المفكر والاكاديمي عبدالحسين شعبان: الدول الاقليمية تخشى نجاح تجربة كوردستان العراق كي لايطالب مواطنوها الكورد بحقوقهم

أربيل (كوردستان24)- الثورة الكوردية في العراق وخاصة في بداية ثورة 11 أيلول 1961 كانت ثورة للدفاع عن حقوق الشعب الكوردي ومواجهة اضطهاد السلطات والانظمة المتعاقبة في العراق، وفي غضون ذلك أصر الملا مصطفى بارزاني زعيم الثورة الكوردية باستمرار، على الاخوة بين الكورد والعرب وحافظ عليها كمبدأ، وقد لفت هذا الموقف انتباه المئات من المفكرين والاكاديميين العرب والقوميات الاخرى، عبدالحسين شعبان الاكاديمي والمفكر اليساري العربي كان ضيفاً في حلقة جديدة لبرنامج "ما فوق الخلافات، له‌سه‌رووی ناكۆكییه‌كان"، والذي يقدمه الكاتب والصحفي ومدير عام مؤسسة كوردستان24 أحمد الزاويتي، ناقش فيها عدة قضايا تتعلق بالثورة الكوردية والحكومة العراقية والمنطقة والعالم، ودور الزعيم الملا مصطفى بارزاني في الدفاع عن مبدأ السلام والاخوة بين الطوائف.

وبشأن القضية الكوردية والدفاع عن حقوقها والنضال والتضحية من أجلها، شدد الاكاديمي والمفكر العربي عبدالحسين شعبان على أن القضية الكوردية قضية شرعية وعادلة للشعب الكوردي، موضحاً أن القضية الكوردية خطت خطوات كبيرة، وكانت هذه الخطوات الكبيرة نتيجة لعاملين، أحدهما هو أن "قسماً كبيراً من الرأي العام يدعم القضية الكوردية، والكورد أنفسهم يصرون على الدفاع عن قضيتهم"، مشدداً على أن القضية الكوردية خرجت من عمامة الخالد ملا مصطفى بارزاني أولاً وقبل كل شي شخصيته القوية، والاجيال المتعاقبة من هذه الاسرة العريقة، ومكانته الدينية والاجتماعية، وشجاعته والتضحيات التي قدمها باستمرار، كل هذه الصفات جعلت من القضية الكوردية قضية محورية في النضال العراقي.

وعن الموقف السلبي لجميع الحكومات والانظمة المتعاقبة في العراق تجاه القضية الكوردية وحقوقه ومطالبه، قال المفكر عبدالحسين شعبان "هذا الموقف السلبي يعود الى الفكر الشوفيني العنصري"، مضيفاً أنه في سنة 2001 صدر قانون من مجلس قيادة الثورة يقول "المواطنون الذين سجلوا جنسيتهم كمواطنين غير عرب، يحق لهم الحصول على الجنسية أو تغييرها الى العربية"، وعندما صدر القانون كان العراق يعاني من عقوبات اقتصادية ومهمش دولياً، ومع ذلك لم ينسى الغطرسة والشوفينية القومية، لذلك واجه الكورد بؤساً حقيقياً على مستوى التجريد من الجنسية ومصادرة ممتلكاتهم والطرد خارج العراق ومجزرة الانفال والقصف الكيمياوي وتدمير القرى.

وأكد المفكر والاكاديمي العربي عبدالحسين شعبان "ان دور بارزاني الخالد كان كبيراً في عدم تحويل الحرب بين الحركة التحررية الكوردية والحكومات العراقية الى حرب بين الكورد والعرب"، مضيفاً أن "المستشار النمساوي كرايسكي وصف ثورة أيلول بأنها ثورة نظيفة، معزياً ذلك الى حقيقة أن الحركة التحررية الكوردية لم تتحول الى عمليات إرهابية"، وكان الخالد ملا مصطفى بارزاني يصر دائماً على أن "هذه الحرب ليست بين الكورد والعرب، وليس هناك كوردي قتل لانه كوردي، ولم يُقتل عربي لانه عربي، هذه حرب بين الحركة التحررية الكوردية والحكومات والانظمة العراقية".

وأشار الاكاديمي والمفكر العربي عبدالحسين شعبان الى أنه سمع من الرئيس مسعود بارزاني أنه بعد محاولة إغتيال الخالد ملا مصطفى بارزاني سنة 1971 التي نظمها ناظم كزار والحكومة العراقية، كانوا قد تلقوا معلومات استخبارية وأمنية لتنفيذ عملية قوية رداً على محاولة اغتيال دالبارزاني الخالد، والتي كان من الممكن أن تستهدف أحد كبار قادة العراق، إلا أن بارزاني الخالد حذره من تنفيذ هكذا عمليات، وغضب وتوتر، وبعدها استأذن وذهب لإقامة الصلاة، وبعد الصلاة أنذرنا بشدة من تنفيذ العملية، لانه ظن أن العملية ستتسبب في مقتل واصابة الابرياء.

وسلط الاكاديمي والمفكر العربي الضوء على مثال آخر لاحدى مواقف الخالد ملا مصطفى بارزاني التأريخية، الموقف له بُعد عربي مهم، فقد تم إبلاغ بارزاني الخالد من خلال مرسال بأن الحرب العربية الاسرائيلية قد حدثت أو ستحدث قريباً، في إشارة الى حرب عام 1967، طلب بارزاني الخالد حينها وقف جميع العمليات العسكرية، قائلاً أنه لا ينبغي أن تكون هناك أي مواجهة مع الحكومة العراقية، حتى تتمكن الحكومة العراقية من التركيز بشكل أكبر على الحرب العربية الاسرائيلية.

