"خذ كتاباً وضع آخر".. في أشهر متنزه بإقليم كوردستان

دشنت فتاة ثلاثينية أولى المكتبات المجانية في إقليم كوردستان لتنقل بذلك فكرة ثقافية غزت الكثير من دول العالم تحت عنوان "خذ كتاباً وضع آخر".

أربيل (كوردستان 24)- دشنت فتاة ثلاثينية أولى المكتبات المجانية في إقليم كوردستان لتنقل بذلك فكرة ثقافية غزت الكثير من دول العالم تحت عنوان "خذ كتاباً وضع آخر".

وبهار كريم أو غول بهار، كما تحلو لأسرتها أن تسميها، وتعني بالعربية "وردة الربيع"، هي فتاة تعمل في المجال الإنساني لكنها انفردت بفكرة المكتبة المجانية في إقليم كوردستان.

 وعلى الرغم من أن فكرة إنشاء مكتبة تحت عنوان "خذ كتاباً وضع آخرَ" ليست بالجديدة في العالم إذ تنتشر في الكثير من الدول ومنها الولايات المتحدة وكولومبيا وأستراليا ومصر وغيرها، ولكنها حتماً تعد الأولى في إقليم كوردستان، كما تقول بهار.

وارتأت الفتاة الثلاثينية إطلاق مبادرة كهذه لإضفاء الأجواء الإيجابية وترسيخ الثقافة ونشر المعرفة بين المجتمع على مختلف شرائحه في كوردستان.

مبادرة فردية

في منتزه سامي عبد الرحمن بأربيل، تنشغل بهار في تحضير رُزم جديدة من الكتب لتضيفها إلى علبة كُتب عليها بالإنجليزية (خذ كتاباً وضع آخر) وهي الفكرة التي تستند عليها مكتبتها المجانية التي افتُتحت في تشرين الثاني نوفمبر 2019 بمبادرة فردية من بهار.

وساهم مدير المنتزه بمساعدة بهار في توفير تلك المساحة عند مدخل المنتزه بهدف اجتذاب الروّاد وخلق واحة ثقافية صغيرة بالشكل وغنيّة المحتوى.

وتقول بهار لكوردستان 24 إن مكتبتها صغيرة لكنها تنوي توسيعها مستقبلاً لتشمل الجانب الآخر من المتنزه كما في قلعة أربيل الأثرية.

وأشارت الى أن هناك مشروعاً لافتتاح مكتبة مماثلة في مطار أربيل الدولي.

كتب مجانية بأربع لغات

عملت بهار على فكرتها منذ أكثر من عام، وتحديداً منذ تشرين الأول أكتوبر 2018 حيث تردّد في ذهنها أن الكتاب ليس متوافراً أمام الجميع، وقالت "هناك ممن يهوون القراءة لكنهم لا يملكون المال على الدوام أو على الأقل ليس أولويّة لشراء كتاب".

وبعد جهد جهيد ورحلة وقت لتحضير الأوراق الرسمية المطلوبة، ما بين محافظة أربيل والبلدية وموافقة رسمية من إدارة المنتزه، ها هي المكتبة أصبحت متاحة أمام الجميع حيث تخصّص بهار جزءاً من مدخّراتها الشهرية لشراء بعض الكتب ووضعها في تلك العلبة أوقات فراغها.

وتأمل بهار مع انتشار الفكرة وتقبّلها أكثر فأكثر، أن تلقى ترحيباً أكبر من المكتبات ودعمها بطريقة ما، خصوصاً وأن عدداً من الكتّاب بدأ يتواصل معها ويتبرّع ببعض من مؤلّفاته لمشاركتها في المكتبة المجانية، في حين أن ابدى آخرون الاستعداد لتبرعهم بكتبهم الخاصة.

وتقول بهار إنها تشعر أحياناً بالأسى وأكثر الأوقات بـ"عذاب الضمير" عندما يتّصلون بها لإبلاغها بأنه لا توجد كتب في المكتبة، ولكنّها وفي أيام عطلتها تهرع للتعويض عن النقص بكتب اخرى وبمختلف اللغات ومنها الكتب العربية والإنجليزية وحتى التركية.

تاريخ ثقافي

تميّز إقليم كوردستان بالتنوّع الثقافي ووفرة المكتبات، بدءاً من المكتبة العامة في عاصمته الثقافية السليمانية التي تأسست عام 1944 من قبل الكاتب والشاعر والفيلسوف الكوردي الكبير بيرة ميرد، مروراً بعشرات المكتبات التي تتوزّع في أربيل ودهوك.

وتأسست المكتبة العامة في أربيل عام 1943 في مبنى صغير مقابل سوق القلعة، إلى أن تحوّل المبنى إلى متحف بعد انتقال المكتبة إلى أكبر صرح ثقافي في منتزه سامي عبد الرحمن.

والى جانب المكتبات المنتشرة في أربيل، استحدثت بعض المقاهي رفوفاً لوضع الكتب لجذب القرّاء والمثقفين لارتيادها وهم يحتسون القهوة أو الشاي، أو بكل بساطة يمضون أوقاتاً ممتعة بالقراءة.

ويشكّل "مقهى الكاتب" واحداً من أبرز المعالم الثقافية في المنطقة حيث يجذب الوافدين إليه.

ومثل بهار، يقول كثيرون إن غزوة التواصل الاجتماعي استطاعت أن تفرض نفسها بقوة على عالم الكتب، غير انه من الصعب إنكار ثروة الكتب التي باتت مصدراً لا غنى عنه بالنسبة لشبكة الإنترنت.

ويقول هواة القراءة إن للورقة نكهة خاصة وإحساساً لن يمحوه لا الزمن ولا التطوّر الجارف، لأن الكتاب بكل بساطة هو خير جليس.

من نيكول يوحنا