ايران تلعب بالنار في كركوك.. أحداث 1959 الدموية قد تتكرر بين مكونات كركوك

Kurd24

الوضع في كركوك صعب وحساس للغاية، حيث أن هناك خطاب قوي ومتشدد بين المكونات الاثنية وهناك  حاليا في كركوك حالة من التشنج والتوتر وكل طرف يعطي الكثير الرمزية والقدسية حول من يملك كركوك. ولهذا السبب شبه أكثر من مراقب دولي كركوك ببرميل البارود الذي قد ينفجر وسيحرق العراق كله. وهذا ما نوه اليه تقرير الكونغرس الأمريكي المسمى بيكر-هاملتون رببورت ورئيس مجموعة الازمات الدولية التي اجرت دراسات ميدانية عن الوضع. وان التقريرين اتفقتا على نفطة واحدة محورية وهي ان الخطوات الأحادية من قبل الأطراف المعنية ستعقد الازمة وتفجرها وهذا يؤدي الى خسارة الجميع.

وان ما يجري الان في كركوك يذكرنا بالأحداث المؤسفة  التي وقعت في 1959.  في تلك السنة نشأ نوع من التوتر بين الطائفتين التركمانية والكردية حول الهوية العرقية للمدينة، وقامت بعض القوى الإقليمية والنظام القاسمي في بغداد بتمويل وتعبئة الأحزاب الكردية والتركمانية لخلق فتنة في المدينة . وجاءت احياء الذكرى الأولى لثورة 14 تموز  لتفجر الأوضاع في المدينة . علما أنه كانت الأجواء في كركوك قبل بضعة أسابيع مليئة بالكراهية والغليان حيث اشاعت بعض الأطراف شائعة بأن التركمان كانوا ينوون اغتيال البارزاني اثناء زيارته لكركوك والوضع كان في انتظار شرارة لتنفجر. جاءت الشرارة عندما أطلقت رصاصة مجهولة من كازينو للتركمان في كركوك خلال مسيرة شيوعية-كردية دعماً لحكومة قاسم وثورة 14 تموز. وتلا ذلك مجزرة قامت بها الميليشيات الشيوعية المعروفة بقوات المقاومة الشعبية (الحشد الشيوعي) بحق المكون التركماني. وخلفت ذلك تداعيات مؤلمة ومؤسفة في العلاقة بين الأكراد والتركمان، ولا تزال ذكراه تفسد أجواء كركوك وتمنع تحقيق التعايش السلمي بين النخب السياسية التركمانية والكوردية.

ونرى في هذه الأيام كركوك على عتبة انفجار اخر نتيجة أمر أصدره رئيس الوزراء العراقي، قبل فترة بإخلاء  جميع مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك وعودة البارتي الى تلك المقرات ، وذلك بهدف تطبيع الأوضاع في كركوك وعودة الحزب الديمقراطي الكردستاني للمشاركة في انتخابات مجلس محافظة كركوك أسوة بالأحزاب الكردية والعربية والتركمانية الأخرى. لكن تظاهرات أنصار الحشد الشيعي وخاصة مليشيات عصائب أهل حق الذين نصبوا الخيام وجمعوا أنصارهم (أغلبهم ليس من  اهل كركوك) على طريق كركوك وأربيل لمنع عودة البارتي الى المدنية، علما ان عودة البارتي هي عودة سياسية ليست اكثر ولن يطرأ أي تغيير على ميزان القوى في كركوك، وستبقى قيادة العمليات المشتركة والحكومة المركزية مسيطرين بشكل كامل على الوضع الأمني ​​في المدينة.

ومما يعقد الوضع ان الميلشيات الشيعية نشرت بعض الشائعات بان حكومة السوداني بضغط من الاميركان تمهد لإعادة قوات البيشمركة  الى كركوك وخلقت ذلك أجواء من الرعب في المدينة  بين المكون العربي السني والتركماني التي تشارك بعض عناصرها في التجمع المعادي للكورد والتي هي اجندة إيرانية بحتة، علما ان هذا التجمع من قبل المكونيين في منطقة كوردية مستفز للمشاعر الكوردية وان مصير المكون السني العربي والتركماني مرتبط  بالكورد وليس غيرهم.