وأوضح عبدالحسين شعبان "ان القضية الكوردية ستبقى محور النضال العراقي، والنضال كان من أجل القضية ومشكلة الحكم، جزء من المشكلة الاولى هي أنها كيفية الحصول على الحقوق على أساس القانون للقومية الثانية في العراق، والذي يتضمن حق تقرير المصير في لحظة تأريخية، وقد رفعت شعارات حق تقرير المصير منذ ستينيات القرن الماضي، وفي أوائل التسعينيات من القرن الماضي وبعد أن نجح الكورد في تشكيل البرلمان والحكومة ومنطقة آمنة ومستقرة، رفعوا شعار "الديمقراطية للعراق والفدرالية لكوردستان"، وهذه كانت قناعة بعض الاطراف السياسية في المعارضة العراقية، فبعضهم قبل الشعار بتردد والبعض الاخر كان يثق بالشعار ثقة كاملة، ثم توسعت تلك الثقة بحيث عندما وقعت أحداث 2003 تمت عملية تغيير المواقف تجاه القضية الكوردية بطريقة مخطط لها، لذلك، هذه الرؤية تحتاج الى التنفيذ ويجب ربطها بين النظرية والتطبيق، أي ربط المبادئ العامة بالممارسة.

وأكد الاكاديمي والمفكر العربي "ان العامل الاقليمي يخشى شيئين مهمين وهما، الاول هو أن الدول الاقليمية يخافون من نجاح التجربة الكوردية في إقليم كوردستان ويعتقدون أن نجاح التجربة الكوردية سيؤدي الى نقل تلك التجربة الى أجزاء أخرى من كوردستان في شرق وشمال وغرب كوردستان، وبعدها يخرج المواطنون بالمظاهرات ويطالبون بحقوقهم مثل كورد العراق، أما الثاني هو أن هذه الدول يريدون أن تبقى الدولة العراقية ضعيفة، وأي صراع بين الحركة التحررية الكوردية والدولة العراقية سيضعف الدولة العراقية والحركة التحررية الكوردية، ولذلك يمكنهم من ناحية إغلاق الحدود أمام الحركة الكوردية، ومن ناحية أخرى يضعفون الدولة العراقية، ومن ثم كلما ضعفت الدولة العراقية زادت قدرتهم على التسلل الى الاراضي العراقية، وهذه أيضاً قراءة للتأريخ ولكن مهما كانت قوة العراق، فإن القوة لا تعني القوة العسكرية أو القمعية، وإنما تكمن القوة الوطنية في ممارسة الحقوق في المساواة والحرية والعدالة وخاصة العدالة الاجتماعية، فالقوة في الشراكة والمشاركة في البلد".

وشدد عبدالحسين شعبان على أن الملا مصطفى بارزاني ليس فقط زعيم الشعب الكوردي في العراق، وإنما زعيم الامة الكوردية، وتأثيرة على الشعب الكوردي في الدول المجاورة والعالم، لذلك نال لقب الزعيم والشخصية القوية، على الرغم من نضال وتضحيات عائلته وعشيرته وكل ما حل بهم من بؤس، حيث خسرت عشائر بارزان 8000 بارزاني في عمليات الانفال ولا أحد يعرف مصيرهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى عند ربط القضية بشخصية بارزة وجذابة وخاصة في دول العالم الثالث، الذي مر بفترات صعبة، على سبيل المثال تم سجن الخالد ملا مصطفى بارزاني مع والدته في الموصل عندما كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات، وقد عمل الزعيم الخالد في جميع أجزاء كوردستان.

كما أكد الاكاديمي والمفكر العربي على أن الدولة العراقية ومنذ تأسيسها اتبعت أيدولوجية مناهضة لحركة التحرر الكوردية، وفي بعض الاحيان بشكل أكثر عمومية ضد الشعب الكوردي بأكمله، وقد تم دمج هذه الثقافة المعادية للكورد في المناهج التعليمية، كما أن الانظمة العربية الاخرى بما في ذلك دول في المنطقة، تتبع نفس المسار، وهو أحد أسباب رد الفعل الكوردي، حيث شعورهم بضيق الافاق الوطنية كشعورهم بالتهميش ضد الشوفينية والغطرسة.

أما بشأن القانون الدولي وتطبيقه بما يخص القضية الكوردية وتقرير المصير، ولماذا لا تمتثل الدول للقانون الدولي في هذا الشأن ولا تطبقه كما هو، قال عبدالحسين شعبان "هناك مصالح دولية معقدة والسياسة في نهاية المطاف هي تضارب في المصالح، منذ بداية العالم وحتى نهايته هناك تضارب واتفاق على المصالح، وفي اللحظة الدولية المعينة صراع المصالح لم يؤدي الى الاتفاق للوصول الى تمكين الشعب الكوردي من تقرير مصيره بنفسه وبالشكل الذي يختاره وبالطريقة التي يختارها، وهذا أيضا خاضع لعدد من الاعتبارات، توازن القوى ونمو حركة في بلدان المنطقة تؤمن بحقوق الشعب الكوردي وفي حقه بتقرير المصير، وكذلك مدى تطمين الكورد والقيادات الكوردية لشعوب ودول المنطقة وللمجتمع الدولي، بأن وجود كيان كوردي مستقبل سيكون عامل استقرار وسلام وليس عامل تهديد.