات من القوانين والنصوص التي لم يتم التقيد والالتزام بها في مؤسسات الدولة ، وأيضاً من التي لم تخدم سوى الطبقة العليا من أفراد الحكومة العراقية ( رئاسة وبرلمان ) وتحمي حقوقهم بالدرجة الأولى ، ولوجدنا عشرات الثغرات القانونية حول أداء السلطة ( من الموازنة والحقوق والامتيازات والصلاحيات وخطط التنمية والرقابة واستقلالية المفوضية والنزاهة ) التي لم تخدم شعبها بالقدر الذي حمت به مصالحها الشخصية والحزبية.

ومما يدعو للدهشة أيضاً هو ما ورد في الباب الخامس من سلطات الأقاليم / الفصل الاول/ الأقاليم

المادة (116):

يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمةٍ واقاليم ومحافظاتٍ لا مركزيةٍ واداراتٍ محلية.

المادة (117):

اولاً:ـ  يقر هذا الدستور، عند نفاذه، اقليم كردستان وسلطاته القائمة، اقليماً اتحادياً.

ثانياً:ـ يقر هذا الدستور، الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لاحكامه.

وفي نص المادة ( 121) النقطة ثالثاً:ـ

تخصص للاقاليم والمحافظات حصةٌ عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.

فأين هي الأقاليم (ما عدا إقليم كردستان) التي نص عليها الدستور العراقي وحرّمتها الحكومة العراقية؟

وأين هي حصة الإقليم العادلة من الموازنة منذ سنوات؟

غير هذه النصوص والمواد التي يبلغ عددها في دستور العراق ( 142 مادة دستورية ) يوجد الكثير مما يدعو للتساؤل ويعزز التمسك الكردي بحق تقرير المصير ، بل ويدعو أيضاً الشعب العراقي لتقرير مصيره الفعلي عبر استفتاء شعبي مماثل لما سيحصل في إقليم كردستان العراق من أجل نيل حقوقه المشروعة في حياة كريمة على أرض فيها من الخيرات والموارد ما يكفل العيش برفاهية لأبناء قارة كاملة.

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.