فيلسوف "الأبجدية التركية" يحسم مصير كركوك بـ"دليل" عمره 131 عاماً

عن نزاع لم يتوقف وجدل مزمن، يحسم الكاتب واللغوي الألباني العثماني شمس الدين سامي فراشري مصير كركوك، سارداً وبالتفصيل هوية المدينة وعائديتها التاريخية ونسبة السكان الكورد فيها.

أربيل (كوردستان 24)- عن نزاع لم يتوقف وجدل مزمن، يحسم الكاتب واللغوي الألباني العثماني شمس الدين سامي فراشري مصير كركوك، سارداً وبالتفصيل هوية المدينة وعائديتها التاريخية ونسبة السكان الكورد فيها مقارنة بالمجموعات العرقية الأخرى.

وأتى كتاب (قاموس الأعلام) باللغة العثمانية في ستة مجلدات وصدر عام 1889 عن مطبعة مهران، ليكشف حقائق ظلت لعقود مخفية عن الكثيرين. ولا يزال الكتاب متوفراً على الإنترنت وهو متاح في "المكتبة الوقفية" الرقمية على الشبكة العنكبوتية.

كركوك

تطرق فراشري، وهو فيلسوف وكاتب مسرحي وصحفي، إلى كركوك باسمها الصريح في المجلد الخامس من كتابه وتحديداً في الصفحة 3846.

ويتناول الكاتب تاريخ المدينة في قاموسه، ويقول إن كركوك تقع إلى الجنوب الشرقي من ولاية الموصل في كوردستان ويبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة.

ويوصف فراشري كيف كانت كركوك تضم في ذلك الوقت قلعة و36 مسجداً وسبع مدارس و15 تكية وحجرة و1282 محلاً وثمانية حمامات.

تطرق فراشري، وهو فيلسوف وكاتب مسرحي وصحفي، إلى كركوك باسمها الصريح
تطرق فراشري، وهو فيلسوف وكاتب مسرحي وصحفي، إلى كركوك باسمها الصريح

واستشهد الكاتب كذلك بمعالم كركوك التي ما زالت حاضرة إلى الآن.

وبت فراشري، الذي كان شاهداً على العصر وقتئذ، في نسبة السكان الكورد في تلك المدينة التي لا يزال يصفها الكورد بأرض الأجداد.

الكورد في الدليل العثماني

جاء في قاموس الأعلام الموسوعي "يشكل الكورد ثلاثة أرباع أهالي كركوك والباقي هم ترك وعرب و760 إسرائيلياً و460 كلدانياً".  

ونظراً لثقل الكاتب فراشري لدى الدولة العثمانية، فإن ما يقوله أو يؤلفه لا يخرج عن الإطار العام للإمبراطورية السابقة ومتبنياتها السياسية.

صورة لكركوك قديماً - من الإرشيف
صورة لكركوك قديماً - من الإرشيف

وفراشري الذي ألف نحو ستين كتاباً باللغات التركية والألبانية والعربية، يعد من أوائل من طرح بشكل علني التخلي عن الأبجدية العربية في كتابة اللغتين التركية والألبانية، ووضع أبجدية لاتينية لكل من الألبانية والتركية، وقد بادر في سنة 1878 إلى اقتراح أبجدية جديدة للغة الألبانية تقوم على الحروف اللاتينية.

ولقيت الأبجدية التي وضعها فراشري انتشاراً بعد أن تبناها المثقفون الألبانيون في إسطنبول، ونشر فيها في 1879 أول كتاب لتعليم اللغة الألبانية. وإذا كان الأمر قد بدأه شمس الدين سامي في 1878-1879 بالنسبة الى الألبانية فإنه لم يتم إلا بعد نحو خمسين سنة بالنسبة إلى التركية.

ولد شمس الدين سامي عام 1850 بقرية فراشر الواقعة بجنوب ألبانيا التابعة آنذاك لولاية يانية، وانتقل إلى إسطنبول عام 1871 ثم انصرف إلى الصحافة وعمل في جريدة "الحديقة"، وقام بتأليف الكتب والقصص ومنها قصة (ثورة كاوه الحداد على الطاغية الضحاك).

ما هو قاموس الأعلام

يعد هذا العمل أضخم دائرة معارف في العهد العثماني والدليل الرسمي للدولة العثمانية، طبع في سنة 1889 أي في أواخر القرن التاسع عشر، وهو ترجمة لجميع الأعلام في الشرق والغرب الذين عاشوا في البلدان الإسلامية، سواء أكانوا رجال فكر أم حكاما أم قادة مدنيين أم عسكريين أم غير مسلمين منذ العصور القديمة حتى يوم وفاة المؤلف.

لكن مجيء مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة أسدل الستار على قاموس الأعلام ما لم يُنقل إلى التركية الحديثة، مما جعله نسياً منسياً، فكان أحد المتضررين من دعوته لتنبي الحروف اللاتينية بدلاً من الأبجدية العثمانية في كتابة اللغة التركية.