فمن وراء الستار تقوم إيران بتحريك مليشيات عصائب الحق  التابعة لها  لإفشال قرار حكومة السوداني  بعودة حزب الديمقراطي الكوردستاني، وذلك لتحقيق الأهداف التالية:

1- معاقبة مسعود البارزاني الذي أجرى الاستفتاء ويتهم حزبه بالتحالف مع أعداء إيران مثل الأمريكان وإسرائيل والحكومة التركية، وبذلك يحقق هدفاً استراتيجياً لإيران يتمثل في ابعاد طرف سياسي  كوردي الذي يعتبره عدو رئيسي  لها في منطقة فيها حقول النفط والغاز المهمة.

2-خلق البلبلة بين بغداد وأربيل وإبقاء الوضع في العراق في حالة من عدم الاستقرار لتبقى إيران الدولة المهيمنة في العراق الممزق والفاقد للاستقرار.

3- إذا بقي حزب الديمقراطي الكردستاني خارج كركوك من الناحية السياسية ، فإن العلاقات بين السوداني ومسعود بارزاني قد تتدهور، وستنشأ التوترات، وسيظل الإقليم تحت الحصار السياسي والمالي وستخلق ذلك لاجواء سياسية التي قد لاتخدم الاستقرار قي العراق

4-إذا تمكنت إيران من منع حزب الديمقراطي من العودة إلى كركوك، فسوف يوفر ذلك فرصة لمؤيدي إيران لتحقيق مكاسب انتخابية في كركوك والاستمرار في مواصلة التغيير المذهبي في المدينة كما تمارسها في كافة المناطق السنية في العراق .

5-إذا استمرت الميليشيات في التجمع على طريق كركوك – أربيل، قد يخلق ذلك أجواء مشحونة بين الأكراد والعرب وقد يضطر الحزب الديمقراطي الكردستاني لتجميع أنصاره في مسيرات مناهضة او قد تستغل بعض الدوائر الغير الراغبة في الاستقرار في كركوك بأطلاق رصاصة  تجاة المتظاهرين وستؤدي ذلك الى ىسفك الدماء في منطقة المظاهرات ونكون بذلك قد كررنا احداث عام 1959 بين الأكراد والتركمان ولكن هذه المرة ستكون بين العرب والكورد، وهذا من شأنه أن يخلف عواقب وخيمة على استقرار حكومة محمد شياع سوداني التي تقوم على ائتلاف إدارة الدولة، والذي يشكل الحزب الديمقراطي الكردستاني جزءاً أساسياً منها.

6-اذا استمر الامر كما هو عليه الان قد يتدخل الأمريكيون في الأمر لصالح حزب الديمقراطي الكوردستاني وستعطي ذلك حجة لتدخل ايران .

7. لكن هناك حقيقة أن إيران ستحاول ان تحقق في كركوك ما حققته في سنجار بعدم تنفيذ الاتفاق الموقع بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والحكومة المركزية، فبدلا من ان تساعد الحكومة العراقية في تنفيذ تلك الاتفاقية اوعزت الى ميليشياتها الى ارسال المزيد من قوات الحشد هناك.

8. في حال عدم عودة حزب الديمقراطي الكوردستاني، سيخسر الكرد عدداً كبيراً من الأصوات التي ستذهب إلى أصوات الطوائف الأخرى وذلك لان وضع الاتحاد الوطني ضعيف جدا ومشلول نتيجة الانقسام الداخلي فيها، ويحتمل ان تنتهي الانتخابات القادمة لأول مرة لصالح العرب وعلى حساب الكورد والتركمان.

9- واخيرا هناك من يقول ان المظاهرات الحالية في كركوك هي سيناريو من خلق الديمقراطي الكوردستاني من اجل كسب الاصوات الكوردية في الانتخابات القادمة، ان كاتب هذه الاسطر لا يتفق مع ذلك لان عضائب الحق لن تكون ضمن سيناريو اذا كانت لصالح الحزب الديمقراطي الكوردستاني و لا تسمح المليشيات التابعة لايران والتي تتحكم بكل مفاصل القوى الامنية في كركوك لوقوع سيناريو مثل هذا.